لا شك أن صالات العرض الفنية تعد من أهم القنوات المؤثرة للتعريف بالفن التشكيلي وهي البوابة التي يدخل منها الفنان إلى الجمهور ويتواصل معهم والنافذة التي يطل منها المتلقي على هذه الفنون ويتعرف على مدارس وتيارات تشكيلية مختلفة تؤدي حتما الى انتعاش الحياة الثقافية وخصوصا في المشهد التشكيلي، ولكن بحالتها الراهنة تعيش في وضع كئيب تزيد من هموم الفن التشكيلي وبروز عدة مشكلات منها اهتمام اصحاب تلك الصالات او القائمين عليها بالجانب المادي على حساب الجودة والقصور بقواعد وحرفية المهنة عدا عن لجوء البعض من الرسامين المبتدئين الاستعجال واستنساخ اعمال تعود الى بعض القامات الابداعية العربية والعالمية في ظل غياب التقييم والتصنيف والذي تفرضه الأغراض التجارية على الهدف الثقافي وخدمة الفن من باب الحفاظ على سوية العروض دون محاولة غش او خداع. من هنا يجب أن تهتم هذه الصالات بالشقين الجمالي والتسويقي لتلبية هذه التطلعات بوجود صاحب الصالة المثقف بصريا والخبير المتخصص والناقد الموجه بالأسس المتعارف عليها والذي يرى العمل الفني بعقلية المثقف الواعي في ظروف العرض او انتقاء الاعمال المشاركة وتقديمها بأسلوب حضاري وتهيئة مناخ اعلامي ونشاط مواز يحكي عن التجارب الجمالية للفنان صاحب العرض وفي الوقت نفسه يرتقي بالفنان وتوعيته بأن المكسب المعنوي والملكية الابداعية والفكرية يفوق أي مردود مادي والتجرد من النزعة التجارية وتطبيق المواصفات الخاصة لهذا المرفق، بدءا من المظهر العام ونوعية الإضاءة وتصميم الديكور والتخزين وخلافها والخدمات المساندة التي تساعد الفنان على استمرار علاقته بالجمهور، لكن ما يحدث احيانا ان يعكر هذه الصورة طغيان الجانب التجاري والجهل بالعملية الفنية على حساب البعد الجمالي والفكري مما لا يحقق للعمل التشكيلي التوازن والتكامل ويزيد من هموم الفن التشكيلي المحلي لتذبذب في الطروحات وضحالة في نوعية العروض وما سينساق إليه إلى المزيد من الركود تحت ركام «الوصولية» والبريق الإعلامي مما يسهم في تزييف وتضليل الوعي الفني وما سينتهي إليه من تهميشه كمادة حياتية حيوية ومن استفحال الفجوة بين الفن وجمهوره وبين الفنان الجاد ومتلقيه. والطامة الكبرى أن الصالات ليست لديها تراخيص كصالة للفنون الجميلة (جاليري) ولا ترتبط بمرجعية فنية رسمية وتمارس تأجير الصالة لمن هب ودب بما فيها اقامة المزادات وعروض ادوات التجميل والسلع التموينبة وتنظيم الدورات وعمل البراويز وبيع اللوحات المستوردة والمستنسخات دون رقيب أو حسيب، ومن هذا الجانب يجب أن تكون هذه الصالات تحت اشراف وزارة الثقافة أو جمعية الثقافة أو «جسفت» وتحديد نشاطها ومراقبة أدائها وعروضها الفنية ومؤهلات المسئولين فيها وإخضاعها للمواصفات الهندسية والمتطلبات الميكانيكية والأمنية وشروط السلامة، لأنها تمثل واقع الفن التشكيلي ومرآة الحضارة والتقدم الفني والثقافي.