من أصعب الصعوبات التعامل مع الأغبياء، فقد يؤدي التعامل معهم للوفاة، أكدت دراسة أجرتها جامعة ليندبرج السويدية أن العمل مع أشخاص أغبياء يزيد من امكانية إصابة الإنسان بالتوتر العصبي الذي يؤدي بدوره للإصابة بالعديد من الأمراض الأخرى أخطرها الأزمات القلبية. يقول الباحثون السويديون: إن التعامل مع الأغبياء لا يقل خطراً عن تأثير تدخين السجائر وإدمان المواد المنبهة مثل القهوة والشاي لأنه يؤدى لإصابة الذين يتعاملون معهم بالضغط العصبي الذي يسبب الأزمات القلبية. أُجريت هذه الدراسة على «500 شخص» أصيبوا بالأزمة القلبية.. وعندما تمت مناقشتهم والتعرف على عاداتهم من خلال توجيه بعض الأسئلة عن طبيعة عمل كل منهم تبين أن 62% منهم كانوا يتعاملون مع أشخاص أغبياء ما تسبب في إصابتهم بالضغط العصبي الشديد أثناء العمل. أتفق مع الباحثين الذين ينصحون بعدم التعامل مع الأغبياء، لكن إذا اضطرتنا الظروف للتعامل مع بعضهم فلابد من أن نتحكم في ردود أفعالنا وتأثير التعامل معهم بسرعة. ومن خلال تجربتي واطلاعي في هذا الموضوع تأكد لدي أن التعامل مع هذه الفئة يتطلب تخفيض سقف التوقعات منهم حتى وإن كانت مهمة صعبة جداً لكنها الوسيلة الوحيدة المجدية في التعامل معهم. وحتى لا نحبط أو نمرض نضع في عين الاعتبار أن العالم ليس للأذكياء فقط أو حتى للعاديين وإنما عالم يتسع لجميع أنواع البشر ومن بينهم الأغبياء! ولله في خلقه شئون. البشر مختلفون فلا يوجد كما يُقال «يخلق من الشبه أربعين» مقولة بعيدة عن الواقع فالاختلاف الوراثي والبيئي وارد، والمصيبة لو كان هذا الشخص الذي نتعامل معه كما يقول المثل العامي «غشيم ومتعافي» وهو لا يدري فتلك مصيبة وإن كان يدري فالمصيبة أعظم. الغشيم والمتعافي والمتذاكي نفس الشخصية لكن مع التلميع -تلميع أنفسهم- يحاولون أن يقنعوا الآخر بذكائهم المُصطنع هؤلاء الأشخاص كثيراً ما نقابلهم في حياتنا وفي مواقف الاختلاف في وجهات النظر سنكون نحن الأغبياء وهم الأذكياء. في بعض المؤسسات وبعض الدوائر الحكومية نجد أمثال هؤلاء وعند التعامل معهم نفاجأ ونستغرب كيف وصلوا لمراكز قيادة ولهذا المستوى وهم بهذا الغباء عكس النظرية التي تقول «الشخص المناسب في المكان المناسب» وما نراه نأسف له «أشخاص غير مناسبين في الأماكن المناسبة» لابد أن هناك خللا!! أقول له زيدًا فيسمع خالدًا ويكتبه عمرًا ويقرأه بشراً يَعِي غَيْرَ مَا قُلْنَا وَيَكْتُبُ غَيْرَ مَا... وَعَاهُ وَيَقْرَأُ غَيْرَ مَا هُوَ كَاتِبُ .. عجبي!! أعود لأسلوب التعامل مع الأغبياء.. فالغباء الذي وصل لدرجة متناهية يجب أن نتعامل معه بفن فلا نشفق عليه ولا نغضب منه، الشفقة تؤلمه كما يؤلمه الغضب والتعامل يكون باختيار الطريقة الأنسب للطرفين كالبحث عن المساحات والدوائر المشتركة للتعامل والتعايش، والهروب من المنطقة الشائكة بدبلوماسية لا تؤذيه ولا تسبب لنا أزمات قلبية. من أمثلة الغباء المتناهي.. إحدى الطالبات بالمدرسة غباؤها قاتل اتفقنا نحن المدرسة والبيت ووضعنا خطة للتعامل معها بما يتناسب وحالة الغباء، طبعاً خطة تربوية ترفع من معنوياتها وربما تنجح في تنمية ذكائها وقدراتها، قمنا بدراسة شاملة دون أن نشعرها بالشفقة ودون أن نغضب من غبائها. ومن أمثلة هذا الغباء، في الطوابير لوحظ يوماً أنها تحمل حقيبتين وحقيبة الطالب كما نعرف تنوء عن حملها الجبال لأسباب كثيرة، هذا موضوع آخر سأخصص له مقالاً آخر وربما مقالات!! المهم وحتى لا أخرج عن الموضوع ساعدتها المعلمة حتى دخلت الفصل وفي الفصل اتضح أنها أحضرت حقيبتها المدرسية وحقيبة أختها الغائبة!!!! غريب ولكن من مثلها ليس بغريب. طريقة التعامل المجدية حتى لا نصاب بجلطات كما تقول الدراسة السويدية نسأل أنفسنا.. هل هذا الشخص الغبي الذي نتعامل معه ظروفه الاجتماعية البيئية والوراثية مشابهة لظروف غيره من العاديين؟ إذا كانت الإجابة لا، فلنقتنع بأن هناك ظروفاً لا ذنب له فيها، حالة خاصة، والبشر ليسوا قالباً واحداً أو نسخة واحدة حينها سنشعر بالرضا وسنتعامل معهم بما يرضي الله.