دشن مؤتمر العمل العربي (41) الذي عقد في القاهرة خلال شهر سبتمبر الماضي الشبكة العربية لمعلومات سوق العمل والتي تهدف إلى حل مشكلة البحث عن عمل وتحسين سياسات التشغيل في الوطن العربي من خلال رصد واقع القوى العاملة داخل كل دولة بغية تحقيق التشغيل الأمثل لليد العاملة العربية في ضوء احتياجات أسواق العمل العربية. كما ستحقق هذه الشبكة عددا من الأهداف الإجرائية كبناء نظام عربي موحد لمعلومات سوق العمل، وزيادة التواصل بين أطراف الإنتاج، وتفعيل التعاون والتنسيق مع الأجهزة الإحصائية العربية لتحقيق الترابط بين منتجي ومستخدمي البيانات الإحصائية. ووفقا لخبراء، من المتوقع أن تساهم الشبكة في الحد من الهجرة غير الشرعية بين الدول العربية، وتقليص معدلات البطالة التي تجاوزت نسبتها 17%، بالإضافة إلى إتاحة عرض الوظائف المتاحة لكل دولة والمهارات المتوافرة لديها، والمساهمة في تطوير سياسات التشغيل الوطنية وتشجيع التعاون بين الشركاء الاجتماعيين في تنظيم سوق العمل. والأهم من ذلك أن التحديات التي تبرزها أسواق العمل العربية باتت تمثل تهديدا مباشرا للاستقرار والأمن والسلام الاجتماعي في كافة الدول العربية حتى تلك الدول المستقبلة للعمالة بسبب ما تشهده من تزايد في قوة العمل من مواطنيها مع صعوبة منافسة العمالة الوافدة من حيث المهارة والالتزام مع انخفاض مستوى الأجور. ومع عدم تحقيق برامج التشغيل للوطنيين في معظم الدول المستقبلة للعمالة لما كان متوقعا منها فإن تحديات سوق العمل تمتد لكل دول المنطقة بلا استثناء. فقد باتت نسب البطالة تشهد ارتفاعا متزايدا في معظم الدول العربية حتى في الدول المستقبلة للعمالة وتتزايد هذه النسب كما هو متوقع بين الشباب الداخلين في الفئة العمرية ( 15-24) حيث تصل إلى ما يقرب من 30% بينما في العالم 14.4%، وهذا يعني أن هناك ما يقرب من 4.5 مليون شاب عاطل عن العمل. وبالرغم من أن هذه الظاهرة تكاد تكون عالمية (60 مليون عاطل على مستوى العالم) إلا أن معدلات البطالة بين الشباب تصل إلى مستويات غير مسبوقة فتشير التقديرات الى أن بطالة الشباب في كل من الجزائر 45.6 % والأردن (حوالي 38.9% ) وفي مصر ( 25.8%) والعراق (45.4 %) والسودان (41.3 %)، وهذه البطالة تمثل ما يزيد على 47.44% من مجموع المتعطلين عن العمل في البلدان العربية وإن انخفضت هذه النسبة فهي لا تعني انخفاضا في معدلات البطالة، بل اتساع البطالة لباقي الفئات العمرية مثل حالة المغرب (40%) وفلسطين (42%). ومع التسليم بصعوبة المشكلة إلا أن التجارب العالمية والإقليمية بل وبعض التجارب المحلية تفتح الطريق أمام المؤسسات المسئولة عن سوق العمل للتصدي لتلك التحديات الكبيرة. ولقد أوضحت التجارب الدولية أن نجاح المواجهة يعتمد في المقام الأول على توافر معلومات وبيانات صحيحة ودقيقة وحديثة عن سوق العمل وبما يمكن الباحثين من التعرف على اتجاهات السوق وتحديد نقاط المواجهة الملائمة وأساليب التدخل الفعالة التي يمكن قياس أثرها وتطويرها طبقا لرد فعل السوق. لقد أوضحت التقارير الدولية أن غياب البيانات والمعلومات الدقيقة والشاملة والحديثة يؤدي إلى عدم وجود دراسات جادة في مجالات وقضايا العمل والعمال، كما أن غياب هذه البيانات قد أثر سلبا على مقدرة متخذي القرار في التعامل مع مشاكل البطالة بطرق فعالة، واتخذت العديد من القرارات التي لم تكن هناك آليات لقياس أثرها، وبالتالي لا يستطيع أي باحث أن يقدم تدخلات جديدة للتغلب على عدم فعالية الحلول. وحيث إن المعلومات المطلوبة لإدارة سوق العمل هي معلومات ناتجة عن جهود تعاونية من جهات متعددة فإن ذلك يفرض أن يكون بينها قدر من التجانس والترابط حتى يمكن الاستفادة منها. لذلك جاء المؤتمر الأخير لمنظمة العمل العربية ليطلق الشبكة العربية لمعلومات سوق العمل وذلك في محاولة جادة لتنظيم وتوفير البيانات اللازمة لدعم المؤسسات المسئولة عن سوق العمل وتوفير آليات حديثة للعمل بها وذلك لزيادة قدرتها على المساهمة في تقليل نسب البطالة، وتحقيق التشغيل الأمثل لليد العاملة، وتوفير المعلومات الضرورية لمتخذي القرار وأصحاب الأعمال والباحثين عن وظائف. ووفقا لمشروع تأسيس الشبكة الذي أقر من قبل المؤتمر، سوف تسعى الشبكة إلى بناء شبكة لمعلومات العمل العربية لتوفير البيانات الإحصائية التي تصور واقع القوى البشرية داخل كل دولة، والمعلومات الدقيقة حول السكان والقوى العاملة وتوزيع هذه القوى وفقا للمهن والنوع وفئات السن والحالة التعليمية ومستوى الأجور وبما يحقق التعرف على التغيرات التي يشهدها سوق العمل في كافة القطاعات ورصد اتجاهات الحركة وبما يحقق التدخل الفعال لمواجهة آثار تلك الحركة واتجاهاتها، كذلك سرعة الحصول على المعلومة وأثر ذلك على سرعة اتخاذ القرار وحل الأزمات وتحسين صورة الإدارة وتكامل المعلومات واتساقها وبما يرفع قدرة متخذي القرار على التعامل مع المشاكل والأزمات والوصول إلى الحلول المناسبة. وعلى الصعيد الإستراتيجي، تسعى الشبكة إلى زيادة وتفعيل التعاون بين وزارات العمل ومنظمات أصحاب الأعمال والعمال في جمع وتحليل وعرض معلومات سوق العمل، والمشاركة في التخطيط بقصد المساهمة في إعداد وتطوير سياسات الاستخدام الوطنية وتشجيع التشاور والتعاون بين أطراف العملية الإنتاجية والتعاون في مجال التدريب وإعداد نماذج معتمدة للتدريب المهني والتدريب التحويلي . أما على صعيد الأهداف الإجرائية للمشروع، فان الشبكة تهدف إلى الارتقاء بالخدمات التي تقدمها المنظمة، وتحسين كفاءتها وأدائها وتسخير الإمكانات الفنية والتقنية لهذا الغرض، وتوفير البيانات والمعلومات الأساسية الخاصة بإدارة سوق العمل. توقعات بأن تساهم الشبكة العربية للمعلومات في الحد من الهجرة غير الشرعية