قال الوزير الفلسطيني لشؤون القدس عدنان الحسيني: إن المملكة العربية السعودية كانت ولا تزال السند والداعم للقيادة الفلسطينية وللشعب والقضية، وقد أكد الملك سلمان بن عبد العزيز، على هذه المواقف الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس، خلال لقائه الرئيس محمود عباس أبو مازن، الأخير . وأضاف الحسيني في لقاء خاص ب(اليوم ): إن المملكة العربية السعودية لم تتأخر في دعم السلطة الوطنية الفلسطينية، دائما سباقة لتقديم المساعدة، وهي تؤمن بأن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى وأن السلام في هذه المنطقة لن يكون إلا بحل عادل يحفظ الحقوق ويعيد المقدسات. وشدد الحسيني على أهمية التحالف الإسلامي وجمع كلمة المسلمين وتوحيد الصف، لمواجهة التحديات الجسام التي تواجه الأمة العربية والإسلامية، التي أصبحت، اليوم، في أمس الحاجة لهذا التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، لما لها من مكانة عربية وإسلامية وإقليمية ودولية، واصفاً وضع الأمة بالكارثي والصعب. وقال: إن القيادة الفلسطينية في أمس الحاجة إلى وحدة العرب والمسلمين، وهذا التحالف العربي الإسلامي القوي الذي نأمل أن يعيد للعرب المسلمين هيبتهم ومكانتهم ومجدهم. وتالياً نص الحوار: * كيف تصف الوضع في القدس؟ إن ما يجري في المدينة من أسرلة وتهويد أمر خطير ويسير بتسارع لافت، وإسرائيل لديها الإمكانيات الهائلة لتغيير كل ملامح المدينة والمنطقة، وأن تبني المستوطنات، وأن تعتدي وتهود القدس، وترصد لهذه الغاية مليارات، في المقابل، نحن نعيش واقعا ببرنامج مالي وبموازنات شبه رمزية ومبالغ لا تذكر مقارنة بعدد الفلسطينيين واحتياجاتهم، فالمبالغ بسيطة جداً، نتكلم عن 3 إلى 3 ونصف مليار دولار لكل فلسطين وهي مبالغ بسيطة جدا. وإن على الأمة أن تعي أننا إذا كنا نريد الانتصار في معركة القدس فعلينا أن نضع الأموال من أجل بناء البنى التحتية لمواجهة الاحتلال، الإنسان موجود، فهناك شباب ورجال على استعداد للمقاومة، ولكن لتمكين الشباب من الصمود والمواجهة يجب أن نؤمن مقومات الصمود، مثل أن يكون لهؤلاء الشباب بيوت وأعمال، فمعظم مؤسساتنا في وضع صعب يستجدون المصاريف والفرص القليلة ولا يجدونها . وبالنسبة للسلطة، فإنها تقوم بالدعم عندما يتوافر لديها المال، وإن توافر بعض الدعم مقارنة بالاحتياجات غير كاف، وأعتقد أنه لا بد أن يكون هناك برامج للإنسان الفلسطيني لدعمه بالعمل والمشاريع الاقتصادية، وأن يكون له مسكن ومدارس لتعليم ابنائه، هذه البنى التحتية في أي بلد في العالم لتمكين الناس من العيش فيها بسلام، أما في حالتنا فنحن نريد حماية هذا الوطن وإيقاف الهجوم الاحتلالي علينا، وبالتالي يجب أن تكون بنيتنا قوية حتى نستطيع أن نقف . ويعمل الاحتلال على تهويد ومهاجمة التعليم والسيطرة على المؤسسات الصحية، فمعظم الوقت تعاني مؤسساتنا الصحية من العجز وعدم وجود المعدات والأجهزة، علماً أنه من المفترض ألا نعاني منها، ولا نفتقر إليها، كوننا جزءا من الأمة العربية، وهذه المعاناة تضعف المقاومة الفلسطينية والوجود والصمود، فعندما يكون الفلسطيني غير قادر بالبقاء على أرضه، ويبدأ بالتسرب إلى خارج حدود القدس كي يستطيع الإنفاق على نفسه وعائلته. ولتعلم، فإن المقدسي خارج حدود القدس يعيش باقتصاد فلسطيني، أما في القدس فيعيش باقتصاد إسرائيلي، والفرق بين الاثنين واحد لعشرة، إن لم يكن واحد لاثني عشر، حتى لو لم يكن هناك ممارسات قمعية ضاغطة من قبل الاحتلال مجرد الوضع الاقتصادي سيسبب هجرة ". إن الانتماء موجود ولكن يبقى أن نحافظ على الإنسان الفلسطيني، لدينا إيمان وحب للأرض وانتماء، وأثبت المقدسي أنه يحافظ على المقدسات التي تعتبر مقدسات الأمة العربية والإسلامية جميعها وليست فقط مقدسات فلسطين، يحافظ عليها بصدره العاري ومقاومته، وهو الحارس الأمين لتراث الأمة وتاريخها ومقدساتها. * ماذا بشأن الدعم الغربي لإسرائيل ومقارنته بالدعم العربي للفلسطينيين؟ الدول الغربية تدعم إسرائيل بالمال والأسلحة, وبالغواصات، من أجل سرقة الغاز الفلسطيني الذي يسرق بأيدي إسرائيلية من البحر المتوسط، وترصد الغواصات لحمايته، هذه المعادلات يجب أن تتوقف، وأن يكون للأمة الإسلامية كلمة أمام العالم، فهي أمة إمكانياتها كبيرة وقادرة أن يكون لها موقف سياسي وكلمة، ولكنها مع الأسف مغيبة سياسيا، لا ينظر إليها ولا لأفعالها أحد في العالم. وما يرسل للفلسطينني يكاد أن يكون رمزياً، فيما تأتي إسرائيل كل الأموال من كل صوب، وهي قوية اقتصادياً وعسكرياً أصلا، فكيف يمكننا أن نتوقع أنه سيكون هناك نتيجة إيجابية لحماية الأرض الفلسطينية وحماية القدس والمسجد الأقصى المبارك، المعادلة لا تكبر فهناك فارق شاسع جدا. وعندما نعلم أن إسرائيل تمتلك خمس غواصات تحمل رؤوسا نووية لحماية الغاز في البحر المتوسط بعد سرقته، وهناك غواصة أخرى ستنضم إليها في العام المقبل، والذي يمول هذه الغواصات هي الدولة المصنعة (المانيا)، أين نحن من كل هذا ؟، الآن يتم مسحنا من دون أية ردة فعل أو سؤال، في الوقت الذي تقوم إسرائيل بمعارضة إرسال سلاح للسعودية ولمصر ولا يسمحون لأي أحد بالتحرك ؟، أين نحن من هذا الإمعان في تقوية إسرائيل على حساب دمائنا ودماء أولادنا، لذا القضية هي قضية الأمة التي يجب أن تكون قادرة ولها صوت وكيان وصورة في العالم، الآن امتنا ليس لها خارطة حتى وهي تفتت نفسها بيدها. * كيف تشخص حالة العالم العربي؟ إن الحرب القائمة اليوم، تشبه الحرب العالمية، ولكن ليست دولا تقاتل بعضها إنما هي نفس الدولة العربية تأكل نفسها، والمستفيد الوحيد هي إسرائيل والاستعمار، ومع الوقت نحن نتراجع وإسرائيل تتقدم . ليس لدينا كلمة واحدة، ولسنا قوة واحدة موحدة، فلا يوجد توجه من أجل أن يكون هناك أمة قوية، بل كل دولة تنظر لنفسها فقط وتعتقد أنها ستكون قوية بذاتها، ولكن هذا غير صحيح، فلا يوجد دولة واحدة قوية، لأن عملية إضعاف الدول تأتي بالدور، فهم يقومون بإضعاف الدولة تلو الأخرى، هناك حروب في ثلث المنطقة، أنا أعتقد أن كل الأمة في وضع صعب وكرب، والأمور تزداد لغياب الاستراتيجية والتصور لإصلاح الوضع . * هناك انتقادات توجه للتعامل مع ملف مدينة القدس بمرجعيات متعددة من قبل السلطة الفلسطينية؟ " هناك اللجنة الوطنية العليا لشؤون القدس برئاسة الرئيس محمود عباس، وفي غياب الرئيس وتضم المؤتمر الشعبي، ووزارة شؤن القدس والمحافظة، وبكدار ومستشار رئيس الوزراء لشؤون الصناديق العربية والإسلامية، ومسؤول ملف القدس في منظمة التحرير الفلسطينية أحمد قريع، أعضاء هذه اللجنة يجتمعون ويقررون معاً، والجهة التنفيذية هي وزارة شؤون القدس. وهذه اللجنة هي التي تخطط وتحدد الأولويات والميزانيات والاستراتيجيات، ولكن نظراً للمتطلبات الكثيرة التي لا نستطيع بقدراتنا الذاتية تلبيتها، يظهر للعيان أن كل جهة تعمل وحدها ولا شيء ينفذ، مشيراً إلى أن ما يتم تنفيذه لا يكفي ولكن هذا في حدود إمكانياتنا ". والقضية ليست قضية مرجعيات، فالخطط والبرامج والمشاريع والمؤسسات والأفكار الإبداعية موجودة كافة ولكن ينقصنا الميزانيات والأموال اللازمة للعمل . والمشكلة في كيفية توفير الأموال التي وعد الأشقاء العرب والمسلمون، بتوفيرها للقدس، من بينها قمة سرت التي تعهد العرب خلالها ب500مليون دولار، وقمة الدوحة تعهدوا بمليار دولار ولم يصل منها شيء ، في المقابل ترصد إسرائيل وحلافاؤها مليارات الدولارات من أجل تهويد المدينة وتعزيز الاستيطان فيها وترسيخ ضمها، وإبعادها عن عمقها في الضفة الغربية . * كيف تنظر لمستقبل القدس ومقاومة التهويد والتي من بينها البلدية الفلسطينية الموازية للبلدية الإسرائيلية لتقديم الخدمات للمقدسيين وتعزيز صمودهم ؟ هناك طروحات جرى مناقشتها، والمشكلة في القدس قضية سياسية وليست اقتصادية وخدمات فقط، ستستغل إسرائيل ذلك، ولنا في إخواننا الفلسطينيين في الداخل 1948 الذين لهم 67 عاماً يديرون بلدياتهم بأنفسهم ويواجهون نفس المشكلة وكما نشتكي هم أيضاً يشتكون ويعانون مما نعاني، فقضية البلدية الموازية ستكون على حساب البعد السياسي الذي هو جوهر القضية أن القدس مدينة محتلة كباقي الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. كما أن الدخول في انتخابات بلدية إسرائيلية يؤدي إلى منزلق سياسي خطير، فالدخول والحصول على 10مقاعد مثلاً من 30 أو 35 مقعدا في مجلس بلدي الغالبية فيه من المتدينين المتطرفين من الذين لا يعترفون بوجود الفلسطينيين، لن يكون لدخولنا تأثير لا بل سيفسر أن المدينة موحدة وأن هناك عملا مشتركا بين الاحتلال والشعب الرازح تحت الاحتلال وهو ما لن يكون، قضيتنا سياسية لا بد من حلها على المستوى السياسي. * ماذا عن موازنة القدس التشغيلية والتطويرية؟ لقد قدمنا موازنة خاصة للمدينة للحفاظ على مؤسساتها والنهوض بوضعها تعادل تقريباً 428مليون دولار لمدة 3سنوات، وهو مبلغ بسيط بالنسبة للكثير من الدول العربية والإسلامية، تناولنا فيه قطاعات المدينة واحتياجاتها من قبل خبراء حددوا هذه الاحتياجات والأولويات. ولقد عملنا على تلك الخطة أشهرا طويلة، وللأسف لم يرصد شيء بعد كل هذه السنوات لو أردنا أن نبحث من جديد في موازنة للقدس المبلغ سيقفز إلى الضعف نظراً لتراكم الاحتياجات والعجز المتزايد وبعد عامين سيصبح ثلاثة أضعاف، فالمشكلة أننا نضع الخطط والبرامج ولكن لا ننفذ منه إلا الأمر اليسير الذي لا يؤثر. و" بعد قمة سرت العربية لم يصل القدس إلا 36 مليونا، وكذلك قمة الدوحة وصل بعض ما رصد إلى قطاع غزة، وهذا لا يعقل ويدل على عدم اهتمام بالقدس وما يقوم به الاحتلال من تهويد للمدينة وضياع للمقدسات ". ونحن محاصرون، لا نستطيع التحرك في اكثر من 60 ٪ من أرضنا والقطاعات التي نتمكن التحرك فيها ضمن الحصار، فكل حي محاصر بشكل أو بآخر، وكل مشروع لابد أن تحارب من أجل تنفيذه، الحرب مستعرة ضد المقدسي حتى يضعفوه ويجبروه على الرحيل طوعاً أو كرهاً، والحرب الإسرائيلية على كل ما هو عربي فلسطينيبالقدس وأن صد هذه الحرب بحاجة إلى مقاومة ومدافعين، والحمد لله، المدافعون موجودون وشرسون في تشبثهم بأرضهم ومقدساتهم، ولكن مقومات الصمود المادية غير متوافرة وهذا ما نتطلع به من إخواننا العرب والمسلمين. وقال: إن الفلسطينيين في اللحظة التي يستعيدون فيها أراضيهم سيستغنون عن الدعم والمساعدة وسيعتمدون على أنفسهم، وهذا ما كان يعتقد عندما وقعت القيادة الفلسطينية على اتفاق أوسلو، خلال 5سنوات من أوسلو أي في العام 1999ينتهي الاحتلال وتعود الأرض إلى أهلها، وللأسف دمرت إسرائيل هذا المسار وتمسكت باحتلالها واستيطانها في القدس. واستدرك قائلاً: رغم كل الإجراءات والممارسات الإسرائيلية غير الشرعية انظر إلى البناء ومستوى المؤسسات الفلسطينية في القدس والكوادر والكفاءات، هذا في ظل الاحتلال فكيف لو توافرت الموازنات، ونفذت البرامج والخطط الموضوعة، وخير دليل ما نفذ في القرى والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية من مشاريع البنى التحتية والمدارس والعيادات. مؤكداً أن الشعب الفلسطيني قادر على بناء دولة قوية عصرية وعاصمتها القدس إن شاء الله، إذا تمكن من الحصول على حقوقه وأراضيه . وقال: إن الاحتلال الإسرائيلي يمنعنا من الوصول إلى الغاز الطبيعي قبالة شواطئ قطاع غزة المحاصرة، منذ العام 2007، وهو يكفي فلسطين ويمكن أن يصدر إلى الخارج بمليارات الدولارات، كذلك لدينا آبار بترول شمال مدينة رام الله، إسرائيل تسرقه وتبيعنا منه ،60 ٪ من الضفة الغربية المصنفة C تحت الحكم العسكري لا نستطيع زراعتها أو دخولها، وإن زرعنا فيها شجرة يقوموا بخلعها أو حرقها . والوضع الفلسطيني صعب ومعقد، ولولا أن هذا الشعب ، شعب صابر مرابط، مصمم على نيل حقوقه لتمكن الاحتلال من ابتلاعه، ولكن التصميم والشجاعة والإصرار أثمر واقترب من تحقيق تطلعاته بالرغم من كل الجرائم والغرور والعنجهية الإسرائيلية سيتحقق هدفنا بالدولة المستقلة وعاصمتها القدس . ورغم التهجير والتنكيل والاستيطان وجلب آلاف المستوطنين، فعدد اليهود 6ملايين وعدد الفلسطينيين 6 ملايين، هم يرفضون الحل السياسي وحل الدولتين، وهم الخاسرون، المستقبل لنا، وكل الدلائل تشير إلى ذلك. هل يخططون لحل الدولة الواحدة ؟هم الخاسرون أيضاً، سيصبح البرلمان غالبيته من الفلسطينيين والرئيس فلسطيني هل يقبلون بذلك ؟لا أعتقد ذلك، فالحلول التي يرفصها الجانب الإسرائيلي هي الفرص الأخيرة لهم، وإلا فالمستقبل سيثبت غباء سياستهم . إسرائيل أخطأت في التعامل مع الفلسطينيين, فخلقت مجابهة حتى مع فلسطينيي الداخل 48، لسنا في أحسن أوضاعنا ولكن الطرف الآخر ليس في أحسن أوضاعه، وبالتالي فإن الأيام القادمة مهمة جدا وعلى الفلسطينيين أن يتوحدوا ويضعوا الاستراتيجيات لمواجهة هذا الاحتلال الظالم وأن تساعدهم الدول العربية القادرة لينجحوا في هذه المعركة، إذا ربحت الأمة العربية جبهة فلسطين سيعتبر هذا مكسبا كبيرا قد يساعد في إنهاء الكثير من المشاكل القائمة وأولها الحرب ضد الإرهاب.