أخفق وزير الخارجية الأمريكية جون كيري في مساعي إعادة الهدوء إلى الأراضي الفلسطينية، التي بدأها الخميس بلقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في برلين، واستكملها أمس السبت بلقاءين منفصلين، عقدهما في العاصمة الأردنيةعمان، مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني. ومنيت جهود كيري -الذي سعى إلى ترويج "تدابير"، قال إنها "مطالب الملك عبد الله الثاني، ووافق عليها نتنياهو"، لكن الجانب الفلسطيني تمسك بزوال الاحتلال والحماية الدولية للشعب الفلسطيني، ما يعكس إخفاقا بين عمان ورام الله في التوصل إلى تفاهم مشترك يبدد تداعيات الهبة الشعبية في فلسطين التي تثير فتورا في العلاقات الثنائية- بالخيبة. لقاءات كيري المتتابعة مع عباس وعبد الله الثاني أخفقت في تحقيق تقدم حيال الأوضاع المتوترة التي تشهدها الأراضي الفلسطينية رداً على تدنيس قوات الاحتلال الإسرائيلي لباحات وأروقة المسجد الأقصى المبارك. الدبلوماسية الأمريكية -التي سارع المسؤولون الفلسطينيون إلى الكشف عن متنها- لم تأت بجديد، وفق مسؤول فلسطيني رفيع حضر لقاء عباس - كيري في العاصمة عمّان. وقال ل"اليوم": إن "الوزير الأمريكي لم يأت بجديد، لقد نقل اتهامات الجانب الإسرائيلي، وطالب الفلسطينيين بوقف التحريض والأعمال العدائية، دون أن يقدم حلولاً لأصل المشكلة". وبين المسؤول أن "كيري والإدارة الأمريكية يتجاهلون أن الاحتلال هو أصل المشكلة، وزواله هو ما يحقق السلام في الأراضي الفلسطينية". المسؤول الفلسطيني أشار الى أن "المطالب الفلسطينية تنحصر في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967، وبعدها الشروع في مفاوضات نهائية تنظم العلاقة بين الدولة الفلسطينية المزمعة وإسرائيل، كدولة مجاورة، ولحين تحقق هذا لا بد من توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني". كيري -وفق المسؤول الفلسطيني- تبنى الخطاب الإسرائيلي، واتهم الفلسطينيين ب"ممارسة العنف والتحريض ضد إسرائيل"، وطالبهم ب"وقف التحريض وأعمال العنف"، ك"خطوة لإنهاء الهبة الشعبية الفلسطينية لنصرة المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة". الرئيس عباس -الذي التقى كيري في منزله بمنطقة عبدون الفارهة وسط العاصمة الأردنية- بدا أكثر تمسكاً بالخطوات التي شرع بها مع بداية العام في الأروقة الدولية، الساعية إلى "تدويل القضية الفلسطينية"، وطالب الوزير الأمريكي ب"قرار من مجلس الامن الدولي يوفر الحماية الدولية للشعب الفلسطيني". وعقب اللقاء قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات: إن "الرئيس عباس عرض على الوزير الأمريكي 5 مجلدات كبرى، أعدتها السلطة الفلسطينية، وتضمنت توثيقاً للانتهاكات الإسرائيلية والإعدامات الميدانية التي تنفذها قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين العزّل". ورأى عريقات أن "الحديث عن التهدئة بمعزل عن معالجة الأسباب الرئيسية، المتمثلة باستمرار الاحتلال والاستيطان والعقوبات الجماعية وهدم البيوت والإعدامات الميدانية ومحاولات التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، مجرد حديث للعلاقات العامة والإعلام". وتجنب المسؤولون الفلسطينيون الحديث حيال "أفكار"، ناقشها كيري لدى لقائه نتنياهو في برلين. "أفكار كيري - نتنياهو" التي ساقها كيري ك«تدابير»، كانت محور اللقاء، الذي ضم كيري والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، وفق ما أعلنه وزير الخارجية الأمريكي. وقال كيري، عقب مباحثات مع الملك عبد الله الثاني، إن "تدابير جديدة ستتخذ بين الجانبين الأردني والاسرائيلي فيما يتعلق بالمسجد الاقصى". وبين كيري، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأردني ناصر جودة، أن "التدابير الجديدة سيعلنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو". وأشار كيري إلى "موافقة نتنياهو على طلب أردني بمراقبة الأقصى بالكاميرات على مدار الساعة"، إضافة إلى "التزام نتنياهو بتطبيق سياسة تتيح للمسلمين الصلاة في الحرم القدسي، ولغير المسلمين الزيارة فقط". وكشف كيري عن لقاء سيجمع مسؤولين اسرائيليين بمسؤولين من وزارة الاوقاف والمقدسات والشؤون الإسلامية الأردنية لتهدئة التوتر في الحرم القدسي. وزاد كيري أن "نتنياهو وافق على الاحترام الكامل لدور الأردن الخاص، باعتباره المؤتمن على الأماكن المقدسة، بحسب الوضع الراهن لعام 1967". ويخضع الحرم القدسي للإدارة والحماية الأردنية، ويتبع موظفوه وزارة الاوقاف الأردنية، وفق اتفاق بين الأردن والسلطة الفلسطينية، مما يضع مدينة القدس في عهدة العاهل الأردني عبدالله الثاني، ويتيح للأردن الاشراف على الاماكن المقدسة، وهو ما تعترف به إسرائيل في معاهدة «وادي عربة» التي وقعتها مع الأردن في 1994. وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قد تحدث في وقت سابق عن رغبته في رؤية معايير واضحة بشأن الوصول إلى الأماكن المقدسة في مدينة القدس، وهي على ما يبدو التدابير التي وافق عليها نتنياهو. بيان القصر الأردني المقتضب -وفق مصدر أردني رفيع- جاء بعد إخفاق عمان ورام الله في التوصل إلى تفاهم مشترك يبلغانه إلى الوزير الامريكي. وقال المصدر ل"اليوم": إن "الرئيس عباس سعى إلى توظيف الهبة الشعبية ضد الاحتلال لتحقيق مكتسبات سياسية في الأروقة الدولية، وهو ما لا تحتمله المنطقة". ولفت المصدر إلى تباين الاجندتين الأردنيةوالفلسطينية حيال الأحداث التي تشهدها الأراضي الفلسطينية"، مرجعاً إليه "الفتور بين الجانبين". واعتبر أن "توظيفات الهبة الشعبية الفلسطينية في هذه المرحلة الدقيقة لتحقيق مكتسبات سياسية لصالح القضية الفلسطينية، هو محض مغامرة غير محسوبة النتائج"، في انتقاد صريح لنهج الرئيس عباس.