في السنوات الأخيرة أولت الحكومة اهتماماً كبيراً بمسألة البطالة، وبقضية عزوف بعض الشباب السعودي عن الالتحاق بالقطاع الخاص، وتفضيله المستمر للوظائف الحكومية، التي تضمن له استقراراً في العمل، وساعات دوام أقصر، ومسؤوليات أقل، مقارنة بساعات عمل الشركات الخاصة، وواجباتها التي لا تنتهي بنهاية الدوام الرسمي. خلقت وزارة العمل العديد من المشاريع التشجيعية، التي تعزز إمكانية جعل القطاع الخاص أكثر قدرة على استقطاب الشباب السعودي، تارة عبر التشجيع المباشر، عن طريق صندوق الموارد البشرية. وتارة أخرى، عن طريق نظام نطاقات الذي يهدي الشركات الملتزمة به مجموعة من المميزات. من ضمنها، الحصول على حصة أكبر من تأشيرات العمل، لاستقدام العمالة الأجنبية، وهي العمالة المحببة لمعظم التجار، وذلك لعدة أسباب، منها فارق الأجر، والالتزام الطويل بساعات العمل، بالإضافة للكفاءة العالية وغيرها. بعد مرور سنوات على برامج السعودة، نجحت الوزارة في بعض الأهداف التي رسمتها لنفسها، ومنها رفع نسبة السعودة في القطاع الخاص، من خلال سعودة بعض الوظائف الإدارية، غالباً، وادخال العنصر النسائي من خلال سياسة "التأنيث" المميزة والمثمرة، والتي أجبرت الشركات على التأقلم معها سريعاً. كان هدف الوزارة واضحاً منذ البداية، دعم رفع نسبة السعوديين في القطاع الخاص، بغض النظر عن الوظائف التي يشغلونها؛ لأن القطاع العام متضخم، وهو بحاجة لإضافات نوعية لا كمية. قد تكون هذه خطوة أولى تحتاج للمزيد من الخطوات؛ لضمان وجودهم لاحقاً في مناصب قيادية، لكن هذه الخطوة أضحت مُهددة، وجهود الوزارة معرضة للانحسار، بسبب المواد الجديدة الغامضة التي تم تعديلها في قانون نظام العمل الجديد. تحديداً، في الفصل الثالث، ومنها المادة الخامسة والسبعون، والتي تتيح للشركات "إنهاء العقود غير المحددة المدة بناءً على سبب مشروع يجب بيانه بموجب إشعار يوجه إلى الطرف الآخر كتابة بمدة تحدد في العقد، على ألا تقل عن ستين يوماً إذا كان أجر العامل يدفع شهرياً"، أما إذا كان العقد محدد المدة، فإن الشركة ملزمة بدفع الفترة المتبقية في عقد الموظف. هنا، يلزم على من يهمه الأمر تسليط الضوء على هذه المسألة الحساسة، إذا ما كانت هذه المادة تخدم مشروع الوزارة وأهدافها الرئيسية أم لا. في ظني، أن مضمون هذه المادة وآليات تطبيقها، ما زالت ضبابية بالنسبة لجميع المعنيين. لا الشركات ألمت بتفاصيلها، ولا الموظفون فهموها جيداً، ولا مكاتب العمل تواصلت مع الجمهور للايضاح. تُرِكت المواد الجديدة للاجتهاد الشخصي، وبالتالي، فإن حقوق الموظفين معرضة للضياع لأنهم الطرف الأضعف، ومكاسب الوزارة سوف تتبدد. خصوصاً، إذا ما أضفنا لهذه العوامل، تراجع أسعار البترول وانعكاسها على حجم النفقات الحكومية في الفترة القادمة، بما سينعكس على حجم الوظائف التي يوفرها القطاع الخاص. الخلاصة الحاصلة، إن ثمة استغلالا لهذه المادة من قبل بعض الشركات، التي باشرت في تسريح الموظفين السعوديين قبل غيرهم. وعليه، فإن الوزارة مطالبة بتوضيح وضبط المواد التي تتعلق بانهاء عقود الموظفين، وإلا فإن كل منجزاتها قد تتبخر.