قبل يومين كنت في حديث مع أحد الأصدقاء، وكانت أحاديثنا مزيجا رائعا لسببين, السبب الأول أنني طرف في هذه الأحاديث، والسبب الثاني أن تلك الأحاديث كانت مختلفة ومتنوعة تبدأ بالرياضة وبالذات كرة القدم فأبدأ معه شامتا بفرقه متغنيا بفرقي العظيمة وأنتصر كعادتي ثم ينحرف الحديث إلى السياسة والأوضاع الراهنة بشرقنا الأوسط، وأؤكد لكم أن احاديثنا لا تخلو من موضوع الشوارع والمطبات والحفر والتحويلات فهي «كالكشنة» حينما تزين الأطباق, هذه مكونات احاديثنا بشكل عام ومتكرر بالاضافة الى موضوع جديد كل مرة إما عن ما يحدث على مستوى العالم او الاقتصاد أو ما نواجهه في حياتنا ومعاناتنا اليومية وهكذا. وأثناء الحديث قال صاحبي في سياق موضوعه «جنت على نفسها براقش» وظن أنه سيكمل كلامه أو أنني سأقاطعه و أعلق قائلا «أي والله» أو «يا أخي من جد فعلا كلامك صحيح» أو ما شابه ذلك من تعليقات تنم عن «التسليك» للمتحدث, إلا أنه تفاجأ بتعليقي وأنا أقول: هل تعلم ما هي براقش؟ هنا توقف جهازه التنفسي قليلا وأظن دقات قلبه كذلك لوهلة وبدأت عيناه تزداد اتساعا وبحلقة وقال: أنت ما تعرف قصتها؟ قلت «مسألة أنك تتغدا فيني قبل ان اتعشى فيك انساها» أمرًا عليك وليس فضلا جاوبني ما هي براقش؟ حاول العبث بجواله ليتصل بالزميل «جوجل» فمنعته ثم قال «المهم انت عارف قصدي» فقلت المهم اني اكتشف أنك من الببغائيين الذين يرددون كلام الاخرين دون علم, أنت تعرف كيف تستخدم عبارة «جنت على نفسها براقش» وأين توضع في سياق الكلام ولكنك لا تعلم ما معناها وهذا فشل ذريع لك, بعدها انقلب الحديث عن مثل هذا العبارات التي يرددها أناس كثيرون ولا يعلمون ما معناها ولكنهم يجيدون تماما وضعها في موقعها المناسب. فالكثير وبالذات الضيوف في المقابلات التلفزيونية أو المداخلات الهاتفية يستخدم كلمة «ليس من الضرورة بمكان» وهنا أنا أستغرب, فيمكن استخدام نفس العبارة ذاتها دون استخدام كلمة «مكان» والتي في نظري لا مكان لها من المنطق أبدا بل هي مجرد ترديد. استخدام مثل هذه العبارات ليس مقصورا على الناس المهمين مثلي أو العاديين مثل صديقي هذا أبو «براقش» بل أيضا نجدها في قنوات رسمية, فمثلا بعض القنوات الاخبارية يردد مذيعوها من الجنسين عبارة «وكشف مراقبون» أو «ويعلّق مراقبون» وأنا هنا أتساءل من هم هؤلاء المراقبون؟ وأين راقبوا؟ ومتى راقبوا؟ وماذا راقبوا؟ وهل وظيفتهم في الحياة هي المراقبة؟ وهل لا يوجد غيرهم يراقب لذلك اكتفوا بتسميتهم المراقبين بحيث اذا ذكرت كلمة المراقبين عرفنا مباشرة أنهم هم المقصودون دون سواهم؟ ليست تلك أمثلة حصرية وبحكم أني من متابعي كرة القدم أسمع كثيرا من المعلقين يكرر عبارة أتحدى أنه يعرف معناها بل أجزم أنه مثل صاحبي «أبو البراقش» اللي من الناس «العاديين» يردد ولا يعرف, وهي حين يكون فريق متقدما على الاخر ثم يحاول الفريق المهزوم احراز التعادل فيحاول مرارا وتكرارا ويضغط ويهدد بكل قوة حتى يتمكن من احراز هدف التعادل في اخر الوقت فيقول المعلق عن مدربهم «وأخيرا تنفس الصعداء» وعلى مسؤوليتي أنه لا يعرف من هم الصعداء ومتى تنفسوا مما يجعلني أقول بكل ثقة لكل من ذكرتهم أعلاه من الضيوف في مقابلاتهم أو مداخلاتهم ومذيعي الأخبار ومعلقي المباريات صُفّوا هنا.. جنب صاحبي أبو «البراقش».