مهما اختلفنا مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن ذلك لا ينتقص من قيمتها ودورها الديني والمجتمعي، فهي مؤسسة أصيلة في المنظومة الاجتماعية ولها وزنها الديني إذ إن الحسبة معروفة في الدين ولها واجبات مهمة في ضبط النظام والسيطرة على أي انحرافات فردية في سلوكياتها العامة، وأي مظاهر لرفض دورها على الإطلاق غير منطقية وتتسبب في فوضى اجتماعية وارتباك في مسارات الناس الدينية والقيمية، ويمكن تصوّر أي مساحة من الفراغ دون الهيئة للوصول الى قناعة بأهمية دورها. ذلك أجده في خبر أخير يمكن إضافته لكثير من الأخبار الأخرى التي تعالج فيها الهيئة أوضاعا مغلوطة ولا تستقيم مع سلامة المنهج السلوكي والأخلاقي للفرد والمجتمع، وفيه ما كشفت عنه بمحافظة الطائف، من تفاصيل ضبط لحفلة ماجنة كبيرة، شهدت اختلاط 11 فتاة مع 13 شابا، داخل إحدى الاستراحات بحي الواسط شمال المحافظة، وذلك بمشاركة فرق البحث الجنائي بالشرطة، مع الاستعانة بعدد من رجال قوة المهمات والواجبات الخاصة. الصورة الكلية للمشهد مقززة وغير محترمة ولا تليق بمجتمعنا، وهنا يأتي أفضل ما في أدوار الهيئة بغض النظر عن أي ملاحظات سلبية في أداء بعض الأفراد، فالتقويم السلوكي لا يأتي بمعطيات منعزلة تترك للفرد أن يخطئ ويصيب في الحق العام، صحيح أن من يخطئ لوحده يحاسبه رب العالمين على أي قصور أو سوء سلوك ولكن الحياة منظمة بأكبر من الاحتفاظ بمفاهيم سطحية تترك النظام للفرد وحده، فهناك مؤسسات تراقب وتعمل لاستقرار أحوال الناس والتحقق من سلامة استقامتها في المحيط العام، وما يفعله المرء في سره فذلك كفيل به الله أما حينما نرى عبثا مثل الحفلات غير الأخلاقية فلا بد أن تكون هناك جهة مؤسسية تضع حدا لأي انفلات أو خروج عن النص الاجتماعي والديني. حينما نرى حفلات ونشاطا عبثيا باسم الترفيه والترويح كهذا ينتشر هنا وهناك يمكن ان نتخيل صورة صادمة تترتب على التهاون في عدم وضع الأمور في نصابها الصحيح، فنحن نحتاج لضبط وحزم في السياق المجتمعي ليس لمثل هذه الحالات وحسب وإنما لغيرها فيما يمكن تفسيره اختراقا لحق المجتمع في احترام نظامه ومنهجه وما يهدد أمنه وسلامته، وما يحدث لا يليق بنا كمجتمع.. تترتب عليه مسؤوليات كبيرة في أن يكون قدوة صالحة ونموذجا خيرا، وإذا كانت هناك أجواء حريات وانفتاح ينبغي أن يتمتع بها من يطلبونها ولا يشعرون بها بصورة كافية، فلا يمكن أن تعني ما يحدث ففي ذلك لبس والتباس قاتل بين الحرية والفوضى، والالتزام والتحلل من القيود والضوابط. مطلوب من الهيئة أن تمضي في دورها ولكن مع تطوير أدواتها وتأهيل كوادرها ومعالجة السلبيات التي يمكن أن تحدث من بعض الأفراد، فما يحدث من فرد فيها يمس الهيئة بأكملها كمؤسسة، ونعتقد أن العصر تطور وثقافة الناس تغيرت كثيرا، ولذلك لا بد من المواكبة والتفكير في برامج وقائية أكثر فعالية، برامج تعزز النزعة المانعة لأولئك الذين يتم القبض عليهم في ردع أنفسهم عن إتيان القبيح من الأفعال، بدلا من صيدهم في الحالة التي لا تتفق مع مقتضيات النظام وهيبة المجتمع.