مفاهيم العيد ومعانيه تتفاوت في مضمونها بين البعض، فمنهم من يراه ومفهومه الزمني قطعة من الزمان خصصت لنسيان الهموم واطَّراح الكَلف واستجمام القوى الجاهدة في الحياة، فيما يراه في معناه النفسي حدا فاصلا بين تقييد تخضع له النفس، وتسكن إليه الجوارح، وبين انطلاق تنفتح له اللهوات وتتنبه له الشهوات، والعيد في معناه الاجتماعي يوم الأطفال يفيض عليهم بالفرح والمرح، كما أنه يوم الفقراء يلقاهم باليسر والسعة، ويوم الأرحام يجمعها على البر والصلة ويوم المسلمين يجمعهم على التسامح والتزاور، ويوم الأصدقاء يجدد فيهم أواصر الحب ودواعي القرب، ويوم النفوس الكريمة تتناسى أضغانها، فتجتمع بعد افتراق، وتتصافي بعد كدر، وتتصافح بعد انقباض، والعيد فيه مغزى اجتماعي حيث يذكر أبناء المجتمع بحق الضعفاء والعاجزين حتى تشمل الفرحة بالعيد كل بيت وتعم النعمة كل أسرة. وقبل كل ذلك كله العيد مظهر من مظاهر الدين، وشعيرة من شعائرها المعظمة التي تنطوي على حكم عظيمة، ومعان جليلة، وأسرار بديعة، لاتعرفها الأمم في شتى أعيادها. "الرياض" قامت بجولة على بعض الأحياء والاستراحات وحاولت رصد مظاهر العيد ونقلها بصورتها البسيطة دون أي تكلف فكان أول المتحدثين زبن بن جزاء المطيري الذي قال إنه لازال يعيش أجواء العيد السعيد بتفاصيله السهلة فيبدأ يومه بصلاة العيد ثم معايدة الأقربين من أرحام وجيران ثم ينحر أضحيته ويحرص على مشاركة أولاده الصغار والكبار. مُسنون: عيدنا مثقل بالذكريات والحنين.. وانصراف الشباب يؤلمنا وينتقد المطيري من يجرد العيد من روحه والحكمة التي من أجلها شرع ويقضيه بالنوم ومشاهدة التلفاز والتسكع في الشوارع والأسواق. وزاد بن جزاء : مما يؤسف عليه أن البعض جرد العيد من حليته الدينية وعطلها عن معانيها الروحية الفوارة التي كانت تفيض على النفوس بالبهجة مع تجهم الأحداث وبالشر مع شدة الأحوال فأصبح الكثيرون يلقون أعيادهم بهمم فاترة وحس بليد وشعور بارد وأسرة عابسة، حتى لكأن العيد عملية تجارية تتبع الخصب والجد وتتأثر بالعسر واليسر والنفاق والكساد، لاصبغة روحية تؤثر ولا تتأثر . و يقول عبدالهادي المطيري : كانت الرياض شبه مهجورة في العيد ولكن من سنوات قريبة اختلف الحال وأصبحنا نشاهد مظاهر الفرح في كل مكان، صحيح هناك شح في أمكان الترفية والاحتفالات لذلك تجدها تشهد موجة تزاحم من أهل الرياض وزوراها، إلا أنها من الأسوأ إلى الأفضل فمنذ سنوات كانت "عيد الرياض" حزيناً أما اليوم فهناك رؤية ترفيهية مختلفة جعلتها مركز جذب سياحي، ويمكن القول إن الرياض استعادت روح شبابها جمالاً وتنسيقها، وتحررت من شخصية ساكنة لتجعل العيد فرحة حقيقية. ويضيف عبدالهادي بالقول إن رحلة العيد تبدأ من اليوم الأول من بداية شهر ذي الحجة بالصيام وصلة الرحم وحتى يوم عرفة، ونبدأ يوم العيد بالصلاة حيث تذهب جميع الأسرة لصلاة العيد وبعدها معايدة خفيفة لمن هم أولى بالصلة ثم نذبح "خروف الأضحية". أما محمد الزهراني القادم من جدة بحكم انتقال عمله إلى الرياض فيقول : عيد الرياض على عكس ما سمعت عنه وأنا في المنطقة الغربية فهذا العيد الثاني لأسرتي منذ انتقالي للعاصمة فأرى أن البيئة هنا أصبحت جاذبة وهناك الكثير من الأنشطة التي من الممكن أن تكون متنفسا للأسرة لكن ذلك لايغني عن تعطير العيد بعبق الماضي في أسلوب المعايدة حيث تخرج الأسرة مع بعضها لصلاة العيد ثم المعايدة للجيران كبارا وصغارا رجالا ونساء وأطفالا، إضافة إلى متع السياحة التقليدية في التسوق والمطاعم. أما فيحان الشيباني فبادرنا ممازحاً بمقطع شعري للمتبني وقال" عيد بأية حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمر فيك تجديد" وأضاف فيحان : صدقني أكثر مايجذبني في العيد ذكريات أجدادنا في أعيادهم والتي لا تنسى ويا زين العيد في الزمن الماضي حيث كان الجميع يحتفل بالعيد صغارا وكبارا وتذهب الأسرة الواحدة إلى الجيران داخل الحي ويدقون الباب ويرددون ( أبي عيدي عادت عليكم جعل الفقر مايجيكم ولا يقطع إيديكم ولا رجليكم ). مواطنون: التوسع في إنشاء مراكز الترفيه والحدائق الخضراء مطلب ملح ويمضي فيحان متغنياً بأعياد "الأولين" ويقول : يخرج صاحب المنزل وأكثر ما تخرج الأمهات ويقمن بإعطائهم بعض هدايا العيد،أما الكبار كان أهل الحي يخرجون في أحد الشوارع ويبدؤون بتبادل التهاني بالأعياد وكل بيت يخرج عيديته من موائد، وبعد ذلك يبدأون بتناول العيدية مع المرور على جميع الموائد وبعد ذلك يذهب الجميع إلى المنازل وزيارة الأقارب والجميع ينتظر هذا اليوم مما فيه من تقارب وصلة وينسى الجميع أي مشكلة أو خصام مع الآخر . أما اليوم والحديث للشيباني فقد تغير كل شيء فالجار لا يرى جاره إلا في المسجد إذا حضر للصلاة، والأقارب لا يحضر للسلام على قريبه إلا بالدعوة، أما الأب فقليل الجلوس مع أبنائه وفي المقابل تجده شديد الحرص على الذهاب مع زملائه والاجتماع في الاستراحات أو السفر. من جهته قال العم أبو تركي : في الماضي كانت المجالس تجمعنا وتلم شملنا وخاصة في أيام العيد وكنت تجد أولاد عمك وزملاءك وكل من تعرفه يزورك ويطمئن عليك وخاصة في العيد لأن هذا العيد هو من الله سبحانه وتعالي ويجب أن نصل رحمنا فيه وأن نزور بعضنا، أما الآن فكثير من المجالس تجدها فارغة ونحن نريد أن تعود الأيام السابقة التي كانت حافلة بالحب والمودة والاحترام بعيداً عن المصالح الشخصية ، والتذكير أن هذا التواصل والتراحم يجب أن يكون مغروساً فينا خاصة أننا نخرج من شهر صيام وعبادة، ويجب علينا أن نوثق أواصر المحبة والأخوة حتي يتعلم منا أولادنا وأحفادنا ما نقوم به سواء زيارات عائلية أو أي شيء فيه خير علينا وعلي الأمة الإسلامية. خالد الرحيمي التقيناه في استراحة شرق الرياض وتحدث حول أسلوبه مع العيد وقال : مثل ماتشوفون قررنا أن يكون العيد في هذه الاستراحة لأن عيد "الحواري" ماعاد له طعم ولو تروح بعض شوارع العريجاء والشفاء والنسيم والنظيم وغيرها من الأحياء التي قد يصنفها البعض على أنها "شعبية" تجد سيول الدم في الشوارع بسبب ذبح الكثيرين لأضاحياتهم في أحواش البيوت بل رأيت من يذبح على أبواب المنازل، لكن في الاستراحة نجلس أربعة أيام ونجتمع أنا وأخواني وبعض الأقارب صغارا وكبارا وجميع أفراد الأسرة، نذبح الأضاحي ونشوي ونطبخ وتشارك الأسرة في كل شيء ونتسامر في الليل وصراحة هذي طريقتنا من سنوات لأن العيد بدون اللمة والطلعة والطبخ والنفخ، ما هو عيد خاصة " عيد اللحم" . أما عبدالعزيز العرادي فأحسسته شارد الذهن حينما سألته ببساطة كيف عيدكم وقال: الله بالعيد ويا زمان السعد، هل تصدق أني أدافع العبرات عندما أسمع أنشودة "ومن العايدين ومن الفايزين .. " أتذكر كيف كانت النفوس طيبة والابتسامة تشق الفضاء بصدقها ونورها، وكيف كان للعيد طعم وفرحة..الصغار والكبار وأهل الحارة مجتمعين .. لك الله يا زمان أول، لكن العيد اليوم هو عيد الأسرة والأصدقاء يجدد فيهم أواصر الحب ودواعي القرب، ويوم النفوس الكريمة تتناسى أضغانها، فتجتمع بعد افتراق وتتصافي بعد كدر وتتصافح بعد انقباض، والعيد فرصة نذكر أبناء المجتمع بحق الضعفاء والعاجزين حتى تشمل الفرحة بالعيد كل بيت وتعم النعمة كل أسرة. وفي حي اليرموك التقينا عبدالله صالح العضيلة والذي بدا وجهه متجهماً وقلت له عيدكم مبارك وردها لكنه زاد بقوله " عيدكم صكت باب وقلت جواب" ياخوي كلن دخل بيته وصك بابه وين العيد ،أول البيوت مفتوحة والناس مثل النحل حركة وبركة وكل واحد يعرف الثاني.. تلاحم وتراحم ..لكن اليوم بعض البيوت على بابها كاميرا تشوف من يدق للمعايدة وتطنش اللي ماتبيه..! الله يرحم حالنا، العيد صار بالنسبة لي لاطعم ولا رائحة ولالون.... نفاق ومجاملات وقلوب سوداء وأحقاد ... وابتسامات صفراء تخفي ماوراء الأقنعة..! ومن المتحدثين الشباب لجولة" الرياض" كان متعب بن جهز وهو في بداية العشرين وقال : للأسف انا من الجيل الجديد اللي عيدهم ببيوتهم بس قصص الوالد والوالدة "الله لا يحرمنا منهم "تعطينا جو ثاني، ولكن هذا لا يعني أننا نخلي العيد حزايني.. هذا شعيرة ربانية لازم نعطيها حقها ونفرح ونزور الجيران ونخليها أيام مختلفة نسلم على اللي نعرف واللي ما نعرف على الصغير والكبير وبصراحة أنا أنصح الشباب بمعايدة عمال النظافة والمحال التجارية وغيرها وإدخال السرور على قلبوهم أنا جربت وحسيت بسعادة ولا في الخيال". وأظهر عدد من المواطنين الذين التقتهم "الرياض" في أحياء البديعة والعريجاء واشبيلية وغرناطة والقادسية، تذمرهم من غياب الخدمات الترفيهية عن أجزاء مهمة من أحيائهم فقال فيصل السياري إن حي القادسية رغم الكثافة السكانية لايوجد بها ساحات خضراء تكون متنفسا للأسرة وبالتالي يقول عيدنا سلام سريع على بعض الأقارب ثم ذبح وسلخ ثم نوم، وغير بعيد من هذا الرأي قال عبيدالله صالح أن حي العريجاء رغم مساحته الكبيرة والكثافة السكانية التي يتميز بها لكن لاتتجاوز أماكن الترفيه أصابع اليد الواحدة مستغرباً عدم توسع أمانة الرياض في إنشاء الحدائق والساحات الترفيهية. ويرى محمد الغويري أن الخدمات الخاصة بترفيه المواطن وإنشاء أماكن الراحة والاستجمام ، تكاد تكون مغيبة تماماً عن حي الشفاء والبديعة ، وأكد أن وجودها عامل مهم في متعة الأسرة وسرورها بالعيد وإجازة الحج وغيرها. الكبار يشاركون الأطفال فرحة العيد فرحة الاطفال في العيد «نطيطة» شباب يفضلون عيد»الواتس اب»