(التنفيذ بلا تقصير أو تهاون.. الأمانة الأمانة.. لا مجال للتهاون فيما يعيق التنفيذ عليكم الجد والإخلاص والسرعة) هكذا خاطب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- الوزراء ومسؤولي الحكومة وهو يعتمد الميزانية الجديدة للدولة للعام 2010م، حيث سجلت الميزانية أعلى إنفاق في تاريخ المملكة تتخطى بالمملكة الأزمة العالمية، إنها حقاً أكبر ميزانية لرأس المال الثابت والبشري: (540 ملياراً) مع تراجع للدين العام 5% وكان لتنمية الموارد البشرية نصيب الأسد (137.6) مليار ريال، ثم الصحة والتنمية الاجتماعية (61.2) مليار ريال، ثم الإعانات المحلية وصناديق التنمية (48.3) مليار ريال، والمياه والصناعة والزراعة والتجهيزات (46) مليار ريال إلى آخر مصارف الميزانية، كل ذلك جميل ورائع إلا أن ميزانية هذا العام (غير) نعم (ميزانية غير) حيث جاءت في ظل تداعيات اقتصادية دولية ومحلية تجعل منها على المحك فهي أول ميزانية تتزامن في خطة التنمية التاسعة، وفي مقدمة أولويات الميزانية الجديدة مواصلة الاقتصاد وتسجيل معدلات نمو معتدلة بما يعزز الثقة فيه محلياً ودولياً والأهم أيضاً توفير لقمة العيش للمواطنين والتعليم والعلاج المجاني والوظائف، وهي ميزانية (غير) فهي أكبر ميزانية تاريخية وكما قال خادم الحرمين الشريفين (راعينا احتياجات المواطن والظروف الاقتصادية) .. ومن هنا جاءت نفقاتها التقديرية مرتفعة وبنسبة 14% عن مستوى الموازنة للعام 2009م وزادت المشاريع التي اعتمدت تكاليفها إلى (260) ألف مليون ريال بزيادة حوالى 16% عن العام الماضي، تأكيداً لاستمرار تطوير البنية التحتية والمشاريع التنموية في مختلف أرجاء المملكة، مع استمرار النظرة التفاؤلية باستمرار تحسن أسعار النفط. لقد خلقت هذه الميزانية ومنذ الوهلة الأولى لإعلانها ارتياحا عاماً لدى المواطن السعودي فأسعار النفط القياسية وأثرها في الإيرادات عنصر أساسي للتفاؤل. لكن الأهم في الميزانية الجديدة في نظر المواطن العادي البسيط هو أن خادم الحرمين الشريفين -رعاه الله- حمّل الوزراء والمسؤولين أمانة توظيف الميزانية في ما يخدم الوطن والمواطن حيث شدد -حفظه الله- على أن تحميل الأمانة تقتضي بذل قصارى الجهد لتوظيف أرقام الميزانية في خدمة إنسان هذا الوطن والأساس هو كيف تفعّل هذه الاعتمادات الكبيرة وكيف تصرف في مكانها الذي يخدم المواطن حقاً وصدقاً، فالأهم هو استمرار الالتزام بالتوجيهات السامية بتسريع خطى التنمية وترسيخ استدامتها وتحقيق تنمية متوازنة بين مناطق المملكة، إضافة إلى الاستمرار في تحسين مستوى معيشة المواطنين والارتقاء بنوعية حياتهم. إن قراءة دقيقة وتنفيذ حصيف لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الواضحة بقصد حماية الاستقرار الاقتصادي ودفع عجلة التنمية إلى مستويات أكثر طموحاً لمواصلة مسيرة النماء خاصة فيما يتعلق بتطوير القدرات البشرية للاقتصاد ودعم للبنية التحتية اللازمة لاستمرار النمو الاقتصادي. وبعد كارثة جدة وما تبعها من انطلاقة عهد جديد للشفافية ومحاربة الفساد لابد أن تحرص الجهات التنفيذية في الدولة على تنفيذ المشروعات التنموية المدرجة في الميزانية على درجة عالية من الإتقان والمهنية مع تعزيز الشفافية في الإنفاق والمراقبة على الأداء، إنها ميزانية (غير) لأنها ستكون نقلة نوعية بحيث تستفيد البلاد من استحقاقات الأمر الملكي الأخير حول أحداث سيول جدة، وهو الأمر الذي اعتبر نقلة نوعية تاريخية في الفكر الإداري المحلي.