إذا أردنا أن نعرف كيف يستفيد تجار النفط من التخمة الأطول أمدا منذ ثلاثة عقود، لننظر في الجزيرة الكاريبية الصغيرة المعروفة باسم "سانت لوسيا". استأجرت شركة جلينكور الخزانات في محطة النفط الوحيدة في الجزيرة لتخزين الخام، حيث انضمت إلى مجموعة فيتول، وذلك حسب ما قاله أشخاص مطلعون على المسألة الأسبوع الماضي. الشركات تستجيب الآن لتأجيل مواعيد الشراء من السوق التي تزداد تباعدا، وهي الحالة التي تكون فيها أسعار اليوم أقل من الأسعار التي ستكون سائدة في الأشهر المقبلة، والسماح للتجار بالوصول إلى التخزين لتثبت الأرباح. من سانت لوسيا إلى جنوب أفريقيا إلى روتردام، يقومون باغتنام الفرصة. وقال إيان تايلور، الرئيس التنفيذي لشركة فيتول، أكبر شركة مستقلة لتداول النفط في العالم في مقابلة في وقت سابق من هذا الشهر: "فرص تأجيل الشراء آخذة في الظهور". وفي حين أن سوق النفط كانت في حالة التأجيل هذه منذ أغسطس 2014، إلا أن الأسعار تحركت في الشهر الماضي، في الاتجاه الذي يجعل التجارة أكثر ربحية. فرق السعر بين عقد خام برنت للتسليم الفوري، المعيار العالمي، وعقد التسليم بعد سنة واحدة كان سالب 7.82 دولار للبرميل يوم الثلاثاء، أكثر من ضعف مستواه في منتصف يوليو. وقد اتسع الهامش مع دخول المصافي في موسم صيانتها قبل حلول فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي، مما أدى إلى الحد من تداول النفط الخام. في الوقت نفسه، ارتفعت الإمدادات في حوض الأطلسي من المنتجين في بحر الشمال وغرب إفريقيا إلى أعلى مستوى منذ ثلاث سنوات، مما اضطر التجار للعثور على مأوى لملايين البراميل. على الصعيد العالمي، يقدر بنك جولدمان ساكس أن إمدادات النفط الخام تفوق الطلب بأكثر ما يقرب من مليوني برميل في اليوم، مما يزيد الضغط المتزايد على سعة التخزين في العالم. يوم 9 سبتمبر، أرسلت شركة جلينكور الناقلة ايفرجليدز ذات الحجم المتوسط معبأة بالكامل بالنفط الخام من بحر الشمال إلى سانت لوسيا، وذلك وفقا لبيانات تتبع الناقلات التي جمعتها بلومبيرج. منافستها فيتول أرسلت ناقلة النفط فرونت ارياك، محملة بالخام النيجيري، إلى منشأة تخزين برية في خليج سالدانها في جنوب افريقيا يوم 25 أغسطس. بحسب مستويات الأسعار اليوم، يمكن للتجار تخزين الخام في البر، في محطات مثل سانت لوسيا وخليج سالدانها وكسب المال. وقال متعاملون إن عملية تأجيل الشراء وتباعد الأسعار ليست قوية بما فيه الكفاية حتى الآن؛ للسماح باستخدام ناقلات النفط العائمة كمرافق تخزين. مع ذلك، هناك دلائل على أن التخزين العائم يمكن أن يصبح مجديا من الناحية الاقتصادية. بادي روجرز، الرئيس التنفيذي لشركة يوروناف، واحدة من أكبر مالكي ناقلات النفط العملاقة في العالم، قال إن النفط من المرجح أن يكون مخزنا في البحر على مدار أربعة إلى خمسة أشهر مقبلة. وقال سيث كلاينمان، رئيس استراتيجية الطاقة في سيتي جروب في لندن، عبر الهاتف: "إذا لم يحدث هذا في الخريف الحالي، فإنه سيحدث في الربيع المقبل ما لم يتراجع شيء ما بخصوص العرض والطلب". إيه آي جيبسون للسمسرة في أعمال الناقلات تقدر أن مستويات التأجيل تقترب من السماح بالتخزين العائم لبعض النفط في الشرق الأوسط، مثل خام عمان. فرق أسعار التأجيل لمدة 3 أشهر على خام عمان بالقرب من 3 دولارات للبرميل تقريبا يكفي لتغطية 3.10 دولار للبرميل تقدر الشركة بأنه سيكلف لاستئجار ناقلة للتخزين العائم. العقبة الرئيسية أمام صفقات تأجيل الشراء تعتبر تكلفة التخزين، سواء على اليابسة أو في البحر. في عامي 2008 و2009، وهي آخر مرة كانت فيها في سوق النفط وفرة في المعروض كما هي الحال اليوم، كانت شركات التخزين وشركات الشحن بطيئة في زيادة المعدلات، الأمر الذي سمح للتجار الذين استخدموا خزاناتها بكسب شريحة كبيرة بشكل غير عادي من ربح التأجيل. هذه المرة، التباعد بين أصحاب الخزانات والتجار هو أكثر من ذلك. ومع ذلك، فإن التأجيل الأقوى في الشراء يشير إلى طفرة لصالح تجار النفط إذا اعتبرنا التاريخ دليلا يمكن الاسترشاد به. وكان لفيتول دخل قياسي بلغ 2.28 مليار دولار في عام 2009، خلال عملية التأجيل الكبيرة الماضية، وهو أعلى من 1.36 مليار دولار الذي سجلته الشركة في عام 2008، وفقا لحسابات الشركة. وقالت بريتش بتروليوم، التي يوجد فيها قسم كبير لتداولات النفط، إنها حققت ربحا إضافيا مقداره 350 مليون دولار من تداولات النفط في الربع الأول من العام، ويعود بعض الفضل في ذلك إلى الأرقام القوية لعقود التأجيل وفروق الأسعار.