أكتب هذه الكلمات وأنا بعيد عن أرض الوطن، بعدما بلغني وفاة أخي وصديقي وزميلي الدكتور علي بن عبدالعزيز العبد القادر، الرجل الإنسان والمربي الكبير، الذي يمثل في فكره وإخلاصه فكر جيل من الرواد الأوائل الذين شغل تطوير الوطن معرفياً جل حياتهم، فكانوا منارة علم وعطاء وإخلاص، لم يكن أبو عبدالعزيز يرضى بما وصلنا إليه، بل كان يطمح إلى الأفضل وكان دائم البحث والاطلاع ليزيدنا معرفة وعلما، أبو عبدالعزيز كان عالماً باحثاً عن الحقيقة، ومتى وجد المفيد كان لا يبخل، كان ينشر ما يرى فيه مصلحة للناس ومنها مقاله الأسبوعي في جريدة «اليوم»؛ لكي يفيد به الآخرين. ولدنا في حي الكوت في الأحساء، وتزاملنا أثناء دراستنا الابتدائية، وافترقنا خلالها عندما انتقلت إلى الرياض، ولكننا لم نفترق روحاً ووجدانا، بل بقينا على اتصال، وزاد ارتباطنا بعد أن سكنا مدينة الدمام، في الحي الذي يسكن فيه أبو عبدالعزيز، كذلك خلال زمالتنا في دار اليوم. أبو عبدالعزيز كان إنسانا لا يعرف التشاؤم، فبطبعه كان متفائلاً ويحب العطاء من فكره ونفسه وماله، كان محباً للناس، وعلى الرغم من معاناته مع المرض لم أسمعه يتبرم من معاناته، كان رابط الجأش متماسكاً راضيا بقضاء الله وقدره، لا تفارقه الابتسامة، والبشاشة المعهودة، كان عهدي به منذ ثلاثة أسابيع، والمرض قد أخذ منه مأخذه، ولكن فكره المتوقد وحبه للمعرفة لم يفارقه بل كان حاضر البديهة في مجلسه الأسبوعي كل يوم جمعة مرحبا بضيوفه سائلا عن أحوالهم. بفقدك يا أبا عبدالعزيز فقدت أسرتك الإنسان المثالي للزوج والأب والصديق، وفقد الوطن بفقدك الرجل الإنسان، المربي المخلص لمهنته، العالم الذي أفاد المواطنين بعلمه، المواطن الذي يفيض وطنية وإخلاصا لوطنه وأهله، وفقد أصدقاؤك ومحبوك تلك الابتسامة المرحبة، ونصائحك الصادقة، وعلمك النافع، وصداقتك الصادقة الخالصة لله. رحمك الله يا أبا عبدالعزيز رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته، و"إنا لله وإنا إليه راجعون".