الاستحقاقات الإنسانية العظيمة لا تليق إلا بالعظماء، ليس ذلك استخلاصا من مجريات اجتماعية روتينية، وإنما نتاج حصيلة متراكمة من الأداء الذي يفوق المجتمعات المحلية ليقدم للإنسانية نموذجا إنسانيا فاعلا ومؤثرا، يصلح أن يكون عنوانا لماهية الإنسان الحقيقي، الذي يبذل الخير ويتدفق به كجزء من طبيعته الخيّرة والنبيلة، ويجعل منه أيقونة للإنسان الفاضل الذي يعكس للبشرية أجمل ما فيه حتى تقتدي به وتؤثر عمل الخير وتحقق النفع العام كمشروع حياة وأمل يبعث لمجتمعات العالم كثيرا من القيم التي تسعى لتعزيزها والحفاظ عليها. الشيخ عبداللطيف بن حمد محمد الجبر، قدّم ذلك النموذج الإنساني المستحق الذي له كثير من الدلالات على صعيدنا الإنساني والاجتماعي والوطني والإسلامي، وذلك حصيلة خمسين عاما من العمل المتواصل والمستمر في النفع العام الذي يتفق مع جميع معايير الإنسانية الفاضلة، والخير الكامن في النفس البشرية الذي اكتشفه مبكرا في ذاته الكبيرة، وظل حريصا عليه ومواصلا في تقديمه بكل طاقته وجهده ووسعه ليكون مستحقا لكل أشكال التكريم والتقدير الذي يجعله أحد بني الإنسان الذين يضيفون لمدرسة الإنسانية منهجا رفيعا ومتقدما في السلوك الإنساني، الذي يرتكز على الخير وخدمة الناس. ذلك الاستحقاق ناله من المنظمة العالمية للسلام والازدهار الدولي، التي كرمته في العاصمة البريطانية لندن، نظير ما قدمه من أعمال إنسانية تجاه المجتمع، كأول سعودي ينال تلك الجائزة العالمية، وهذه المنظمة مؤسسة غير ربحية مقرها في لندن تهدف إلى تعزيز الأمن والسلم في العالم، من خلال الحوار والتفاهم حيال القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية، وهي تكرّم سنويا شخصية عالمية تقديرا منها للإسهامات التي قدمتها وتقدمها في مختلف مجالات العمل الخيري والدعم والمساندة لمجتمعاتها المحلية. منجزات الشيخ الجبر الإنسانية جديرة بأن ترفعه مكانا عليّا في الوسط الاجتماعي والوطني، فمسألة التكافل من المسائل الدينية المحمودة والمطلوبة، والوطنية الاستراتيجية، والاجتماعية القويمة، وهو بلا شك لم يسع لمثل تلك الجائزة وإنما هي التي سعت إليه، فمثله لا يعمل من أجلها؛ لأنه أكبر منها ويظل كذلك، فهو يقدّم الشخصية السعودية في أبهى صورها، وتكريمه امتداد لتكريم بلادنا ومجتمعنا وقيادتنا وهي تقدم أكبر المساعدات الإنسانية لكل بلدان العالم دون تمييز بينها، حتى أصبحت بلادنا هي مملكة الإنسانية نظير دورها الإنساني الواسع. لقد أنجز الشيخ عبداللطيف الجبر كثيرا من الأعمال الخيرية والإنسانية التي لا يمكن إحصاؤها، ولا ننسى ما قدمه بيمينه ولا تعلمه شماله، ولكن حتى لا ننسى الفضل بيننا فإن هناك أعمالا أكبر من أن نتجاوزها وتكفي الإشارة إليها بمعية أبنائه الذين قادهم الى ذات الطريق الإنساني الرفيع، فهناك كثير من الأعمال الخيرية والإنسانية التي أسهمت وتسهم في الارتقاء بالمجتمع، وهي منشآت وتبرعات ودعم وتشجيع ومبادرات تتعلق بكل ما يعمل على تطوير الخدمات الاجتماعية والصحية وتعزز روح التكافل في المجتمع وتسد ثغرات فقرائه ومساكينه. إنها مسيرة طويلة ونبيلة من عمل الخير أرست مدرسة الجبر الخيرية لتقدم منهجا خيريا وإنسانيا يرتفع بالإنسان، ويجعله محلا للإيثار ورسم الابتسامة الشفافة في الوجوه التي تعاني كدر الزمان وقسوة الحياة، فهو شريك إنساني فاضل وكريم في تغيير العبوس وبعث الأمل وكتابة أجمل ملامح الإنسانية، فهو إنساني كوني لكل البشرية، وذلك ما تعنيه الجائزة التي تفتح الأفق لكل سعودي ليكون مثالا إنسانيا على نهج وسيرة الشيخ الجبر التي انطلقت من بلاده كشخصية اجتماعية لها كثير من الأدوار الوطنية والاجتماعية، وانتهت إلى هذا الحصاد الإنساني الرفيع الذي نفخر ونعتز به، فهو منّا ولكنه ينتمي لكل الإنسانية بكل قسماتها وآمالها ومتاعبها التي ظل يعمل بصدق وإخلاص من أجل أن تكون أكثر كفاية وعدلا.