هل وصل سقف الحرية والديموقراطية وحرية الاحتجاجات في إيران لدرجة أن عددا كبيرا من المتظاهرين يحاصرون سفارة أو قنصلية دولة مسلمة وجارة بمكانة المملكة العربية السعودية ويقومون بالدخول إلى محيطها ومن ثم إلى داخل المكاتب ويقومون بإحراق وسرقة بعض محتوياتها دون أن يكون للشرطة الإيرانية أو أجهزتها الأمنية القدرة على التصدي لهم؟ دعونا نسأل سؤالا آخر وهو: لماذا لم نر الكثير من علامات التعجب والاستغراب من الكثير من المحللين السياسيين حول العالم بعد دخول شرذمة، معروف من قام بتسهيل أمورهم، للاعتداء على مقر بعثة دبلوماسية سعودية في إيران؟ الجواب ببساطة هو أن إيران هي الأكثر في العالم فيما يخص التعدي على البعثات الدبلوماسية. ولعلم القارئ فالتعدي على بعثة دبلوماسية في أي بلد دون وجود حماية للممثلين الدبلوماسيين يعتبر أكبر إشارة لضعف الدولة التي يقع فيها الاعتداء. فهذا ما تقوم به الدول التي تكون أجنحتها متكسرة. مشكلة إيران الأساسية هي أنها دولة لا تستطيع العيش دون خلق أعداء أو الإيحاء بوجود مناوشات مع الغير. ولكن ما الذي يجعل دولة مثل إيران في الوقت الحالي تقوم بمناوشة الغير. فإيران شاءت أم أبت لا يوجد لديها صداقة دبلوماسية راسخة مع الكثير من الدول في وقت الكل يعلم ما تمر به إيران في الداخل لدرجة أن الكثير يفكر في آلية من الممكن أن يرجع فيها الحكم الشاهنشاهي الذي تمت الإطاحة به قبل عدة عقود. ولكن دعونا نسأل سؤالا الكثير لا يعرف خفاياه: هل إيران تريد شراء الوقت بسبب عدم اتفاق الكثير من الملالي في الداخل الإيراني حيال من سيخلف آية الله خامنئي؟ والأكثر تعقيدا هو أن إيران الدولة وشعبها مستعدة للاستمرار في نظام (ولاية الفقيه) في وقت تحدث فيه التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بصورة بدأ فيها الشباب الإيراني نبذ الكثير مما يؤمن به الكثير في إيران. والآن وفي حدث أصبح حديث العالم فقد قامت المملكة بمبادرة منها بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران في حادثة ليست الأولى فيما يخص العلاقة بين البلدين. ولكن هذه المرة تختلف الظروف كون المنطقة بأكملها تعج بعدم استقرار، جزء كبير منه بسبب ما تفعله إيران علنا. فالكل يعلم ما يجري في لبنان وسوريا والعراق واليمن وغيرها من الدول التي تحاول إيران جاهدة ألا ترى استقرارا وهدوءا سياسيا. ولكن في نهاية الأمر ما قامت به المملكة هي رسالة قوية وخطوة لتعلم إيران من خلالها بأن المملكة لا تسمح ولن تسمح لأي كائن من كان بالتدخل في شؤونها الداخلية أو الاعتداء على بعثاتها الدبلوماسية والذي هو في الحقيقة يعتبر اعتداء على أراضيها حسب الأعراف والبروتوكولات الدولية. والأغرب في الأمر هو تركيز إيران على مناوشة الغير في وقت تعاني فيه الكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الداخلية. ولكن من الواضح أن إيران أرادت أن تشغل الداخل الإيراني بتأجيج العالم الخارجي.