جاءت أزمة مصر لتضع العالم العربي على محك الاعتراف بالأزمات وهاهي السيدة كلينتون وزيرة خارجية الولاياتالمتحدةالأمريكية تصرح بأن هناك عواصف كثيرة تنتظر الشرق الأوسط وهو تصريح يجيء في سياق الأحداث المصرية الملتهبة ويفتح الباب أمام دولة مثل أمريكا لتزيد من تدخلاتها في شؤون الدول العربية. الحقيقة التي يجب الاعتراف بها أن أحداث تونس ومصر تؤسس علامة فارقة في مسيرة العلاقة بين الأنظمة وشعوبها فلم تعد الأمور مقبولة في إطارها التقليدي الذي تأسس خلال العقود الماضية التي فيها يتم تأطير العلاقة في إطار الجمود والثبات ورفض التطور إلى الأمام خصوصا أن الأجيال التي تمور بها شوارع العواصم والمدن العربية تمتلك قدرة على التواصل في إطاره ثورة اتصالية يبدو أنها في بدايتها وربما في خلال السنوات الخمس ستكون خارج سيطرة الدول والمؤسسات حيث يمتلك فيها الفرد حريته الكاملة. من المؤمل أن تدرك الأنظمة العربية أن الشعوب متعطشة إلى إجراء تغييرات في الفضاء السياسي والاقتصادي وأن الفساد المالي ونهب الثروات الوطنية واحتكارها من قبل قلة من الأفراد المحسوبين والمقربين من الحكام تؤجج العواطف وتسمح لمن يريد أن يصطاد في الماء باستغلال أي فرصة للتحريض وتأليب الشعوب وهذه المشكلة رأيناها بوضوح في أحداث تونس ومصر ورأينا نقمة المتظاهرين على الطبقة التي نشأت نتيجة تحالف السلطة مع المال بصورة بشعة ودون ضوابط وعمقت الهوة بين الفقراء والأغنياء. كما لا ننسى أيضا أن ليس كل الغاضبين على الأنظمة همهم الأساسي لقمة العيش إنما أيضا توقهم إلى المشاركة في القرار السياسي والاقتصادي وكل ما يمس مستقبلهم ومن الضرورة أن تكون المشاركة الشعبية حقيقية واقعية تعتمد على انتخابات نزيهة وليس صورية ومزيفة كما يحدث في أغلب الدول العربية التي يصبح فيها الحزب الحاكم هو الدائم والمسيطر على رقاب العباد جيلا بعد جيل. أحداث لاشك لن تنتهي مفاعيلها بسهولة وكل من يهوّن منها ويعتبرها مجرد حدث طارئ إنما هو يتعامى عن الحقيقة وأكبر مثال هو إخفاق أجهزة استخبارات العالم من التنبؤ بأحداث تونس ومصر حتى الاستخبارات الداخلية للدول التي طالتها الأحداث أخفقت في تقدير حجم الغضب ورد فعل الجماهير. هل سنشهد اضطرابات أخرى؟ من الضرورة أن تغير الكثير من الأنظمة سلوكها تجاه شعوبها للوصول إلى بر الأمان.