كان البرد يلفح عباءته، ويذكره أن ثلاثين بندقية، وأربعين ذلولا، ومائتي ريال، هي كل أسلحته في مواجهة الطغيان والتخلف والانتهازية!! هي كل ما لديه لفتح الرياض..!! أدرك أن الطريق طويل والصحراء في الشتاء زمهرير وأن المعركة غير متكافئة! وقصر المصمك يبدو مهيبا.. مهيبا.. لكنه انتصب رمحا في صحراء لا حدود لها حتى انتصر نجتمع اليوم لنجدد آيات الوفاء.. لنمشي على الطريق ذاته الذي سار عليه الملك المؤسس وأبناؤه من بعده، غير أنه الآن صار طريقاً ممهدا مغطى بالورود.. تجنبنا إرادة ملك وعثاءه.. وتذكرنا أن اليوم الوطني فرصة ل«شكرا» لا تنتظرها قيادة ترى أن الفضل لشعوبها واجب، والرفاهية أساس، والزيادة حاجة ملحة. خمسة وثمانون عاما، والعطاء ما زال رطبا نديا، وبسمة الملك عبدالعزيز يحملها سلمان الخير أمانة ويوزعها يمينا ويسارا، ولا ينسى أحدا.. خمس وثمانون رحلة من فخر إلى فخر، ومن نجاح إلى نجاح، ومن نصر إلى نصر.. بدأت بعاصفة الفتح وانتهت بعاصفة الحزم، وبين العاصفتين شيدت دولة حجارتها مسك، ورمالها فيروز، وهواؤها نسيم عليل.. خمس وثمانون درجة، بنت المملكة سلمها، جامعة جامعة، وبيتا بعد بيت، وتوسعة تلو التوسعة، ومشفى ومخفرا وجسرا ومطارا ومدرسة.. موئلا للفقير، ومعونة للمحتاج، رمقا للجائع، نشيد حماسة، وطبول حرب، حنانا غير محدود، وصلابة لا تتناهى..! خمسة وثمانون أملا في دولة تحترم القانون وتعرفه، تكره العنف وتمقته، تدافع عن أرضها كما يدفع أسد ضار يعافير التراب، وتمنح عينيها للعروبة وحوزة الإسلام.. وقلبها كبير كبير يسع ضوء الشمس ونخيل الأرض. خمسة وثمانون عاما، والمرأة أولا، والشاب قائد، والطالب ملء العين، والشيخ مكرم، والعرض موفور، والمال غزير، والخير محسود، والظل وارف، والشمس لا تحرق ولا تلفح! خمسة وثمانون عاما، وسلمان يأتي كما يليق ببطل، فارسا مغوارا، تشوفناه فجاء، واستشرفناه فلم يغب، يكفينا مؤنة الطلب بفعاله، ويحمل عنا عبء السؤال بالإجابة.. يعرف ما نريده فيفعله قبل أن يستحيل كلاما، ويعرفنا أين الطريق إلى الرضوان، فيشير إلينا أن تعالوا معي..! خمسة وثمانون عاما ونحن على العهد والعالم بحر متلاطم والمصاعب كثيرة والنيران تتأجج هنا وهناك والأخطبوط يشحذ أذرعه ويستعد لانقضاضة جديدة لكن سلمان انتصب رمحا في صحراء لا حدود لها وقرر الفوز كما انتصر عبدالعزيز من قبل وفتح الرياض وها نحن نحتفل! وكيلة جامعة الملك فيصل لشؤون الطالبات