«الثابت والمتغير من أحكام الأسرة في ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية» وهو من تأليف د. يمينة ساعد بوسعادي، ويتكون الكتاب من 597 صفحة ونشره مركز «باحثات» لدراسات المرأة. وقد جاء في التعريف بالكتاب أنَّ العصر الحديث شهد تغيرات وتطورات لم تشهدها العصور الأولى؛ فقد شهد تقدما ملحوظا للغرب، وتخلفا سافرا للأمة الإسلامية، ولا شك أن هذا التغير مس الأسرة بشكل أساسي، فظهرت الأسرة المعاصرة في الغرب، وألقت بآفاتها على الأسرة المسلمة، إعلاميا وفكريا؛ مما أدى إلى ظهور نماذج غريبة في المجتمع، تدعو إلى نبذ الشريعة الإسلامية، واللحاق بركب التطور والتحرر، وللخروج من هذا الوضع اختلفت الأنظار والآراء حول كيفية التعامل مع النص الشرعي، أو ما اصطلح عليه بإشكالية (النص والاجتهاد) أو (الثابت والمتغير). وهذا الكتاب يحاول بحث هذه الإشكالية ضمن تصور واضح لآراء العلماء حول المسألة، يثمر تصورا صحيحا واضحا لمعرفة أحكام الأسرة الثابتة من المتغيرة، وفق مقاصد الشريعة التي جاءت لرعاية مصالح العباد في العاجل والآجل. وجاءت الدراسة في مقدمة وبابين وخاتمة. في المقدمة تناولت المؤلفة موضوع البحث، والإشكالية التي يراد بحثها. ثم الباب الأول الذي عنونت له المؤلفة ب(ضبط مصطلحات الموضوع)، وتحته تمهيد وثلاثة فصول. فتناولت في التمهيد تعريف الحكم الشرعي عند الفقهاء، وهو: (أثر خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير)، وذكرت تعريفه عند الأصوليين، وأشارت إلى أنه بتأمل كلا التعريفين يلاحظ أن الخلاف بين الأصوليين والفقهاء، ليس له أثر عملي. ثم تحدثت في الفصل الأول عن مكانة الأسرة ومقاصدها في الشريعة الإسلامية، فعرفت مفهوم الأسرة، وذكرت عددا من التعريفات، منها تعريف د. أكرم رضا (الأسرة هي الجماعة التي ارتبط ركناها بالزواج الشرعي، والتزمت الحقوق والواجبات بين طرفيها، وما نتج عنها من ذرية، وما اتصل بهما من أقارب). ثم تحدثت عن موضوع مقاصد أحكام الأسرة في الشريعة الإسلامية، فذكرت منها: مقصد حفظ النوع الإنساني، ومقصد بناء الأسرة، ومقصد حفظ النسب، ومقصد الإحصان وإعفاف النفس. ثم كان الفصل الثاني عن ثبات الأحكام وتغيرها في الشريعة الإسلامية، وتناولت فيه مفهوم الثابت والمتغير عند الأصوليين القدامى والمعاصرين، ثم ذكرت أن التعريف المختار للحكم الثابت، هو (ما كان باقيا على أصل مشروعيته بدليل قطعي لذاته أو لغيره، ولم يرفع زمن الوحي)، والتعريف المختار للحكم المتغير هو (ما كان قابلا للاجتهاد فيه وفق مناهج الاستنباط المعتبرة)، ثم فصلت القول في موجبات ثبات الأحكام، وأشارت إلى أنها كثيرة، وقد اقتصرت على أهمها، ومما ذكرته الباحثة وفصلت القول فيه: مسألة ربانية الشريعة، وثبات الفطرة، وثبات اللغة. ثم تحدثت عن مجالات ثبات الأحكام، وذكرت منها: العقائد والحقائق الإيمانية، والأخبار الغيبية، والعبادات وشعائر الدين، وأحكام المقدرات، وهي ما تتعين مقاديرها بالكيل أو الوزن أو العدد، وأصول أحكام نظام الأسرة، أحكام الحدود، الأصول والكليات، ومقاصد الشريعة العامة، الأخلاق والفضائل العامة. ثم كان الفصل الثالث الذي عنونت له المؤلفة ب(تغير الأحكام في الشريعة الإسلامية). ثم ذكرت موجبات تغير الأحكام، ومما ذكرته: عالمية الإسلام، تغير الحكم لتغير علته أو مقصده، وتغير الحكم لتغير مصلحته. ثم كان الباب الثاني الذي خصصته المؤلفة لدراسة مسالك دعاة تغيير الأحكام الشرعية الثابتة وتطبيقاتها في أحكام الأسرة، ففي الفصل الأول قامت بدراسة مسالك دعاة تغيير الأحكام الشرعية الثابتة، فبدأت بمسلك عدم مراعاة خصائص التشريع الإسلامي، وهي: غائية التشريع الإسلامي، وأن الأحكام منشأ الحقوق والواجبات والحريات، وأن المصلحة العامة مقدمة، ثم مسلك الإفراط في الاجتهاد المقاصدي، وذكرت أن للمقاصد الشرعية دورا ملحوظا في المنظومة التشريعية، وقد ورد التصريح باشتراط إدراك مقاصد الشريعة؛ لبلوغ درجة الاجتهاد لدى قدامى الأصوليين ضمن شروط أخرى، غير أن التأكيد على هذا لا يعني المبالغة في استخدام المقاصد في الاجتهاد؛ حتى لا يكون العمل بالمصالح على حساب النصوص والضوابط الشرعية المقررة. وكذلك تحدثت عن مسلك العمل بالاتفاقيات والمواثيق الدولية المخالفة لأحكام المرأة والأسرة، فذكرت أولا لمحة تاريخية موجزة حول أهم المؤتمرات والاتفاقيات التي سعت إلى عولمة القيم الغربية، ثم أتبعت ذلك بذكر الأخطار الناجمة عن قرارات المؤتمرات والاتفاقيات على الأسرة المسلمة؛ مثل: خلو بعض وثائق الأممالمتحدة المعنية تماما، من أية إشارة للأسرة. إلغاء القوامة واعتبارها عنفا ضد المرأة واستبدالها بالشراكة. إقرار الزنا والشذوذ، وإعطاء الشواذ كافة الحقوق، منها الزواج، وتكوين الأسر. اعتبار الأمومة وظيفة اجتماعية بدلا من أن تكون وظيفة فطرية. ثم تناولت في الفصل الثاني نماذج من أحكام الأسرة الثابتة المراد تغييرها، فذكرت موضوع الزواج وآثاره، وتحدثت فيه عن موضوع القوامة وحكمها، والحكمة من مشروعية القوامة وجعلها بيد الرجل، ثم تحدثت عن الاعتراضات على القوامة والرد عليها. وكذلك موضوع تعدد الزوجات، وأوضحت أن كلمة العلماء اتفقت على أن حكم تعدد الزوجات في الإسلام أنه مباح إلى أربع، إباحة لا حظر فيها، بدليل الكتاب والسنة والإجماع. ثم تكلمت عن مقاصد الشريعة من إباحة تعدد الزوجات، وأنها حل لمشكلة العقم، وكذلك حل لمرض الزوجة المزمن، وغيرها من المقاصد. ثم كان حديثها عن مرتكزات دعاة تغيير حكم تعدد الزوجات، وقامت بتفنيدها والرد عليها، وغير ذلك من المسائل. وكذلك تناولت موضوع الطلاق وآثاره، فأشارت إلى: الطلاق ومشروعيته، وذكرت أن من مقاصد الطلاق الرجعي: إعطاء فرصة للزوج لمراجعة نفسه وتدارك الأمر إن أمكن، اللطف الرباني بالزوجة في استمرار حياتها الزوجية، استشعار نعمة الحياة الزوجية لكلا الزوجين. ثم تحدثت عن بعض الأمور التي يدعو إليها دعاة تغيير حكم الطلاق كدعوى جعل الطلاق بيد القاضي، وناقشتها وردت عليها، وكذلك من المسائل التي تناولتها بالمناقشة والرد مسائل العدة واللعان.