لا يحتاج إرهاب «حزب الله» الى أسباب ومواقف سياسية ليدرج تحت لوائح الإرهاب العربية والغربية، فما يرتكبه في سوريا والعراق واليمن والخليج العربي وضلوعه في جرائم ارهابية في العديد من الدول الغربية يشكل دافعاً كبيراً لإدراج المملكة العربية السعودية والكونجرس الامريكي العديد من الأعضاء والافراد والكيانات الداعمة للحزب في اللائحة السوداء. وصنفت المملكة الخميس قياديين ومسؤولين من ميليشيات حزب الله كإرهابيين، على خلفية مسؤولياتهم عن عمليات لصالح الحزب في أنحاء الشرق الأوسط، بالإضافة إلى كيانات تعمل كأذرع استثمارية لأنشطة الحزب، كمزيد من الاستهداف لأنشطة حزب الله الخبيثة التي تعدت إلى ما وراء حدود لبنان. ان ما يزرعه "حزب الله" من جرائم باسم الحفاظ على الكيان الفارسي ومصدر قوته في الشرق الاوسط يحصده الآن خسارة في رصيده الشعبي الذي تراجع كثيراً في الآونة الأخيرة؛ لزجه الطائفة الشيعية نحو المجهول. لعل القرارين لم يشكلا مفاجأة ل"حزب الله" الا انه اعاد ليذكر الجميع أن إجرام "داعش" و"حزب الله" إرهاب واحد، فما تأثيرهما على القاعدة الشعبية للحزب وعلى مصادر تمويله وعلى الاقتصاد اللبناني الذي يقاتل حتى النفس الأخير للحفاظ على استقراره؟. مأساة كبيرة أكد المحلل السياسي مصطفى فحص في تصريح ل"اليوم" أن ادراج أشخاص وكيانات تدعم "حزب الله" في لوائح الإرهاب السعودية والأمريكية هو "عقاب لأفراد وليس عقاباً جماعياً، اي ليس عقابا للطائفة وتأثيره عليها هو نسبي، بمعنى انه "لا" يؤثر على الافراد المرتبطين بهذه الأسماء وعلى المجموعة المرتبطة بهم عقائدياً واقتصادياً"، موضحاً ان "التأثير سيكون معنوياً أكثر مما هو تأثير مباشر سواء كان تجاريا أو حزبيا او عقائديا؛ لأن الطائفة التي ينتمي لها الحزب كأنها وضعت نفسها بالاستهداف بسبب استهداف "حزب الله". وشدد على ضرورة الفصل ما بين الطائفة الشيعية وبين "حزب الله" وان كان الجو الشيعي في مشهده العام مؤيدا ل"حزب الله" ولكن هذه الامور التي تحصل مضرة بالطائفة أكثر مما هي مضرة بالحزب خوفا من ان العقاب سيتحول إلى جماعي"، لافتاً الى انه "حتى الآن وبالرغم من كل ما حصل لم تقم المملكة بأي تصرف يوحي بأنها تستهدف الطائفة الشيعية، فهذا الأمر غير موجود بتاتاً، بل إنهم ما زالوا يتعاملون مع "حزب الله" كحزب وليس كطائفة". ورأى فحص أن "الخطورة تكمن عندما يرفع "حزب الله" مستوى توتره مع السعودية عندها نضع أنفسنا جميعاً في هذه الدائرة الصعبة"، مؤكداً ان "قرار المملكة لم يكن مفاجأة ل"حزب الله" فهو قاد نفسه الى هذه المواجهة مع المملكة في أكثر من مكان ولكن عقل المملكة حتى الان رصين ودقيق في كيفية المعاقبة". واشار الى ان "مصادر تمويل "حزب الله" معروفة والكيانات التي ادرجت في لائحة الارهاب هي جزء بسيط من مصادر تمويله"، معتبراً ان "الخطورة تكمن عندما يصبح أي رجل أعمال مستهدفاً في المستقبل لاتهامه بأنه يدعم "حزب الله"، فهذا الأمر سيؤذي الطائفة اقتصادياً ونحن دولة ريعية وطوائف ريعية كذلك، فبكل تأكيد ستؤثر على كثير من أبناء الطائفة إما من الذين يعملون مع هذه الأسماء التجارية او من خلال انعدام فرص العمل في الخارج وخصوصاً في المملكة العربية السعودية خاصة والخليج العربي عامة"، معرباً عن اعتقاده ان "ضغطا كبيرا يمارس على أفراد الطائفة في هذه الآونة". وختم فحص: الحرب السورية والأطماع الإيرانية في المنطقة استخدمت الحزب اداة مزقت صورته وأدت الى تمزيق صورة الشيعة اللبنانيين في عيون إخوانهم العرب. للأسف، هناك مأساة كبيرة عندما يصبح هناك من يقارن بين "حزب الله" وداعش". إرهاب واحد من جانبه شدد رئيس حركة "التغيير" وعضو الامانة العامة لقوى 14 آذار ايلي محفوض في تصريح ل"اليوم" على ان "حزب الله ليس مجرد حزب سياسي بل هو حزب عقائدي بالدرجة الاولى وحزب ديني متماسك بالقيادة وبالقاعدة"، موضحاً أن "الأسماء المدرجة في وسائل الاعلام على انهم متورطون وعلى علاقة ب"حزب الله" او أنهم منطوون داخله هم يدورون في فلكه مائة بالمائة". وأكد أن "هناك انسلاخا كليا بين الشارع التابع ل"حزب الله" والشارع اللبناني وكأن "حزب الله" خرج من رحم الجسد اللبناني واصبح حالة شاذة داخل المجتمع يغرّد خارج ارادة اطيافه، وهذا الكلام ليس بجديد بل منذ أن انتهاء الاحتلال الاسرائيلي للبنان، بدأ "حزب الله" يتحول الى فصيل شيئاً فشئياً ومن ثم إلى ميليشيا، حتى بات اليوم متهما ليس فقط بأعمال تبييض الاموال ولكن في كل الجرائم التي يحكى عنها بل هو متهم بشكل مباشر من خلال عناصره وبعض قيادييه باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري". وقال محفوض: "لا شك اننا ننظر الى القرارين السعودي والامريكي بعين الترقب الجدي، فنحن كفريق في 14 آذار نرى في "حزب الله" جسما غريبا عن الجسم اللبناني، ولكن في الوقت عينه بإمكاننا القول إن هذه الاتهامات بحق عناصر من "حزب الله" بدأت تؤثر على علاقات لبنان الخارجية، فلقد اتخذت العديد من الدول قرارات فصل وابعاد لأشخاص كانوا يمولون "حزب الله"، لهذا من حق الدول العربية والخليجية التي رأت من الحضور المالي او الامني غير المشروع لهؤلاء الاشخاص اتخاذ القرار المناسب بحقهم". وأوضح أن "أكثر المتضررين من حالة "حزب الله" اليوم هو الشعب اللبناني والدولة اللبنانية؛ لأننا نعتبر انه كلما قوي "حزب الله" أمنياً وعسكرياً ومالياً كلما ضعفت الدولة اللبنانية وقدراتها وتزداد مشاريع هجرة المواطنين اللبنانيين باتجاه الخارج". وجزم بأنه "كلما ضعف "حزب الله" مالياً واقتصادياً وامنياً وعسكرياً تقوى الدولة اللبنانية". وأضاف محفوض: "اضافة الى القرارين الامريكي والسعودي هناك قرار الاتحاد الاوروبي اضافة الى العديد من الدول التي أدرجته على اللائحة السوداء"، مشدداً على انه "ليس تنظيم "داعش" الارهابي الوحيد بل هناك "حزب الله"، داعش تصور ارهابها وتنشره عبر الفيديو لكن هناك من لا يصور ارهابه، لكن هذا لا يلغي أن الاجرام واحد، ناهيك عن الجرائم الامنية التي تحصل في لبنان، حتى الآن تم اكتشاف جريمتين، ل"حزب الله" علاقة بهما، الاولى المتهمون الخمسة باغتيال الرئيس رفيق الحريري والذين وصفهم حسن نصرالله بأنهم قديسون، والثانية محاولة اغتيال الوزير بطرس حرب والمتهم بها يقال إنه قتل في سوريا، أليس هذا إرهابا؟". تهميش «حزب الله» ورأى المحلل السياسي لقمان سليم في تصريح ل"اليوم" أن "قرار الكونجرس تقنياً لا يضيف شيئاً الا ان أهميته تنبع من النائبين الأمريكيين اللذين تقدما به، وهما من المعروف أنهما لم يحيدوا عن الخط الذي يعتبر ان "حزب الله" لا يقل في العديد من ممارساته ارهاباً وتورطاً في مسائل إجرامية عن غيره من تنظيمات والتي نسميها اليوم ارهابية"، وشدد على ان "القرار يعيد التنبيه في دوائر السلطة والتشريع الامريكي ان هناك اناسا لا يوافقون على سياسة الادارة واهميته ايضا في اللحظة التي اتى بها، في الوقت الذي يعتبر فيه العالم اجمع انه لا يوجد ارهاب او خروج عن القوانين بالمعنى العام للكلمة الا أن "داعش" أتى ليذكر انه الى جانب "داعش" هناك تنظيم آخر يفتك بأشكال مختلفة ولكن بالخلاصة يفتك فتك "داعش". ورأى سليم ان "الفصل بين القاعدة الشعبية وبين دائرة القرار تضيق، اي اننا خلال الاشهر الماضية شهدنا وضع عدد من المؤسسات على لوائح الارهاب، اذا دققنا بهذه اللوائح نجد انها لا تخص شركات ومؤسسات مرتبطة ب"حزب الله" والنظام السوري فحسب، بل هي هيئات ومؤسسات تشغل اناسا من القاعدة الشعبية"، قائلاً: "يجب عدم التقليل من اهمية هذه القرارات والتدابير والدعوات، وأدعو إلى مزيد من التشدد على مستوى تمويل "حزب الله"؛ لانه حتى ما قد يبدو في البداية وكأنه موقف سياسي فقط هو ينعكس بشكل عامودي من أعلى الى أسفل، كما انه ينعكس احياناً من أسفل الى أعلى حيث بعض الناس الذين يجدون أنفسهم متورطين يسألون أنفسهم السؤال البسيط "ماذا كنا نريد بهذا العمل". ورأى أن "الموضوع لم يعد يخص رجال أعمال شيعة فقط، هناك لبنانيون متورطون في أعمال "حزب الله" التجارية من كل الطوائف اللبنانية، صحيح هناك أرجحية للشيعة لكن علينا ألا نغفل بأن هناك مسيحيين وسنة وأناسا من مختلف الطوائف يختبئ وراءهم "حزب الله" للقيام بذلك". وأضاف: "على المدى القريب قد يبدو أنه ليس لهذه التدابير تأثير ولكن بالطبع هذه التدابير تقول إن لبنان أو جزءا منها -ولا أعني فقط لبنان السياسي ولكن أعني لبنان المال والاعمال والاقتصاد- مرتع لتنظيم تدور حول مصادره المالية ونشاطاته علامات استفهام تكاد أن تكون في محل التهمة". وعما اذا كان القراران يطالان مصادر تمويل الحزب الحقيقية، ختم: "كل ما يتعلق ب"حزب الله" كمليشيا او كحشد مسلح لا يمول من خلال هذه الاعمال غير القانونية، لا احد يقول إن الحزب يشتري صواريخ سكود بهذه الاموال ولكن هل تزيد هذه القرارات من تهميش "حزب الله" على المستوى الدولي عملياً؟، نعم تأثر، فأي جهة مهما كانت صغيرة او كبيرة توضع على اللائحة السوداء هي نقطة في غير مصلحة "حزب الله"، هذه التدابير ليس الغرض منها إحداث معجزات".