للقلب رؤيا لا تراها العين مثل فواتح الأشعار في قصص التوله والهيام وكأنه لغز وأحجية وزلزال يجيء فجأة نار تبدد كل أشكال الظلام وتكمل المعنى سهام من سنا النظرات واللفتات يكتبن التمائم للغرام خدر يصيب حواسنا كي لا نرى إلا حبيباً واحداً بين الزحام وأقول ذا قدري تجلى بين أقمار المجرة والأنام ويترجم المعنى نداء عواطف الاجساد تفعل ما تشاء.. وحينها صمت الكلام د. عبد العزيز محيي الدين خوجة معالي الدكتور عبدالعزيز خوجة أديب متمكن وشاعر قوي العارضة عذب العبارة، فمع ما لديه من مكنونات العواطف وحصيلة كنوز المعرفة فإن الدبلوماسية التي مارسها سفيراً لخادم الحرمين في تركيا ثم في وزارة الثقافة والاعلام التي تعتبر قمة الهرم في المؤسسة الثقافية الإعلامية في بلد يتجاوز سكانه عشرين مليونا يتكون نسيجهم من فئات مختلفة المشارب والأذواق.. بين بادية وحاضرة وبين مزارعين وموظفين وتجار ورجال أعمال، كما أن لنشأته في البيئة الحجازية السبب في تلوين أشعاره، ذلك اللون الذي يسيل رقة وعذوبة ومع الأسف أنني لم أحظ بالاطلاع على جديد شاعرنا الملهم وأن ما لدي هدية منه مجموعة شعرية عنوانها (عذاب البوح) بعثها لي مشكوراً عندما كان سفيراً بتركيا. أما هذه المقطوعة التي يقول في آخرها: تساقط الأشياء بين تلهفي كل الحواجز والمواقع منذ أن بدأ الوجود لوقت ما سكبت شفاهك من مدام وأقول إني قد عرفت مكامن الآه والأوتار والحب المسربل بالضرام أدركت معنى الآه في لقيا الهوى وجموحها المبحوح.. وانفلت الزمام وتقول هيا.. كي نواصل دربنا نحو السحاب الى سماء.. فوق أجنحة الغمام وكأننا روحان تلتقيان في سرب تزاحم بالحمام وتقول.. انظر في بروق النجم في عيني ولا تسأل.. على الدنيا السلام وعليك السلام ورحمة الله أيها الشاعر الذي استطاع أن يجسد الحلم في حقيقة شعرية ويحولها الى مسرحية معبرة عن مقصد النفس الشاعرة، وهذه المقطوعة اقتبستها من (التنويه) الذي كتبه الأستاذ الأديب عبد الله الماجد في جريدة الجزيرة العدد 14352 الصادر يوم السبت 2 صفر 1433ه تحت عنوان (قلب الشاعر لا يموت) وكان محقاً في رصد هذه الحقيقة؛ ليذكر شاعرنا الدكتور عبد العزيز خوجة أن ما أصاب قلبه ما هو الا عارض سرعان ما يمر وينساه إذا كتب الله له عمراً مديداً فندعو له بدوام الصحة. وسيقول مثل هذه القصيدة قصائد تماثلها ان لم تفقها دلالة على أن قلب الشاعر دائم النبض عميق الإحساس واسع الرؤية اكثر مما تراه العين وتتصوره المخيلة ان لم تكن مخيلة شاعر فمن يستطيع ان يجعل الكلمات والاحرف تقوم بعمل أزميل النحات الذي يجسد الصور البديعة من الحجر الصلد أو كما ترسم الريشة أجمل الصور سواء على وجه الورقة او على حائط لونته عبقرية الشاعر. شكرا للأديب الأستاذ عبدالله الماجد الذي فتح أمامي باب الدخول الى هذا النص الشعري الجميل الموشى بخيوط البلاغة الشعرية لدى شاعرنا الفاضل الذي نرجو له ولقلبه الكبير الرقيق دوام الصحة والعافية.