عندما كنا صغارا كان شرط موافقة ذوينا على الذهاب مع الأصدقاء والأقارب في رحلة بحرية إلى شاطي العقير أو القيام برحلة سياحية خليجية لمدة أسبوع أيام الأعياد، قضاء أول يوم العيد مع الأهل. كما يجب علينا في صبيحة يوم العيد مرافقة آبائنا وأعمامنا وأبناء العمومة لأداء صلاة العيد، ثم التوجه إلى منزل كبير العائلة (الجد)، وبعد ذلك تبادل الزيارات الأسرية، وأخيراً العودة إلى منزل كبير الأسرة والتمتع بوجبة الغداء التي تجمع في الغالب جميع أفراد الأسرة، ولا يتغيب عن الحضور إلا عدد قليل، إما لظرف خارج إرادتهم أو ارتباطهم بالعمل يوم العيد. لقد تبدل الحال الآن وأصبح المتغيبون عن حضور هذه المناسبة كثرا وتنوعت أسباب ومسببات الغياب؛ منهم المبتعث خارج الوطن، وثان ليس لديه متسع من الوقت إلا السفر خلال إجازة العيد، وثالث يرغب أن يؤدي صلاة العيد في احد مساجد الدول الإسلامية ومشاركتهم ثقافتهم وتقاليدهم في اللباس والطقوس في الاحتفال بالعيد. لقد أصبحت الحياة أكثر تعقيدا في وقتنا الحاضر، فقد اكتظت الشوارع بالمركبات والقطارات بالبشر وصالات المطارات بالعابرين والمصطفين في قائمة الانتظار، لعل وعسى أن تكون المقاعد الشاغرة في الرحلة القادمة من نصيبهم. بدأنا نشعر ونكاد نصدق أن الدقيقة الواحدة أصبحت ثانية والأسبوع بأيامه السبعة ما هو إلا ساعة من نهار، وأصبحت التقنية هي من تقوم بواجب العزاء وصلة الأرحام، ولم يتبق لنا إلا القليل من المناسبات كي نلتقي وتتصافح أيدينا. حياتنا الأسرية هي الدائرة التي من خلالها نستطيع نقل موروثنا الديني والثقافي وعادتنا الاجتماعية إلى الجيل الجديد من الأطفال والأحفاد، وفرصة لتوثيق العلاقة بين أفراد الأسرة الواحدة. ولا تتسنى لنا هذه الفرصة إلا في المناسبات الكبيرة كمناسبة العيد، وهي ساحة ملائمة للقاء الحفيد ابن عم جده والتعرف على أنساب وأقارب الأقارب.