كنت تعرف ذلك، أليس كذلك؟ وإلا كيف استطاع فيسبوك أن يعرف عن فيديو الباندا ذاك ويقدمه مباشرة ضمن شريط الأخبار الذي يصل إليك، ويترك الأناشيد التي يطلقها صديقك الجامعي حول اتفاقيات المحيط الهادي التجارية في أحشاء الظلام داخل خوادم الشركة؟ وكيف استطاع فيسبوك أن يعرف أنه ينبغي أن يرسل إلى صفحتكِ 7 آلاف إعلان لبائعي فساتين الزفاف في نفس اليوم الذي تعلنين فيه خطوبتك؟ كيف، يا صديقي، يستطيع فيسبوك تقديم دعوة "أعجبني" إلى شطيرة التاكو من مطعم "دوريتوس لوكوس" في اللحظة التي أدركتَ فيها بالذات أنك تشتهي الطعام المكسيكي الحار؟ فيسبوك يعرف ما تريد. ويعرف ما لا تحبه. وربما يعرف ما إذا كنت شقيا أو لطيفا، وسيتم بيع هذه البيانات إلى بابا نويل في عيد الميلاد هذا الموسم. هذا ما يزعج الكثير من الناس، وخاصة منذ مواصلة فيسبوك توسيعه لقائمة الأشياء التي يعرفها عنك، والطرق التي هو على استعداد لاستخدامها للاستفادة من هذه البيانات لكسب المال. الإعلان الأخير بأن فيسبوك قد يستهدف قريبا الإعلانات باستخدام عدد ""أعجبني" و "مشاركتي" أثارت غضبا على مستوى ضخم من "مؤسسة الحدود الإلكترونية"، لأن فيسبوك سوف يحصل على معلومات منك ليس فقط عندما تعجب في الواقع بأشياء وتضغط على زر أعجبني، ولكن عند تحميل الصفحة التي تحتوي على زر "أعجبني" بداخلها. يريدون من فيسبوك الموافقة على استخدام معايير "لا تتّبع" الأمر الذي من شأنه أن يبقي كل تلك البيانات التي يمكن أن أن تكون مربحة بعيدا عن الأعين الجشعة للمعلنين. بالطبع، يجب أن يكون الناس قادرين على إخفاء البيانات عن ما هي المواقع التي يستخدمونها. ولكن هناك طريقة جيدة تماما للقيام بذلك: سجل الخروج من فيسبوك وأعط أمرا لمتصفحك بعدم قبول ملفات تعريف الارتباط، أو السماح للمعلنين بتتبعك في جميع أنحاء الشبكة العالمية. المشكلة هي أن هذا المستوى من الأمن غير مريح بشكل لا يصدق، لأنه يتوجب عليك قضاء الكثير من الوقت بشكل مؤلم لإعادة إدخال البيانات مرة ثانية. المشكلة الأخرى هي أن المستخدمين الساذجين، الذين ربما لا يقضون الكثير من الوقت في التفكير في الخصوصية، لن يكلفوا أنفسهم عناء ذلك. ولكن ما هو الالتزام الموجود لدى الشركات حقا لحماية المستخدمين الساذجين الذين لا يقضون الكثير من الوقت في التفكير في الخصوصية؟ بعض من هؤلاء المستخدمين بلا شك لا يدركون أنهم مكشوفون، ولكن لا ينبغي لنا أن نرفض فورا إمكانية أن معظمهم لا يهتم حقا بما فيه الكفاية - على الأقل، ليس بما يكفي ليتحملوا كل ذلك الإزعاج. فرض تفضيلات شخص آخر حول الخصوصية قد لا يناسب الجميع. وقد يأتي بنتائج عكسية. لنتذكر أنه رغم هذه المتابعة لخصوصيات الناس وما بها من سوء، فإن الشركات بحاجة إلى أن تكسب المال. هناك قول مأثور في الإعلان: إذا كان لا يمكنك معرفة ما يجري بيعه، عندها تكون أنت ذلك المنتَج الذي يجري بيعه. المنتجات والخدمات "المجانية" لا تكون عادة كذلك. يتوجب على شخص ما تمويلها؛ وإذا لم يفرضوا عليك رسوم استخدام، فإنهم يفرضونها على شخص آخر لاستغلالك. الناس المهووسون بالخصوصية الذين يخفون بعناية نشاطهم على الإنترنت، والقراء الذين يكرهون الإعلان يقومون بتثبيت برامج لحجب الإعلانات، لديهم من الناحية العملية وسائل إعلام حرة ومنصات وسائل الإعلام الاجتماعية المدعومة من قبل أناس لا يعرفون أو لا يمانعون بذلك. لأنه يتوجب على شخص قراءة الإعلانات التي تسدد الفواتير. الإنترنت مليء بالأشياء الرائعة التي يمكن لشركات وسائط الإعلام الاجتماعية القيام بها لجعل الحياة أسهل لمختلف الناس، وربما أفضل للمجتمع، لو أن هذه الشركات في وسائل الاعلام الاجتماعية لم تكن مضطرة لكسب المال. المشكلة هي، إذا قامت شركات وسائط الإعلام الاجتماعي بتطبيق جميع قواعد الخصوصية، فإنها ربما تفلس. هذا بطبيعة الحال سوف يسبب لك المشاكل الناتجة عن تحرش تويتر وملفات المطاردات لفيسبوك لنشاط الإنترنت الخاص بك، ولكن يبدو أن معظم الناس يحبون أن تكون لديهم مثل هذه المنصات الإعلامية الاجتماعية، حتى على حساب بعض التعرض لهذه المخاطر.