كان هذا أسبوعا عنيفا مليئا بالتقلب، وهناك أمور كثيرة بحاجة إلى الحديث عنها. لذلك دعنا ندخل في الموضوع مباشرة بسؤال لا بد أنه يدور في أذهان كثير من المتداولين. بالنظر إلى التطورات الضخمة المفاجئة في الأصول الخطرة في النصف الثاني من هذا الأسبوع، هل من الممكن أن الاحتياطي الفيدرالي لا يزال سيقرر رفع أسعار الفائدة في سبتمبر إذا صمدت البيانات الاقتصادية؟ لا أظن ذلك. أعتقد أنه سوف ينتظر فترة أخرى. علينا ألا ننسى أن الاحتياطي الفدرالي يرغب في تجنُّب التقلبات المالية المفرطة وعدم الاستقرار في الأسواق. الواقع أنه خلال السنوات القليلة الأخيرة كان يعمل على قمع التقلب من أجل تعزيز أسعار الأصول، باعتبار ذلك طريقة لتشجيع استهلاك الأسر واستثمار الشركات. أغلب ظني أن آخر شيء يرغب في رؤيته مسؤولو الاحتياطي الفدرالي هو إشعال فتيل التقلب المالي خلال فترة من الضعف في الاقتصاد العالمي - هذا على الرغم من أن البيانات تؤكد أن الولاياتالمتحدة مستمرة في الانتعاش وتتفوق اقتصاديا على البلدان الأخرى. بالتالي، رغم أن الأصول الخطرة شهدت تقلبات عنيفة بشكل عجيب خلال النصف الثاني من هذا الأسبوع، ربما لا يكون هذا كافيا ليُطمئن الاحتياطي الفدرالي حتى الآن أن الوقت مناسب لرفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ 9 سنوات. من الواضح أن حركة الأسواق اليوم هي أقل تقلبا مما شهدناه في مطلع الأسبوع. هل نستطيع أن نقول إن الجو أصبح هادئا الآن، أم أن من الممكن أن يُستأنَف التقلب وعمليات البيع؟ نعم. هدأت الأسواق على خلفية قرارات السياسة الاقتصادية التي اتخذتها الصين، والبيانات المتساهلة التي أطلقها بيل دادلي، المسؤول في الاحتياطي الفدرالي الأمريكي (الذي قال إنه لا توجد أسباب قوية توجب رفع أسعار الفائدة الآن)، وبعض البيانات القوية من الاقتصاد الأمريكي. لكن الأسباب الكامنة للتقلب لا تزال موجودة بين ظهرانينا. من هذه الأسباب هناك السعي الصعب نحو النمو الاقتصادي العالي والمستدام، والاعتماد المفرط على البنوك المركزية، وأسعار الأصول المالية التي لا تزال منفصلة عن الأساسيات. من هذا الباب، لا يزال هناك كثير من العلاقات المتبادلة في الاقتصاد والسياسة والتي هي بحاجة لأن تتحقق من أجل تأسيس موطئ قدم متين في الأساسيات ضمن الأسواق، وهذا يجري في بيئة سياسية هي أبعد ما تكون عن كونها مناسبة. وحين تضيف ذلك إلى التغير الهيكلي في سيولة السوق - وهو تغير يقلص من حجم وظيفة التوسط المالي نسبة إلى طلب المستخدم النهائي حين يتغير الأساس التشغيلي للسوق - فإن الآفاق المتوقعة هي حدوث المزيد من نوبات التقلب، وبعضها ربما يكون متطرفا إلى حد كبير. هل العالم مهدَّد بالدخول في ركود عالمي؟ هل هذا أمر ممكن، إذا كان الاحتياطي الفيدرالي يريد رفع أسعار الفائدة والصين تمر في مرحلة من التباطؤ الاقتصادي؟ هذا التهديد لا شك أنه الآن أقوى من قبل. تظل كل من أوروبا واليابان غارقة في مستوى منخفض من النمو يعرضها للضعف. وكما يتبين لنا من بيانات الناتج المحلي الإجمالي في البرازيل، تقريبا كل بلد من الأسواق الناشئة المهمة يمر الآن في مرحلة من التباطؤ. بالتالي يجد الاقتصاد الأمريكي نفسه أنه هو المحرك المعقول الوحيد للنمو العالمي. هذا هو الخبر السيء. البشرى السارة هي أن هناك حلولا في مجال السياسة الاقتصادية - وهي تشتمل على أمور تفوق كثيرا مجرد الاعتماد على البنوك المركزية - وهناك أدلة وافية على أن أموال القطاع الخاص الموجودة على الهامش راغبة في الانخراط. الأمر الأساسي هو التطور نحو عملية سياسية تتسم بقدر أكبر من التمكين. شهد هذا الأسبوع تدفقات خارجة من الأسواق الناشئة على نحو لم نشهد له مثيلا منذ الأسبوع الذي انهار فيه بنك ليمان براذرز. هل نحن قريبون الآن من القاع بالنسبة لأصول الأسواق الناشئة، أم أن أمامنا مسافة أطول لنقطعها؟ كان السبب في التدفقات الخارجة هو الخسائر المتقلبة التي شهدتها فئة الأصول المذكورة. وهذه بدورها عملت على تضخيم الضغوط على أصول الأسواق الناشئة، بحيث حَرَمْتها من رأس المال والسيولة الاستثمارية. بصورة عامة، هذه التدفقات هي علامة على الصعوبات التي تستمر فئة الأصول في التعرض لها أثناء تأسيس قاعدة كبيرة ومأمونة بما فيه الكفاية من «المستثمرين المخلصين للاستثمار». بالتالي، حيث إن التدفقات المتداخلة بين أكثر من فئة هي الآن عامل مهم هامشيا في تحديد الأسعار - خصوصا عن الجوانب القصوى للسوق - فإننا نتحدث هنا عن فئة أصول يمكن أن تتجاوز الجوانب القصوى عند نهايتها العليا أو الصغرى (مثلما يحدث الآن). لذلك في حين أنه تم خلق قيمة لا يستهان بها في أسماء وقطاعات معينة من فئة الأصول، إلا أن المسار المقبل سيكون مضطربا. أشعر بالفضول حول فكرة فك الاقتران. في عام 2008، كان الناس يتحدثون عن فكرة فك الاقتران بين النمو في الصين وبين التباطؤ في الولاياتالمتحدة. الآن أصبح الموضوع بالعكس، حيث يتحدث الناس عن أن الولاياتالمتحدة تستطيع النمو حتى في الوقت الذي تتباطأ فيه بلدان الأسواق الناشئة. فهل تستطيع الولاياتالمتحدة تحقيق النمو رغم كل ما نراه من ضعف في مختلف أنحاء العالم؟ سؤال رائع. وهو ينطق بالكثير عن الفرق بين فك الاقتران النسبي والمطلق. تستطيع الولاياتالمتحدة أن تحقق النمو في الوقت الذي يتباطأ فيه بقية العالم. لكنها ستجد من الصعب تماما عليها أن تواجه الضغط الهبوطي على إمكانيات النمو المستقبلية فيها.