ما قامت به بلادنا هذا العام من ضبط للمصاريف بطريقة حصيفة وإعادة ترتيب للأولويات التنموية وفق المعطيات التي استجدت على الساحة النفطية يجعل المراقب في حالة تفاؤل من الأرقام التي ستعلن في الفترة القادمة مع إعلان الميزانية العامة لبلادنا. بعض المشاريع الغيت والآخر مدد فترة إنجازه، مشاريع أخرى لم يتم المساس بها نظرا لأولويتها وضرورتها للمواطن؛ كل هذا تم وفق خطة محكمة للتعامل مع الواقع الذي فرضه انخفاض أسعار البترول، السرعة التي تم بها إعادة الأولويات تنم على قدرة فائقة في التأقلم مع المستجدات، وهذه لا شك مهارة تستحق الاشادة كما أنها مؤشر على قدرتنا على التفاعل السريع، تفاعل يمكننا من التعامل مع الظروف الاقتصادية الصعبة دون المساس بنهجنا في التطوير والتنمية الاقتصادية. رغم انخفاض أسعار النفط شهدت بلادنا إصلاحات هيكلية انعكست إيجابا في سوق العمل وفي البيئة الاستثمارية لبلادنا، وهذا أمر مشاهد ومحسوس. التحديات لا تنتهي، ولكن التأقلم والتعامل الحصيف مكننا في الماضي من التأقلم ومن ثم تخطي الصعاب، وسيمكننا في المستقبل من تجاوزها والتعلم منها أيضا. عام 2016 سيكون عام الكفاءة في الانجاز لا شك، وبأقل درجة ممكنة من الأخطاء، و تفاؤلي هنا ليس مجرد امانٍ بل مبني على وقائع تاريخية تؤكد اننا قادرون على البناء والانجاز في أصعب الظروف الاقتصادية والسياسية المحيطة بنا؛ والتي سبق أن مررنا بها، وهي لا تخفى على المتابع، تجاوزناها بقوة، وزادت من مهارتنا على بناء وتنمية الاقتصاد والانسان على حد سواء. المصارف في بلادنا ذات ملاءة مالية ممتازة، تم بناؤها على مدى الأعوام الماضية وتم تطويرها وتمكين السعوديين من إدارتها، حتى أصبحت الآن تصنف ضمن أكفأ خمس بيئات مصرفية في العالم، ولا شك أنها قادرة على تخطي أصعب الظروف الاقتصادية (كما سبق لها أن نجحت في ذلك). قطاع التشييد والبناء أيضا سيشهد نموا من خلال الشراكة التي من المزمع البدء بها بين وزارة الاسكان والمطورين العقاريين، ومعه سيتحقق وفرة في الاسكان وتنوع في الحلول السكنية الذكية. القطاع الصناعي كذلك سيستمر في التركيز على الصناعات التحويلية المتخصصة والدقيقة، والقطاعات الخدمية ستمضي قدما في المنافسة التي تسهل وتقدم الأفضل للمستهلك النهائي في بلادنا. سوق المال سيستمر في الطروحات وفي تطوير الأنظمة الالكترونية والرقابية بما يزيد من الكفاءة والشفافية ويعمق الحوكمة. كما أن الدوائر الحكومية ستستمر في التطوير والتشريع الذي يخدم المواطن وفق التوجيهات السديدة لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وولي ولي العهد المعطاء -حفظهم الله ورعاهم-. ارتفع النفط أم انخفض، لن يعيقنا شيء عن التقدم؛ فبلادنا ماضية إلى الأمام بسواعد أبنائنا وبناتنا المتحصنين بالعلم والمعرفة والخلق الرفيع، والذين لا يتواجدون في مكان إلا ويزدهر ويتقدم. بلادنا نجحت في ما مضى في تخطي مراحل الانخفاضات السعرية للنفط، وزادنا ذلك مهارة وكفاءة وحسن تدبير. كما أن الظروف الصعبة لم تعقنا في الماضي في مد يد العون لكل محتاج وطالب مساعدة ولن تعيقنا في المستقبل كذلك. المؤامرات التي يحيكها أعداؤنا وأعداء الإنسانية ستحجم، ولكن الشر لن ينتهي وهذه سنة الحياة، ولكننا سنواجهها بحزم وعزم تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده وولي ولي العهد -رعاهم الله-. يدنا العليا دائما وابدا بإذن الله وتوفيقه. فنحن قوم نصنع الظروف ولا نتأثر بها؛ كما ونصنع الفرص ولا ننتظر قدومها، نحن قوم لا نعرف إلا التقدم، وما سار عليه الأوائل نسير عليه ونضيف له.