حفل إعلان الرياض الصادر عن القمة الخليجية في الرياض التي اختتمت أعمالها نهاية الأسبوع الماضي بالكثير من القرارات التي طال انتظار تنفيذها على مستوى المواطن الخليجي والقطاع الخاص الخليجي، ولا سيما التنفيذ الكامل للمواطنة الخليجية والاتحاد الجمركي الموحد والسوق الخليجية المشتركة. ولا شك أن المواطن الخليجي والقطاع الخاص استبشرا خيرا بما ورد في إعلان الرياض، ويتطلعان بثقة كبيرة فيما ورد فيه من دعوات صريحة وتوجهات سديدة تهدف إلى تحقيق التكامل الاقتصادي الخليجي، من خلال توسيع مشاركة المواطن والقطاع الخاص. ولا شك أيضا أن تدعيم دور القطاع الخاص الخليجي أصبح أمرا حتميا لكي يساهم بدوره في مسيرة التنمية الاقتصادية، ومن ثَّم القيام بدور أساسي وفاعل في تعزيز التواصل بين أبناء دول المجلس. لذلك فإننا نشدد هنا أنه كلما اتسع الدور الاقتصادي والتنموي للقطاع الخاص الخليجي، أصبح دوره في تعزيز المواطنة والتواصل بين أبناء دول المجلس أكثر فاعلية وأكبر اتساعا. فحجر الزاوية في نهوض القطاع الخاص بدوره كاملا في تعزيز هذا التواصل يتمثل وبشكل مركز في موضوع المواطنة الاقتصادية. وكلما اتسع دور القطاع الخاص في تعزيز المواطنة الاقتصادية الخليجية عزز من أواصر التواصل بين أبناء دول المجلس. وتُساق هنا العديد من الأمثلة التي تبرز هذه العلاقة. فعلى سبيل المثال، إن القطاع الخاص ومن خلال توجهه نحو الاندماج بين المؤسسات والشركات على المستوى المحلي لكل دولة من دول المجلس، وعلى مستوى دول المجلس عامة، والعمل على تحويل الشركات العائلية بدول المجلس إلى شركات عامة مساهمة او مقفلة، يستطيع أن يقوي تشابك المصالح الاقتصادية بين رجال الأعمال والمواطنين بدول المجلس، لأن المواطنين في هذه الحالة سوف يتملكون حصصا في ملكية الشركات العائلية العائدة للقطاع الخاص. كذلك عند الحديث عن التغيرات التقنية المتسارعة في ظل العولمة الاقتصادية، وما يتطلبه ذلك من قيام دول المجلس بتبني استراتيجية جديدة لتنمية القوى البشرية الخليجية، تقوم على تطوير التعليم المبدع المعتمد على تجديد المهارات والمعرفة الفنية، وتحقق الموازنة بين مخرجات التعليم والاحتياجات الفعلية للاقتصاد الخليجي. إن تنفيذ هذه الاستراتيجية يتطلب إعطاء دور اكبر للقطاع الخاص للمشاركة في وضع وتنفيذ البرامج التدريبية التأهيلية للموارد البشرية المواطنة في دول المجلس. وهذا بدوره سوف يضع القطاع الخاص على مقربة من احتياجات الأجيال الشابة المتخرجة حديثا، سواء من حيث تطوير برامجهم الدراسية والأكاديمية او من خلال توفير فرص عمل أكبر لهم مستقبلا. وإجمالا، يمكن للقطاع الخاص بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أن يقوم بدوره المأمول في تعزيز التواصل بين أبناء دول مجلس التعاون عبر تفعيل المادة الثالثة من الاتفاقية الاقتصادية وتحقيق المواطنة الاقتصادية الكاملة، وذلك من خلال الإسراع بتفعيل قرار قيام السوق الخليجية المشتركة والوحدة النقدية الخليجية وفقا لما أقره المجلس الأعلى لقادة دول التعاون مما يمكن القطاع الخاص من القيام بدور محوري، والعمل على عقد اتفاقيات ثنائية وجماعية بين رجال الأعمال في دول مجلس التعاون، وإنشاء مراكز لهم، بهدف التنسيق والتعاون وتوسيع دائرة العمل المشترك. وإنشاء مراكز لتنمية وترويج الصادرات بغية تنشيط التجارة الخارجية. وتشجيع القطاع الخاص لرفع مستوى جودة السلع والخدمات من خلال اختيار أفضل التقنيات المتوفرة عالميا، وتقليل التكلفة وتخفيض الأسعار، لضمان المنافسة في الأسواق المحلية والدخول إلى الأسواق الخارجية، مما سوف سيكون له مردود إيجابي على المواطنين من حيث توفير فرص أكبر للعمل للمواطنين وتوفير منتجات أعلى جودة وأقل تكلفة. كذلك على القطاع الخاص توجيه استثماراته بصورة أكبر إلى داخل الدول الأعضاء، ولا سيما في قطاعات الصناعة والإسكان والسياحة مما يساهم في توفير وظائف جديدة في الاقتصاد وتوفير خدمات السكن لأبناء دول المجلس، وإنشاء المشروعات السياحية التي تساهم في التواصل بين مواطني دول المجلس. وبدورها على دول المجلس فتح الأجواء بينها لتعزيز التواصل بين مواطنيها وفتح المجال لشركات الطيران، وتكثيف الرحلات بين دول المجلس، وتشجيع مشروعات مشتركة بين رجال الأعمال الخليجيين في مجال النقل بشتى أنواعه، ومن ذلك إقامة شركات نقل بري خليجية توفر سهولة التنقل بين المواطنين الخليجيين. كذلك تفعيل قرارات المجلس الأعلى الخاصة بفتح أسواق العمل الخليجية أمام القوى العاملة الوطنية، من خلال اتخاذ التشريعات والخطوات المناسبة، وإعطاء أبناء مجلس التعاون أفضلية في التوظيف في المشروعات التي يقوم بها القطاع الخاص، مما يُمَّكن القطاع الخاص الخليجي من لعب دور أكبر في توظيف العمالة الوطنية من مختلف دول المجلس ويعزز المواطنة الخليجية والتواصل الاجتماعي والاقتصادي بين أبناء دوله. ولكي يتم تعظيم دور القطاع الخاص في تحقيق المواطنة الاقتصادية يتوجب الاستجابة لدعوات هذا القطاع في تفعيل قنوات التشاور معه في مرحلة بناء القرار الاقتصادي الخليجي، حيث تؤثر السياسات المالية والاقتصادية والاجتماعية التي تتخذها حكومات دول المجلس، سواء على المستوى المحلي أو على المستوى الخليجي المشترك، تأثيرا مباشرا على أداء القطاع الخاص في العديد من الجوانب والمجالات. فهي تحدد، إلى درجة كبيرة، الدور الاقتصادي الذي يمكن أن يساهم به هذا القطاع في النشاط الاقتصادي والتنمية الاقتصادية بأبعادها الكلية والقطاعية. كذلك مشاركة ممثلي القطاع الخاص في المؤسسات الخليجية المشتركة من خلال التوسع في تشكيل اللجان المشتركة التي تضم القطاع الخاص الخليجي، ممثلا بالغرف التجارية، مع العديد من الجهات الحكومية، وزيادة مشاركتها مع عددٍ من إدارات بعض المؤسسات الخليجية المشتركة، التي يتصل عملها بصورة مباشرة مع القطاع الخاص، لتقديم مرئياتها، بشكل مستمر ومباشر، حول الصعوبات والمشكلات التي تعترض مسيرة عمل القطاع الخاص، وتقديم الاقتراحات حول سبل معالجتها في مجالات اختصاص هذه اللجان والمؤسسات. استراتيجية تنمية القوى البشرية الخليجية تتحقق من خلال تطوير البرامج الدراسية والأكاديمية