تشكل الثروة السمكية إحدى الركائز الهامة لاستراتيجية التنمية الاقتصادية في المملكة، حيث تُسهم في تحقيق العديد من الأهداف، لعل من أهمها الوصول إلى الاكتفاء الذاتي من المُنتجات السمكية، وتحقيق الأمن الغذائي الوطني، وتنويع القاعدة الإنتاجية، والاستفادة المُثلى من الموارد المُتاحة، وتحسين الكفاءة الاقتصادية والتسويقية وتوفير فرص العمل. ومن المؤمل أن تصل المملكة إلى تحقيق مرحلة الاكتفاء الذاتي من المنتجات السمكية في حال تشغيل كافة المشاريع بطاقاتها المستهدفة. وقد بلغ إجمالي إنتاج مشاريع الاستزراع المائي حسب آخر الإحصائيات لعام 2015م 30 ألف طن، وتمثلت الأنواع المستزرعة بمشاريع المياه المالحة في الروبيان وأسماك الدنيس والقاروص والسيجان والعربي والهامور والبلطي البحري، بينما تمثلت الأنواع المستزرعة بمشاريع المياه الداخلية في البلطي النيلي وأسماك القط وأسماك الحفش. وتنعم المملكة العربية السعودية بتطور سريع ونهضة شاملة بفضل الله ثم بدعم من خادم الحرمين الشريفين "حفظه الله"، وقد انتهجت الدولة لتحقيق ذلك العديد من السياسات والاستراتيجيات، والتي كان من نتاجها تنمية كافة القطاعات الحيوية بالمملكة، ومن أهمها القطاع الزراعي بمجالاته المُختلفة النباتية والحيوانية والسمكية. وتتميز المملكة بإمكانيات ومزايا نسبية كبيرة تُتيح لها التوسُع في الاستزراع المائي الساحلي؛ نظراً لوجود سواحل كبيرة مُمتدة يبلُغ طولها 1200 كم على الخليج العربي، بينما يبلُغ طولها على البحر الأحمر 2600 كم، بإجمالي طول 3800 كم، بالإضافة إلى المناخ المُناسب لاستزراع أنواع اقتصادية مُختلفة من الأسماك والروبيان على المستوى التجاري، والموقع الجغرافي الاستراتيجي للمملكة القريب من مراكز التسويق المحلية والإقليمية والعالمية، وازدهار السوق الوطنية، وانخفاض تكاليف الطاقة والعمالة، وتوفر البنية التحتية، والاتصالات، وتوفر الكوادر، ووجود مجموعة جيدة من رجال الأعمال ممن لديهم خبرة كبيرة في أعمال هذا القطاع. زيادة الطلب على المنتجات السمكية واتجهت المملكة إلى الاهتمام بالاستزراع المائي؛ إيماناً بالدور الرئيسي الذي يشكله هذا المجال في تقليل الفجوة الغذائية الناجمة عن تراجع إنتاج المصايد التقليدية، ولمواجهة الزيادة المُضطردة في الطلب على المنتجات السمكية كنتيجة للزيادة السكانية وارتفاع مستوى الدخل، وتغير الأنماط الاستهلاكية نتيجةً للوعي الصحي بالقيمة الغذائية للمنتجات البحرية، إضافةً إلى الأهداف الأخرى والمتمثلة في الحفاظ على المخزون السمكي وحمايته من الاستنزاف والحد من عمليات الاستيراد. وصدر نظام صيد واستثمار وحماية الثروات المائية الحية في المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية بقرار مجلس الوزراء رقم 14 وتاريخ 21/1/1408ه، والمتوج بالمرسوم الملكي رقم م/9 في 27/3/1408ه، الذي أناط لوزارة الزراعة مسئولية الإشراف على تنمية الثروة السمكية من خلال وضع السياسات العامة والتخطيط وتصميم البرامج الطويلة والقصيرة المدى لتنمية وتطوير الثروة السمكية والأجهزة التي تتعامل معها، وإصدار اللوائح التنظيمية. وقد صدرت اللائحة التنفيذية لنظام صيد واستثمار وحماية الثروات المائية الحية في المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية بُناءً على قرار معالي وزير الزراعة رقم 21911 وتاريخ 27/3/1409ه. وحدث تطور نوعي كبير وملحوظ في السنوات القليلة الماضية بقطاع الاستزراع المائي بالمملكة، حيث تم إدخال بعض التقنيات الحديثة إلى هذا القطاع، مثل استزراع الطحالب الدقيقة، واستزراع الأسماك البحرية في الأقفاص العائمة، والاستزراع المائي في النظم المُغلقة، والاستزراع المائي باستخدام تقنية البيوفلوك؛ كما تم إنشاء مُفرخ للأسماك البحرية بالمنطقة الشرقية. ركيزة في الاقتصاد الوطني وفي إطار سعي هذه الوزارة لتطوير قطاع الثروة السمكية وزيادة إنتاجيتها، فقد تم التعاون مع صندوق التنمية الزراعية، والذي أثمر عن طرح المبادرة السابعة للصندوق لتطوير الثروة السمكية في المملكة العربية السعودية، والتي تشتمل على خطة تنمية القطاع بكافة جوانبه، وتستهدف التنمية الشاملة المُستدامة لمجالات الاستزراع المائي والمصايد البحرية وبيئة الأحياء المائية والأبحاث والتشريعات، وتوطين تقنيات الاستزراع السمكي البحري بالمملكة، والتغلب على ما يعترض هذه الصناعة من صعوبات، والمُساهمة بصورة فعالة في إقامة العديد من مشاريع الاستزراع لزيادة الإنتاج كماً ونوعاً، وإنشاء المفرخات الخاصة لتفريخ أنواع الأسماك البحرية ذات القيمة الاقتصادية العالية، مثل أسماك الدنيس والقاروص إضافةً إلى أنواع الروبيان. ومما لا شك فيه فإن إنتاج مشاريع الاستزراع السمكي مُستقبلاً سيشكل ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني بعد استكمال تشغيل كافة المشاريع وفق طاقاتها الإنتاجية المُستهدفة، وبما يتماشى مع المبادرة السابعة للصندوق (2013 - 2029م) والتي تطمح بحلول عام 2029م إلى رفع الإنتاج السمكي المُستزرع في البحر على هيئة أقفاص أو في أحواض على الأراضي الساحلية إلى حوالي 600 ألف طن، لتغطي الاحتياج المحلي، إضافةً إلى تصدير الفائض. وعموماً تتواكب الزيادة المُتوقعة في الإنتاجية السمكية تدريجياً مع توفير الآلاف من فرص العمل للشباب السعودي، وذلك بالتزامن مع ما يتم تحقيقه من مُستهدفات ومُخرجات المبادرة السابعة حتى عام 2029م. برامج تنموية وتطويرية وهناك جهود مبذولة لزيادة فعالية هذا القطاع بشكل مُتميز، حيث تم التخطيط والعمل على تنفيذ العديد من البرامج التنموية والتطويرية الحالية والمُستقبلية لقطاع الاستزراع السمكي، والتي تهدف في مجملها إلى تحقيق الآتي: * تطوير المزارع السمكية وتنمية قُدراتها الإنتاجية. * تطوير قطاع الأبحاث المُتعلقة بمجالات الاستزراع السمكي وإنشاء مُختبرات مُتخصصة لصحة وسلامة الأسماك. * تحسين الكفاءة الاقتصادية والتسويقية ودعم المنتج المحلي من الأحياء السمكية المستزرعة. * دراسة سبل خفض التكاليف الإنتاجية ومُساعدة المشاريع المتعثرة فنياً للوصول إلى الطاقة الإنتاجية المُستهدفة. * تطوير الجمعيات التعاونية الزراعية وتفعيل دورها في تنمية مجال الاستزراع السمكي. وتم إقرار الجمعية السعودية للاستزراع المائي بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 73 وتاريخ 14/3/1433ه. وتقوم الوزارة من خلال إدارة المزارع السمكية بالتعاون الفني الكامل مع الجمعية لما تقوم به من دور إيجابي في منظومة الإنتاج، وتمثيل القطاع الخاص في هذا المجال، وحرص الوزارة على مُشاركة مُستثمري هذا القطاع في صُنع القرار، بالإضافة إلى مُساهمة الجمعية السعودية للاستزراع المائي في تطوير صناعة عالمية مُنافسة ومُستدامة للاستزراع المائي في المملكة العربية السعودية، قادرة على تقديم منتجات صحية وآمنة ذات جودة عالية وبأسعار تنافسية منتجة بأساليب بيئية مسئولة تؤدي إلى عائد استثماري مُجد، وذلك من خلال رسالتها الهادفة إلى العمل على تعزيز دور صناعة الاستزراع المائي المُستدامة والنهوض بها كرافد من روافد التنمية في المملكة العربية السعودية. وتم تأسيس شُعبة الأمن الحيوي لمشاريع الاستزراع المائي استناداً للقرار الوزاري 6/10/103596 وتاريخ 19/3/1433ه؛ بهدف الوقاية من أخطار المُسببات المرضية، وضمان سلامة الأحياء المائية المُستزرعة والرقابة على صحة وسلامة مُنتجات الأحياء المائية ومُمارسات القطاع الخاص، من خلال منظومة مُتكاملة لأُسس ومبادئ الأمن الحيوي بكافة المشاريع. وقد تم تحديث إجراءات الرقابة والمُتابعة وفقاً لأحدث القوانين الدولية، وبما يتلاءم مع ظروف المملكة، وبما يكفل اتباع إجراءات الأمن الحيوي لتحقيق التنمية المُستدامة والطاقة الانتاجية القصوى للمشاريع. تطور الاستزراع المائي وقد نجح الاستزراع المائي في المملكة للعوامل الآتية: * الدعم الكبير الذي توليه الدولة لهذه الصناعة، وتسهيل دور القطاع الخاص للإسهام في نهضة الثروة السمكية على أسس اقتصادية. * توافر الإمكانات والمقومات الأساسية لهذه الصناعة. * الخدمات الفنية والإدارية التي تقدمها الوزارة وعلى سبيل المثال: * نقل وتوطين تقنيات الاستزراع المائي وإتاحة نتائج مراكز أبحاث الثروة السمكية للمستثمرين. * إجراء المسوحات اللازمة للمواقع المناسبة لإقامة مشاريع الاستزراع المائي. * تقييم دراسات الجدوى لمشاريع الاستزراع المائي، والتأكد من توافر متطلبات نجاح هذه المشاريع. * إصدار التراخيص للمشاريع وفق طاقة إنتاجية مدروسة. * تأييد طلبات تمويل المشاريع من صندوق التنمية الزراعية. * المتابعة الدورية الفنية والإرشادية للمشاريع. * عقد الندوات والمؤتمرات والمنتديات التي تستهدف دعم الصناعة. * إصدار النشرات والمقالات والكتيبات الإرشادية في كافة مجالات الاستزراع المائي. * التعاون الفني المثمر مع العديد من الهيئات والمنظمات الدولية ذات العلاقة. إن ما تحقق من تطور ملموس للاستزراع المائي في المملكة خلال العقد الأخير يعد انطلاقة قوية تبشر بالنجاح المستقبلي المستدام لهذه الصناعة، وهناك إمكانات وتوقعات مستقبلية للتوسع في مجالات الاستزراع البحري والاستفادة من الموارد المتوفرة بالمناطق الواقعة على سواحل البحر الأحمر وتشجيع الاستثمار والمستثمرين لتحقيق طفرة إنتاجية لهذا المجال الواعد. إنشاء مشاريع الاستزراع يتم بمنهج علمي متطور