عودة تقلبات السوق في الأسبوع الماضي لا ينبغي أن تشكل مفاجأة كبيرة؛ نظرا للتقلب غير العادي في العوامل الاقتصادية والسياسية والجيوسياسية في جميع أنحاء العالم. اتسم العام الماضي بحالات ارتفاع عرضية في التقلب، إما على شكل مكاسب حادة في أسعار الأصول أو ،كما كانت الحال في الأسبوع الماضي، السقوط الحاد. كما أن عام 2016 يعد بالشيء نفسه ولكن بمستويات أعلى بكثير، وهو ما ينبغي أن يضطر المستثمرين إلى إيلاء اهتمام أكبر لديناميات نقاط الانقلاب المحتملة. السؤال الأساسي هو ليس ما إذا كانت تقلبات السوق آخذة في الارتفاع. لأنها فعلا آخذة في الارتفاع. بدلا من ذلك، عدم اليقين الرئيسي هو ما إذا كانت الطفرات التي تحدث من وقت لآخر سوف يتبين أنها مؤقتة ويمكن عكسها على حد سواء، وعلى وجه الخصوص، ما إذا كان حقن السيولة من مصادر القطاعين العام والخاص سوف يستمر في تحقيق الاستقرار السريع لظروف السوق، وإلى متى. فيما يلي تسعة جوانب لمسألة التقلبات، التي تترتب عليها آثار مالية واقتصادية على حد سواء: 1. نوبات التقلبات من المتوقع أن تحدث، نظرا للأسس الفاترة للاقتصاد العالمي، والسياسة الوطنية التي تتأثر بشكل كبير من قبل الحركات المناهضة للمؤسسة، ومن قبل عدد من جوانب عدم الاستقرار الجيوسياسي والتهديدات. تفاقمت حالة عدم الاستقرار الأخيرة في الأسواق المالية نتيجة قرار الاحتياطي الفدرالي برفع أسعار الفائدة قبل أسبوع، الأمر الذي أكد على التباعد في السياسات النقدية التي تقوم بها البنوك المركزية الأكثر تأثيرا في العالم. هناك أيضا دور للمخاوف بشأن حوادث السوق، في أعقاب الأخبار التي أفادت بأن صندوقين على الأقل من صناديق سندات الشركات قررا وضع قيود على المبالغ التي يستطيع المستثمرون استردادها من الصندوق. 2. تتضخم نوبات التقلبات هذه بسبب سيولة السوق الهشة التي تسببها الشهية المحدودة إلى حد ما (والقدرة التنظيمية) للسماسرة والمتعاملين على تقديم ميزانياتهم بطريقة تقوم على معاكسة الدورة. هذه الظاهرة تزداد سوءا في الوقت الذي يستعد فيه هؤلاء الوسطاء لإغلاق سجلاتهم لهذا العام. 3. التقلب المفرط، وخصوصا عندما يرتبط مع الحركات الهبوطية الحادة في أسعار الأصول، يضر بالاقتصاد الحقيقي لثلاثة أسباب: عن طريق زيادة العزوف عن المخاطر بين كثير من المستثمرين، وبالتالي الحد من تدفق رؤوس الأموال إلى الأنشطة الإنتاجية. ومن خلال التهديد بنهج «قمع التقلب» الذي قامت البنوك المركزية باستخدامه لتشجيع زيادة الاستهلاك والاستثمار. ومن خلال المخاطرة بتخفيض الرفع المالي بطريقة غير منضبطة، وفي بعض الحالات، تصفية المستثمرين الذين تجاوزوا قدراتهم من حيث تغطية الهامش. ومن خلال التهديد الناتج بحدوث حالات «التوقف المالي المفاجئ». 4. المخاوف بشأن التقلبات المفرطة هي أكبر كثيرا عندما تقترب الأسواق من النقاط الحرجة (نقاط الانقلاب). قطاعات السوق الثلاثة -الطاقة والسندات ذات العوائد العالية وعملات الأسواق الناشئة- هي مقلقة منذ الآن. نوبات أخرى قد تأتي إذا كانت نوبات التقلب والسيولة تصبح أكثر تواترا، وأكثر وضوحا وأصعب في عكس مسارها بسرعة نسبيا. 5. مع قيام الأسس الاقتصادية والشركات بالمعاناة من أجل التحسين بسرعة كافية، تقع مهمة تحقيق الاستقرار مرارا وتكرارا على عاتق ضخ السيولة من مصدرين: البنوك المركزية، بما في ذلك من خلال استخدام برامج شراء الأصول على نطاق واسع؛ والشركات، التي استخدمت النقدية الموجودة في ميزانياتها من أجل عمليات إعادة شراء الأسهم، ودفع أرباح أعلى وتنفيذ عمليات الاندماج والاستحواذ. 6. كلما كان التقلب السلبي واضحا، يسارع بعض المشاركين في السوق إلى دعوة البنك المركزي للتدخل لاستعادة الهدوء. حدث هذا يوم الجمعة عندما اقترح البعض أنه يجب على الاحتياطي الفيدرالي إلغاء قراره برفع سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس والذي نفذه قبل يومين فقط. 7. الاحتياطي الفيدرالي ليس في عجلة من أمره لتغيير اتجاهه. في الواقع، من المرجح كثيرا أن يرفع أسعار الفائدة مرة أخرى بدلا من أن يخفضها. على الرغم من أن البنوك المركزية الأخرى - بما في ذلك البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان وبنك الصين الشعبي - سوف تضغط بقوة أكبر على بدالة تسريع التحفيز، إلا أن السياسات المتباعدة الآن بين صناع السياسة النقدية العالمية توفر دعما أقل لقمع أسعار الأصول بشكل عام. نتيجة لذلك، فإن قدرا أكبر من عبء الاستقرار سوف يقع على عاتق استخدام السيولة من قبل الشركات. 8. هذه التركيبة هي أقل دعما بكثير للأسواق المالية، والتي سوف تعمل في إطار من التقلبات العالية - على الرغم من استمرار ضخ السيولة من الشركات والبنوك المركزية، حتى لو كانت هذه هي عند مستوى أدنى على مستوى العالم. 9. مع استمرار النمو العالمي في التباطؤ، وفي الوقت الذي تكافح بعض الاقتصادات الناشئة ذات الأهمية النظامية لتحقيق الاستقرار الكامل، لا ينبغي لنا أن نتوقع من الأساسيات الاقتصادية والمؤسسية أن تلعب دور عامل الاستقرار الحتمي بما فيه الكفاية لأسواق الأصول - وهذا يتم دون الأخذ بعين الاعتبار آثار التطورات الوطنية والجيوسياسية. تمر الأسواق المالية الآن في مرحلة الانتقال من عالم عملت فيه عمليات حقن السيولة (الفعلية والمتصوَّرة في الأذهان) من الناحية العملية على قمع التقلبات، إلى عالم يعمل في ظل نظام تشغيلي جديد. نتيجة لذلك، السؤال الخاص بعام 2016 وما وراءه ليس ما إذا كانت نوبات التقلب سوف تكون أكثر تكرارا، وفي بعض الحالات أكثر عنفا، مما حدث في السنوات القليلة الأخيرة. لأنها ستكون فعلا كذلك. التحدي سيكون في رصد نقاط الانقلاب في أجزاء السوق المختلفة، إلى جانب ما يرتبط بها من تدافع الأسعار إلى الأسعار والعدوى غير اللازمة في فئات الأصول.