صدمت قبل أسابيع حينما حدثني صديق من الشمال العربي عن عجزه عن استقطاب ممارسين صيادلة من دولته إلى أحد القطاعات الطبية في المملكة، رغم عرض رواتب عالية جدا بالمقارنة مع ما يتقاضونه في بلادهم والضرائب التي يتحملونها في المقابل، لكنني فوجئت بشكل أكبر حينما قرأت هذا الأسبوع في صحيفة عكاظ عن شغور 100 ألف وظيفة في القطاع الصحي والاكاديمي في القطاع الحكومي. في الواقع حينما ترى عدد المبتعثين في أصقاع الأرض والزيادة الكبيرة في عدد الكليات والمعاهد والجامعات الصحية الوطنية الحكومية منها والخاصة، يتملكك التعجب من عدم القدرة على تغطية جزء كبير من الاحتياجات المحلية للممارسين الطبيين في القطاع الصحي، وذلك في ظل زيادة المعدلات السكانية وتحول نسبة لا بأس بها من الممارسين الحاليين إلى مرحلة التقاعد، في قطاع تشير فيه الصحيفة ذاتها إلى أن نسبة الأجانب فيه تصل إلى 46 في المائة، لكنها ترتفع إلى الضعف من الاطباء بحسب مصلحة الاحصاءات العامة، وحتى العام 2011 كان عدد الأطباء لا يكاد يصل إلى 25 طبيبا مقابل كل 10 آلاف مريض بحسب الكتاب الاحصائي السنوي الصادر عن وزارة الصحة، وهي نتيجة تعادل طبيبا لكل 409 مرضى، فيما تشير صحيفة الاقتصادية إلى وجود طبيب سعودي لكل 800 مواطن هذه السنة. بالطبع تأثرت المستشفيات المتخصصة جراء تطبيق سلم الرواتب المحدد وتجميد أوضاع الممارسين الصحيين عند ذات الوضع قبل توحيد السلم ما يقتل طموحهم، الأمر الذي جعل من الصعب المحافظة على الكفاءات المتميزة التي اتجهت للقطاع الخاص أو انتقلت إلى مستشفيات ومستوصفات أقل تخصصاً وضغطاً، وهو أمر يجب أن يتم حله في أسرع وقت من أجل ضمان استمرارية الخدمات المتميزة لتلك الجهات. أختم حديثي بما بدأت به عن استقطاب الكوادر الأجنبية، وأعتقد أنه يمكننا التوجه إلى دول جديدة غير تقليدية عبر اتفاقيات معينة توفر اطباء متخصصين في مجالات متخصصة قد تكون في أمريكا اللاتينية أو شرق أوروبا، وفي الوقت نفسه، يعاد ترتيب التعليم الطبي المحلي من أجل مواءمة الحاجات المحلية على المدى الطويل، هذه الأمور وغيرها أكبر، ينتظر من الوزير الفالح تغييرها خلال الفترة المقبلة. والله من وراء القصد.