ونحن على أبواب عقد القمة الخليجية القادمة في الدوحة، نستذكر النداء الذي وجهه أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون في إعلان قمة الكويت من العام الماضي إلى ضرورة العمل على تحقيق مزيد من الإنجازات التنموية بما يلبي آمال وتطلعات أبناء دول المجلس، مؤكدين على ضرورة تنفيذ كافة القرارات الصادرة عن مجلس التعاون بكافة مجالاتها، وإجراء مراجعة شاملة للقرارات التي لم تنفذ، وإيجاد الآليات المناسبة لسرعة تنفيذها، وتذليل العقبات في طريق السوق الخليجية المشتركة، واستكمال متطلبات الاتحاد الجمركي سعيا لزيادة التبادل التجاري. ولا شك أن هذه الدعوة كانت ولا تزال تمثل تعبيرا صادقا عن الحاجة لتسريع وتيرة التعاون والتكامل الاقتصاديين بين دول المجلس بالتزامن مع التأسيس لدور أكبر للقطاع الخاص ليكون قاطرة التنمية في اقتصاديات دول مجلس التعاون والأداة الدافعة نحو تكاملها ووحدتها. إن دعم وتسريع تنفيذ برامج التنمية والتكامل الاقتصادي الخليجية لا بد أن يمر عبر تعزيز مساهمة القطاع الخاص الخليجي في سن القوانين والأنظمة والقرارات والتشريعات الخليجية المتعلقة بالشأن الاقتصادي والخليجي المشترك من خلال المشاركة بالدراسات والمذكرات الخاصة بهذه القوانين والاستمرار في تمثيل القطاع الخاص الخليجي لدى اللجان الوزارية والفنية التابعة لمجلس التعاون الخليج، خاصة تلك التي تبحث القرارات المتعلقة بالتبادل التجاري ومضاعفته التي بلغت 93 مليار دولار حتى نهاية 2012، إضافة إلى تنسيق التعاون مع الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية ذات العلاقة الذي من شأنه تعميق العلاقات الاقتصادية الخارجية للقطاع الخاص الخليجي. ونشدد هنا على أهمية دور القطاع الخاص في دول مجلس التعاون الخليجي لترسيخ المواطنة الاقتصادية الكاملة والسعي لتنسيق وتوحيد كافة السياسات الاقتصادية بين دول المجلس عن طريق دعوة الجهات الخاصة لإعادة الهيكلة الجديدة لدول المجلس والمساهمة مع مجلس التعاون في المفاوضات مع المجموعات والتكتلات الاقتصادية العالمية. كما ننوه بصورة خاصة إلى مشاريع القطاع الخاص الخليجي فيما يخص بتفعيل دوره في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عن طريق مشاريع شبابية تؤكد على تفعيل دور شباب الأعمال وخلق فرص العمل وتعزيز دور القطاع الخاص بالمسؤولية الاجتماعية. لقد تم اتخاذ الكثير من الخطوات في مجال المواطنة الخليجية وتحرير العديد من الأعمال أمام دخول مواطني دول المجلس في المجالات التجارية والاستثمارية، كما بدأ العمل بنظام البطاقة السكانية في التنقل بين العديد من دول المجلس، وهناك أيضا الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة وقيام المجلس النقدي، علاوة على العمل الجاري من أجل تفعيل استراتيجيات العمل المشترك في مجال الصناعة والسكان والمشاريع المشتركة والربط الكهربائي وغيرها العديد. بأي حال لا يمكننا التقليل من شأن الإنجازات في مجال التكامل لاقتصادي الخليجي، ولكننا نتفق أن الشوط لا يزال طويلا وأن هناك الكثير من المعوقات المطلوب تذليلها وفقا لرؤية زمنية واضحة. ومن خلال تعرفنا على تجربة الاتحاد الأوروبي، فإن أجهزة الاتحاد تمتلك صلاحيات كاملة لاتخاذ وتنفيذ القرارات في المجالات الموكلة لها دون الحاجة لصدور قرارات وطنية في كل دولة على حدة لإعطائها الصبغة التنفيذية. لذلك، فإن تأخر صدور قرارات وطنية في كل دولة خليجية لوضع قرارات القمم الخليجية، كما أن طلب بعض الدول عددا من الاستثناءات أو صدور القرارات من القمم في هيئة قرارات استرشادية أو استراتجيات عامة جميعها يؤخر مسيرة العمل الاقتصادي الخليجي المشترك. كما برزت في بعض الحالات، الاتحاد الجمركي على سبيل المثال، تخوف من أن تلحق تلك القرارات الضرر ببعض المصالح المادية لبعض الدول. ولكننا نعتقد أن جميع هذه المخاوف لها حلول ومخارج يمكن الاتفاق عليها، اذا توفرت الإرادة والعزيمة لدى دول المجلس، ونحن واثقون من وجودها بالفعل. ان السوق الخليجية المشتركة هي تجسيد متطور لمفهوم المواطنة الاقتصادية، التي تعني تحقيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في كل المجالات الاقتصادية لدى جميع الدول الأعضاء. إلا أن السوق الخليجية المشتركة تعني أكثر من ذلك. انها تعني تحرير عناصر الإنتاج والاستثمار والتجارة والعمل بين دول المجلس بشكل كامل ونهائي. وعلى الرغم من الجهود والخطوات المبذولة في هذا المجال، إلا أنه لا تزال هناك عدد من المعوقات في كافة تلك المجالات مثل قيام بعض الدول بحصر أنشطة ممارسة تجارة الجملة أمام مواطني دول المجلس في أنشطة معينة، او وضع قيود على تملك الأراضي والأسهم، كذلك عدم السماح بقيام شركات بدون شريك وطني، كذلك عدم السماح بفتح فروع للبنوك التجارية وغيرها الكثير. كما أن هناك معوقات ترتبط بالاتحاد الجمركي الموحد مثل المواصفات والمقاييس وتعريف القيمة المضافة والإجراءات الجمركية الروتينية وغيرها. ومنذ انطلاقة السوق الخليجية المشتركة عام 2008 فان الحاجة باتت ضرورية لتحقيق المزيد من المكاسب والإنجازات الرامية لتعميق المواطنة الخليجية والتي تعتبر حجر الزاوية في نجاح هذه السوق. ويتوجب ضرورة التزام كافة دول المجلس بتحرير عناصر الاستثمار والإنتاج والتجارة والعمل بشكل كامل لكي يتم تفعيل قيام السوق الخليجية المشتركة على النحو المطلوب كما سبق أن أشرنا. وعلى نفس الوتيرة ومن أجل تعزيز هذه التوجهات، فان الانظار موجهة لقمة الدوحة خلال الأيام القادمة متطلعين إلى صدور قرارات أكثر قدرة على تفعيلها على أرض الواقع، خاصة أن تراجع الإيرادات النفطية واستنزاف التوترات الأمنية الإقليمية لجانب من الميزانيات الخليجية تقتضي اسناد دور أكبر للقطاع الخاص في تنفيذ برامج التنمية الاقتصادية. ولذا باتت الحاجة ملحة لتفعيل آليات تنفيذ القرارات الصادرة عن القمم الخليجية مثلما باتت الحاجة أكبر لمشاركة القطاع الخاص الخليجي في قيادة مسيرة التنمية الاقتصادية في ظل التوجه العالمي نحو العولمة وتحرير الاقتصاد وإعادة مراجعة الدور الاقتصادي للدولة إلى جانب قيام تكتلات اقتصادية كبرى قادرة على المنافسة والنجاح. السعي لتنسيق وتوحيد كافة السياسات الاقتصادية بين دول المجلس