منظمة العمل العربية التابعة لجامعة الدول العربية من خلال برنامجها لدعم التشغيل والحد من البطالة في دول الجامعة تشير في بياناتها إلى أن السكان في سن العمل ( 15 – 65 سنة ) يبلغ نحو 206 ملايين عامل من إجمالي السكان بالدول العربية الذي يتجاوز 340 مليون نسمة، بينما من يعد منهم ضمن قوى العمل الحالية لا يتجاوز 126 مليون عامل ( 61 % )، هذه القوى العاملة تنمو بمعدل سنوي يتجاوز 3 % بما يفوق معدل النمو السكاني، الأمر الذي يجعل الزيادة السنوية الكلية في سوق العمل تقارب الأربعة ملايين عامل، كما يزيد المعدل العام للبطالة في البلدان العربية مجتمعة عن 14 %، أو مايمثل سبعة عشر مليون عاطل عن العمل، نصف هؤلاء العاطلين من فئة الشباب، لذا يقترح برنامج المنظمة المشار إليه إنشاء مرصد عربي للتشغيل والبطالة وذلك من أجل المساعدة في رسم سياسات التشغيل والحد من البطالة بصورها المختلفة في الدول العربية، يكون مرتبطاً بمراصد عمل وطنية تصب بياناتها بهذا المرصد الإقليمي، الذي يتابع بدوره بشكل مستمر وبصورة شبه آلية المتغيرات في سوق العمل العربي ويرصد أوضاع التشغيل ومجالات التأزم فيه، من خلال التعاون المشترك بين دول الجامعة في هذا المجال. من بين الدول العربية التي أخذت بهذه الفكرة مصر التي يوجد بها حالياً المرصد المصري للتعليم والتدريب والتشغيل، الذي يمثل أحد أشكال شبكة التنسيق متعددة الأطراف التي تعمل على إنشاء وتطوير نظام شامل للمعلومات المتصلة بالموارد البشرية في سوق العمل المصري، حيث يعمل هذا المرصد نقطة ارتكاز بين طرفين أساسيين، هما منتجو ومصدرو البيانات من جانب وكافة الجهات المستفيدة والمستخدمة لها من جانب آخر، ويصدر عن هذا المرصد عدد من المؤشرات البسيطة والمركبة لسوق العمل المصري. وزارة العمل في المملكة هي بدورها كما يبدو تعمل حالياً على تبني ذات التوجه عبر اعلانها عن مشروع إنشاء مرصد وطني للقوى العاملة، تقوم فكرته على الربط بين كل قواعد البيانات المتاحة عن المؤهلين للعمل والعاملين في الدولة بقطاعيها العام والخاص، من الجنسين، بمن فيهم الذين مازالوا على مقاعد الدراسة في قطاعات التعليم المختلفة والعمالة الوافدة التي تدخل المملكة سنوياً ويأتي هذا الإجراء بعد أن شهدت بيانات أرقام معدلات البطالة في المملكة تفاوتاً بين عدد من الجهات الحكومية، حيث تكشف بيانات مصلحة الإحصاءات العامة أن النسبة لا تتجاوز 5.4 %، فيما يذكر برنامج صندوق الموارد البشرية لإعانة العاطلين عن العمل أن تلك النسبة تبلغ نحو 11% بينما تضع تقديرات غير رسمية هذه النسبة عند مستوى 13 %، في حين تصل تقديرات البنك الدولي إلى نسبة 10 %. ووفقاً لما نشر عن مشروع إنشاء هذا المرصد، سيكون مركز المعلومات الوطني الحاضن لهذه البيانات، التي ستشمل كافة المعلومات عمن هم في سن العمل، لتتاح بيانات هذا المرصد ومؤشراته لكل الجهات المستفيدة، ولمتخذي القرار، والمخططين والدارسين في القطاع العام والخاص. إن القوى العاملة كما هو معروف هي دعامة أساسية يعتمد عليها في أي اقتصاد، لذلك فإن الاستخدام الأمثل للموارد البشرية، والعناية بما تمتلكه من مهارات، هو الذي يسهم بقدر كبير في رفع الإنتاجية وإحداث ما يتم التطلع إليه من تنمية وتطوير، من هنا تنبع أهمية المؤشرات التي تعكس أوضاع سوق العمل وضرورة العناية بتقصي البيانات والمعلومات التي تستند إليها عملية البناء لتلك المؤشرات، لذا فإن مما ينبغي العناية به في تأسيس المرصد الوطني للقوى العاملة ألا يكتفي فقط بأن يكون محوراً يربط بين قواعد البيانات المتاحة من الجهات الأخرى، وإنما يمتلك بالإضافة إلى ذلك نظام معلومات مكانية - إن أمكن - عن سوق العمل في كافة مناطق المملكة مدناً ومحافظات سواء من جانب العرض أو الطلب للقوى العاملة أوالكفاءة في أداء هذا السوق ، فوجود هذا النظام هو مما سيجعل لمؤشرات المرصد القيمة الفعالة في رسم السياسة الصائبة واتخاذ القرار المناسب.