عمليا يدرك الروس ان مهمة التدخل صعبة، ولكنها بالنسبة لها امر لابد منه، الروس لديهم قراءة للتحولات الدولية، وان دخولهم المسرح الدولي يجب ان يبدأ باستعراض القوة، وهذا الاستعراض يجب ان يكون ناجحا، ولا مجال فيه للفشل، ولن يحقق الروس النجاح العسكري والسياسي دون تعاون اقليمي، وتحديدا مع السعودية. على الارض تم توحيد العديد من التنظيمات، تم تجاوز الخلافات لمواجهة خطر محدد وهو التدخل الروسي، وايضا قوات الاسد، والميليشيات الايرانية التابعة لهم، وعلى الارض ايضا حصلت متغيرات ايضا، فالجيش الحر الذي تقصفه موسكو استطاع نشر قواته والاحتفاظ بها لحين حصوله على دعم استثنائي تمثل بصواريخ مضادة للدبابات، فيما حصل جيش الفتح على صواريخ مماثلة ومضادات للطيران. عمليا القصف الروسي حقق بعض النتائج، لكنها نتائج لم تخرج اي قوة عن الارض السورية، لا الجيش الحر، ولاجبهة النصرة، ولا تنظيم داعش الذي نقل قياداته الى الاراضي العراقية، وجيش الفتح، وعمليا ايضا لايمكن التوصل الى حل سياسي بقوة السلاح دون موافقة الشركاء في الحل، لا الشركاء في تعقيد الازمة السورية. ارجاء الزيارات الخليجية الى موسكو، يأتي في هذا الاطار ايضا، فالتدخل العسكري، لن يؤدي الى فرض حلول سياسية معينة، كما ان موسكو ايضا متخوفة من الميليشيا الايرانية، التي تستعد لقطف ثمار التدخل الروسي لصالحها، وهو الامر الذي لاترغب به موسكو، وعليه ايضا فان هذا التطور يفتح بابا لتفاهمات خليجية روسية متشعبة. احد الخبراء الروس وفي اتصال هاتفي معه أوضح لي ان روسيا دخلت في سوريا وهي تدرك تعقيدات الازمة السورية، وهي تدرك فشل الاسد في الحسم طيلة الاعوام السابقة، وايضا تراجع قوة الميليشيا الايرانية، وهذا يعني بان الحسم الروسي ليس له شركاء في سوريا غير الجيش السوري، ولهذا طلبت موسكو الا يشاركها احد في القيادة التنفيذية للعمليات العسكرية، وفرضت على الايرانيين حصارا لم يرغبوا به، الا انهم رحبوا به اعتقادا منهم ان القوة الروسية لن تبقى في سوريا طويلا. في هذا الاطار هناك مشاورات واتصالات مكثفة روسية مع فواعل الازمة في سوريا، وهذه الاتصالات باعتقادي اثمرت عن تخلي الروس عن موقفهم فيما يتعلق ببقاء الاسد، وتم الاتفاق على ان يكون جزءا من المرحلة الانتقالية فقط، كما ان الروس ايضا لديهم معلوماتهم الاستخبارية حول التفاهمات الايرانيةالامريكية، ولهذا فان هناك تحولات يمكن ان تحدث خلال الايام القادمة في سوريا والمنطقة، قد تضعف التواجد الايراني. المعلومات لدينا تفيد بان هناك تطورات ميدانية مهمة حدثت خلال فترة التدخل الروسي، هذه التطورات تمثلت في سقوط عدد كبير من قيادات الحرس الثوري الايراني، واسر بعضهم، وان اتصالات خلفية بدأت تجري بين الجيش السوري الحر، والاستخبارات الروسية، وان موسكو تحاول انتزاع موقف مضاد للجهاديين الروس في سوريا، وموقف ايجابي من الحل السياسي، وهذه المعطيات من شأنها ان تفتح كوة كبيرة في الاتصال والتنسيق الروسي الخليجي. الغاء الزيارات وتأجيلها، هي رسائل لها معنى وعلى موسكو تفهم مضامين هذه الرسائل، وهذا باعتقادي يدفع باتجاه تعزيز العلاقات بين روسيا ودول الخليج للتفاهم في مجريات الملف السوري، ناهيك عن التطور في العلاقة السعودية القطرية التركية، وهذا المثلث الفاعل في السياسة الدولية والاقليمية، سيكون حاضرا ومؤثرا في اي حل سياسي في سوريا، ما يعني ان القوة الروسية لن تتمكن من فرض حل سياسي دون شركاء حقيقيين. صواريخ "ستنغر" او ما يشابهها في طريقها الى الجيش الحر وجيش الفتح في سوريا، وبعضها وصل منذ ايام قريبة، وبكميات كبيرة، وهذا يستدعي من الروس عدم التيقن دائما بأنهم قادرون وحدهم على فرض حلول سياسية، لا تتوافق مع رؤية الدول الاقليمية، فلا يمكن ان تسمح دول الخليج بنصر روسي يذهب بالمحصلة لصالح ايران، مهما كانت رغبة دول الخليج الجدية في تطوير علاقة استراتيجية مع روسيا، وعليه سيكون الامتحان السوري للقيادة الروسية، الطريق المعبد لعلاقات خليجية روسية نوعية أو متقاطعة، فدول الخليج تتفهم حركة المصالح الروسية، لكن على روسيا ان تتفهم مصالح الدول العربية الفاعلة. دول الخليج ليست بصدد المواجهة مع الروس، ولا ترغب بفشل روسيا سياسيا وعسكريا، ولكنها ايضا لن تفشل هي سياسيا في سوريا لصالح ايران، حتى وان كانت الخسارة تشمل روسيا، وهذا الامر يحتاج سرعة في عقد التفاهمات المشتركة، وباعتقادي ان الجيش الحر، وجيش الفتح، وجبهة النصرة، لن ينتظروا المواجهة لحين حدوث تغيرات على الارض ليست في صالحهم، والسؤال الذي يطرح نفسه، كم هي المدة، اسبوع، ايام، لانعلم، لكن كل مانعلمه ان اول متغير سيكون بسقوط أول طائرة روسية، وهذا كاف لتغيير المعادلة. ايران تدفع سرا باتجاه المواجهة العسكرية مع روسيا، ولعل سرقة بعض العربات العسكرية، ومضادات الطيران، وبعض الصواريخ من المخازن العراقية، ليس امرا عاديا، كما ان هناك مخططا لتنفيذ عدة عمليات انتحارية في قلب موسكو، تستهدف منشآت حيوية وخطوط الغاز والنفط، عندها نذهب باتجاه بالونات الاختبار التي اطلقها كل من بريجنسكي، كيسنجر، ريتشاردهاس، حول الحرب العالمية الثالثة.