في مناسبة اليوم العالمي للتقييس الذي يصادف 14 أكتوبر من كل عام، تحدث الأستاذ نبيل بن أمين ملا الأمين العام لهيئة التقييس لدول مجلس التعاون عن أهمية التقييس في التنمية، موضحا أن هيئة التقييس تسعى جاهدة وبالتعاون مع الأجهزة الوطنية للتقييس بالدول الأعضاء إلى إعداد وتطوير المواصفات القياسية اللازمة، وإصدارها كمواصفات قياسية خليجية موحدة بما يخدم الاقتصاديات الخليجية ويوفر احتياجات ومتطلبات قطاعي التجارة والصناعة فيها. وقد بلغ عدد المواصفات القياسية واللوائح الفنية الخليجية التي صدرت عن الهيئة حتى الآن حوالي 17 ألف مواصفة قياسية ولائحة فنية خليجية. ولنشاط التقييس ارتباط وثيق بالتنمية، حيث إن إعداد المواصفات القياسية الخليجية مبني على أسس موجهة لدعم الصناعة الوطنية الخليجية بتسهيل تبادلها بين الدول ووصولها إلى الأسواق الدولية، وتلبية متطلبات منظمة التجارة العالمية ودعم تطبيق إجراءات الاتحاد الجمركي بين دول مجلس التعاون والتوافق مع التوجهات الخاصة بمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والاستجابة لمتطلبات دول المجلس وشركائها التجاريين وذلك من خلال تطبيق مجموعة من أدلة العمل والنظم التي تم إعدادها طبقاً للتوجهات الدولية في هذا المجال. وتتضح أهمية التقييس التنموية على أكثر من صعيد. ففيما يخص المنشآت الصغيرة والمتوسطة تلعب المواصفات دورا حيوي في تحسين أداء وجودة المنتجات والخدمات، ودعم وترويج الصادرات وضمان سلامة الواردات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وبالإضافة إلى كونها من الوسائل الأساسية للتعاقدات، فإن المواصفات والجودة والقدرة على بيان المطابقة للمواصفات بما فيها مواصفات نظم الجودة والإدارة البيئية أصبحت ركنا أساسيا في متطلبات التجارة الدولية التي رسخت أسسا ومفاهيم جديدة للتبادل التجاري وفتح الأسواق. لذلك من المهم قيام قطاعي الأعمال الصغيرة والمتوسطة بتبني قواعد ومفاهيم التقييس وما يشمله من مواصفات ومقاييس وضبط جودة وسرعة تطبيقها، لكي تمكن اقتصاديات دول مجلس التعاون من النمو والمنافسة على أسس راسخة خاصة في الأسواق الدولية. كما إن المواصفات والمقاييس لها إسهامات مباشرة في وضع الأسس والقواعد التي تكفل ضبط وتحسين الجودة، والتخلص من الهدر الناتج عن ارتفاع نسبة الإنتاج غير المطابق للمواصفات القياسية، إضافة إلى إيجاد حلول للمشكلات الفنية ومراعاة الدقة في اختيار أنسب الخامات، وأكفأ عمليات التصنيع، وأمثل الظروف الإنتاجية، بما يكفل توفير الضمان القوي لإنتاج كبير بجودة عالية، ويسهم بدوره في خفض التكاليف، وزيادة الأرباح والقدرة على اقتناء الأجهزة الدقيقة للاختبار، الأمر الذي يحقق إحكام ضبط الرقابة على جودة الإنتاج ورفع مستواه، كما يسهم التقييس أيضاً في توفير ظروف الأمان والسلامة للمنتجات وزيادة فرص تسويقها بهدف الارتفاع بجودتها إضافة الى تبسيط جميع مراحل عمليات التصنيع ما يساعد على إيجاد إنتاج متجانس ومتماثل في درجة الجودة، يسهم بمردود إيجابي في زيادة حجم الصادرات وكسب ثقة المستهلك في الأسواق الوطنية والإقليمية والدولية. كما تبرز أهمية المواصفات في مجال مكافحة السلع المقلدة التي تجتاح الأسواق الخليجية أكثر من أي وقت مضى. فإذا لم يكن هناك لوائح فنية (مواصفات قياسية ملزمة) للسلع الواردة لدولنا او لم يكن هناك إجراءات للتحقيق من مطابقتها فستستغل هذا الموضوع الشركات المقلدة او ذات المنتجات الرديئة لتسويق منتجاتها في منطقتنا. وتعمل الهيئة على وضع إجراءات التحقق لمطابقة عدد كبير من السلع المستوردة من الخارج في منطقتنا الخليجية بالتعاون مع الهيئات الوطنية. كما تخدم المواصفات والمقاييس القطاع الخاص بشكل كبير أيضا. وبشكل عام لا تزال مشاركة القطاع الخاص في التقييس وأنشطته دون الطموحات، وتتطلع دول المجلس أن يكون للقطاع الخاص في دول المجلس دور ريادي في المشاركة في التقييس ودعم أنشطته. والجدير بالذكر أن جميع أجهزة التقييس في الدول الصناعية هي مؤسسة من قبل القطاع الخاص في الدول الصناعية، وتقوم هذه الأجهزة باستقطاب القطاع الخاص وإشراكه في اللجان الفنية وأنشطة التقييس الأخرى. وبذلك فإن المواصفات في العالم الصناعي تأتي بمشاركة فاعلة من القطاع الخاص وهي تعبر عن آخر ما توصلت اليه التكنولوجيا. ويتم تحديث هذه المواصفات بصفة دورية تتراوح بين ثلاث الى خمس سنوات. وهناك مواصفات لا يمكن أن تتم عن طريق اللجان الفنية وذلك لأنها تتميز بالتطور السريع مثل الهواتف النقالة وأجهزة تكنولوجيا المعلومات. أما في الدول النامية، ومنها دول المجلس فإن جميع أجهزة التقييس تتبع الأجهزة الحكومية وتتفاوت مشاركة القطاع الخاص في أنشطتها وعلى الأخص في اللجان الفنية لأعداد المواصفات، حيث إن إشراك القطاع الخاص في تمثيلها في اللجان الفنية الخاصة بالمواصفات قليل جداً ويكاد ينعدم، وبالتالي فالمتضرر الأكبر من هذا هم القطاعات الصناعية والتجارية والخدمية في دولنا الخليجية، وهذا بالتأكيد تأثير سلبي كبير جداً ولذلك فإن القطاعات الصناعية والتجارية والخدمية مطالبة بالمساهمة الفاعلة في صناعة المواصفات القياسية الخليجية التي تناسب منطقتنا الخليجية خصوصاً مع انضمام جميع دول المجلس لمنظمة التجارية العالمية وهذا ما سيفتح أسواقها أمام الصادرات العالمية. وفيما يخص صلة التقييس بالاتحاد الجمركي الموحد بين دول مجلس التعاون الخليجي، فإن توحيد المواصفات والمقاييس الخليجية يعتبر أحد الموضوعات التي يتوجب على دول المجس الاتفاق عليها في سبيل استكمال متطلبات قيام الاتحاد الجمركي الموحد خلال المرحلة الانتقالية إلى جانب متطلبات أخرى مثل الاتفاق على آليات العمل في المنافذ الجمركية والمقصد النهائي للسلع الأجنبية بغرض توزيع الإيرادات الجمركية على الدول الأعضاء بموجب المقصد النهائي للسلعة وانتقال السلع الأجنبية بين الدول الأعضاء بالنسبة للإرساليات الكاملة والإرساليات غير الكاملة. وبموجب تلك الترتيبات يتوجب على دول المجلس الالتزام بمبدأ الاعتراف المتبادل بالمواصفات والمقاييس في دول المجلس، على أن يتم الاتفاق على الآليات اللازمة لتوحيد المواصفات والمقاييس لجميع السلع الوطنية والأجنبية بدول المجلس. هيئات التقييس الخليجية تقيم العديد من الدورات التدريبية