مواقف سعودية ثابتة تجاه القضية الفلسطينية لا تتبدل ولا تقبل المساومة    زيلينسكي يتراجع: آسف لما حدث في البيت الأبيض    باختاكور يتفوق بهدف على الهلال في دوري أبطال آسيا    الداخلية تحبط محاولات تهريب أكثر من 500 ألف قرصا خاضعا لتنظيم التداول الطبي    محافظ الطائف يشارك قادة ومنسوبي القطاعات الأمنية بالمحافظة الإفطار الرمضاني    الخارجية الأمريكية: الحوثي «إرهابياً أجنبياً» يدخل حيز التنفيذ    ترودو: ترامب يريد "انهيار" الاقتصاد الكندي لجعل عملية الضم "أكثر سهولة"    محافظ الطائف يستقبل السفياني المتنازل عن قاتل ابنه    سيميوني وأنشيلوتي.. مواجهة كسر عظم    عصام الحضري يهاجم حسام حسن «لا شكل ولا أداء ولا فكر»!    بعد تعرضه لوعكة صحية.. أشرف زكي يطمئن جمهوره عبر «عكاظ»: إرهاق شديد سبب الأزمة    المرصد الإعلامي ل"التعاون الإسلامي": اعتداءات قوات الاحتلال على المساجد في الضفة الغربية تصل ذروتها    حصل على 30 مليوناً من «أولاد رزق».. إلزام أحمد عز بزيادة نفقة توأم زينة إلى 80 ألف جنيه شهرياً    192 نقطة انخفاض للأسهم.. التداولات عند 6.4 مليار ريال    فيصل بن فهد بن مقرن يطلع على برامج جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية بحائل    «العقار»: 20,342 إعلاناً مخالفاً بالأماكن العامة    نيابة عن ولي العهد.. وزير الخارجية يصل القاهرة للمشاركة في القمة العربية غير العادية    أمير المدينة يكرم الفائزين بجوائز مسابقة "منافس"    "الجميح للطاقة والمياه" توقع اتفاقية نقل مياه مشروع خطوط أنابيب نقل المياه المستقل الجبيل - بريدة    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يجدد مسجد الدويد بالحدود الشمالية ويحفظ مكانته    هطول أمطار في 6 مناطق.. والمدينة المنورة تسجّل أعلى كمية ب13.2 ملم    الهلال يستعد لضم نجم ليفربول    أمير المنطقة الشرقية يستقبل المهنئين بشهر رمضان    أمانة المدينة تعزز خدماتها الرمضانية لخدمة الأهالي والزوار    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تعزز أعمالها البيئية بانضمام 66 مفتشًا ومفتشة    طلاب جمعية مكنون يحققون إنجازات مبهرة في مسابقة الملك سلمان لحفظ القرآن الكريم    1.637 تريليون ريال إيرادات ⁧‫أرامكو بنهاية 2024 بتراجع طفيف مقارنةً ب2023    بالأرقام.. غياب رونالدو أزمة مستمرة في النصر    من الرياض.. جوزيف عون يعلن التزامه باتفاق الطائف وسيادة الدولة    أكبر عذاب تعيشه الأجيال ان يحكمهم الموتى    الإيمان الرحماني مقابل الفقهي    موعد مباراة الأهلي والريان في دوري أبطال آسيا للنخبة    في بيان مشترك..السعودية ولبنان تؤكدان أهمية تعزيز العمل العربي وتنسيق المواقف تجاه القضايا المهمة    أبٌ يتنازل عن قاتل ابنه بعد دفنه    قدموا للسلام على سموه وتهنئته بحلول شهر رمضان.. ولي العهد يستقبل المفتي والأمراء والعلماء والوزراء والمواطنين    تعليق الدراسة وتحويلها عن بعد في عددٍ من مناطق المملكة    أمير منطقة المدينة المنورة يستقبل المهنئين بشهر رمضان    مهرجان "سماء العلا" يستلهم روح المسافرين في الصحاري    عقوبات ضد الشاحنات الأجنبية المستخدمة في نقل البضائع داخلياً    غزارة الدورة الشهرية.. العلاج (2)    ليالي الحاده الرمضانية 2 تنطلق بالشراكة مع القطاع الخاص    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بشهر رمضان    نائب أمير منطقة مكة يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    تعليم الطائف ينشر ثقافة الظواهر الجوية في المجتمع المدرسي والتعليمي    قطاع ومستشفى تنومة يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للزواج الصحي"    أمير القصيم يرفع الشكر للقيادة على إعتماد تنفيذ مشروع خط أنابيب نقل المياه المستقل (الجبيل – بريدة)    جمعية «أدبي الطائف» تعقد أول اجتماع لمجلسها الجديد    والدة الزميل محمد مانع في ذمة الله    حرس الحدود ينقذ (12) شخصًا بعد جنوح واسطتهم البحرية على منطقة صخرية    خديجة    وزارة الشؤون الإسلامية تنظم مآدب إفطار رمضانية في نيبال ل 12500 صائم    استخبارات الحوثي قمع وابتزاز وتصفية قيادات    «الغذاء والدواء»: 1,450,000 ريال غرامة على مصنع مستحضرات صيدلانية وإحالته للنيابة    المشي في رمضان حرق للدهون وتصدٍ لأمراض القلب    تأثيرات إيجابية للصيام على الصحة النفسية    أطعمة تكافح الإصابة بمرض السكري    التسامح...    6 مجالات للتبرع ضمن المحسن الصغير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورات الملوّنة في الشرق الأوسط
نشر في الحياة يوم 07 - 02 - 2011

تولّد الأحداث التي تشهدها تونس ومصر قدراً كبيراً من الارتياب، لكن ينبغي أن تلقى ترحيباً يحاكي ذاك الذي حصلت عليه الثورات الملوّنة الأخرى في العقود المنصرمة الأخيرة.
وتقسم الثورات تاريخيّاً إلى نوعين، يقوم أوّلهما على الثورات الجذرية وثانيهما على الثورات الملوّنة الأحدث عهداً.
وتعمد الثورات الجذرية إلى تعبئة الفلاحين والعمّال الأمّيين، وتحضهم على كره الطبقيّة وخصوصاً النخبة التي تحظى بامتيازات. وينشر هذا النوع من الثورات إيديولوجية التغيير الاجتماعي الجذري، بهدف إسقاط النظام الاجتماعي والتخلّص من الفئة المتميّزة. وهذا ما قام عليه النمط الطاغي على الثورة الفرنسية والثورة الروسية والثورة الصينية الشيوعية والثورة الكوبية والثورة الإيرانية. أمّا الثورات الملوّنة الجديدة، فتعمد،على نقيض سابقتها، إلى تعبئة العمّال المهرة والمتخصصين والطبقات المتوسطة والطلاّب، وتفتقر إلى الإيديولوجية الجذريّة، مستعيضة عنها باستبدال حاكم مكروه أو بإسقاط الحزب الحاكم، باللجوء إلى معايير الليبرالية الديموقراطية. وهذا ما قامت عليه الثورات في كلّ من تشيكوسلوفاكيا وصربيا وأوكرانيا والفيليبين وجورجيا.
وحتى الآن، تندرج الأحداث في تونس ومصر ضمن إطار الثورات الملوّنة، حيث أنّ مشاركة الجماعات المتطرّفة في الأحداث تعتبر قليلة أو غائبة كلّيّاً. وتثور الشعوب، عوضاً عن ذلك، على عقود من القمع الذي فرضه قادة فاسدون سعوا على نحو متزايد إلى تحويل البلاد إلى إقطاعيّات عائليّة. وتبدو هذه البلدان، تماماً كما في الثورات الملوّنة الأخرى، وكأنّها متّجهة نحو ديموقراطيات قد تكون فوضوية أو مثيرة للجدال، إنّما ليس نحو أنظمة أصولية واستبدادية.
إلاّ أنّ الحرص واجب، حيث أنّ المتطرّفين لم يكونوا دوماً مسيطرين منذ البداية، حتى في الثورات الجذرية. ولم يتسنّ لهم بلوغ السلطة في إيران وفرنسا وروسيا إلاّ من طريق الإطاحة بالأنظمة الأكثر اعتدالاً التي ظهرت للمرة الأولى بعد سقوط الشاه والملك والقيصر، مع العلم أن المخاوف من حصول ثورة مضادّة هي التي منحت المتطرّفين الفرص التي تسنّت لهم.
وتجدر الإشارة إلى أنّ فراغ السلطة الذي يتبع الثورات هو الذي يمنح مختلف الفئات فرصة التنافس للحصول على دعم شعبي. وفي حال شعر الشعب بأنّه مهدّد، ينجذب إلى الفئات الأكثر صراحة في دفاعها عن الثورة، ما يخلق فرصاً أمام الجماعات المتطرفة المنظّمة للسيطرة على الثورات ويدفع الشعب إلى التمادي إلى أقصى الحدود.
وقد يكون لمحمد البرادعي دور شبيه بذلك الذي لعبه فاكلاف هافيل - الحائز مثله جائزة نوبل- في تشيكوسلوفاكيا، والذي دعم الثورة «المخملية». أو يمكن أن يكون له دور شبيه بدور المحامي الروسي المنفي ألكسندر كيرينسكي الذي أصبح أوّل رئيس للوزراء بعد سقوط القيصر وترأس حكومة «كاديت» المعتدلة، مع أنّ البلاشفة عزلوه بعد أشهر قليلة، في ظل حكم لينين وتروتسكي.
وتجدر الإشارة إلى أنّ ما سيحدّد بقاء مصر وتونس ضمن إطار الثورات الملونة، أو اعتمادها منحى التطرّف، مرهون بما إذا كان النظام الجديد فيهما سيشعر بأنه مهدد من الأعداء الخارجيين والداخليين. ويتحتّم إذاً على القادة الغربيين أن ينشطوا في طمأنة أية أنظمة جديدة تنشأ داخل هاتين الدولتين إلى أنّها غير مهدّدة على الإطلاق.
وحتى إذا شارك الإسلاميون في الحكومات الجديدة – وهذا ما سيحصل على الأرجح- فمن الضروري أن تنجح حكومات الولايات المتحدة ودول الغرب في تجنّب أيّ ردّ فعل مبنيّ على الشك أو الخوف، لأنّها إذا فعلت ذلك، فستؤجّج البارانويا وتعزّز من شعبية المتطرفين.
والأرجح أن ينظر حلفاء الغرب في الأردن والسعودية والمغرب إلى الأنظمة الجديدة بارتياب، وأن يطلبوا من الولايات المتحدة وأوروبا التروّي حيال الأنظمة التي أطاحت حكام البلدان التي شهدت الثورات. غير أنّه من الضروري كبح اندفاع من هذا القبيل، وتنبيه الحكام في دول الشرق الأوسط ودعوتهم إلى الانفتاح في مجتمعاتهم بدلاً من مواجهة خطر الإطاحة بهم.
في أعقاب الثورات الملونة التي شهدتها كلّ من الفيليبين ودول أوروبا الشرقية وجورجيا، سارعت قوى الغرب إلى الاعتراف بالديموقراطيات الجديدة التي كانت تشقّ طريقها بجهد، وإلى دعمها واحتضانها. وهذا ما ينبغي أن تفعله القوى الغربية، من دون تأخير، في مصر وفي تونس. وإن لم تفعل ذلك، فسيتسبّب الأمر بتحقق التوقعات التي تنبئ بها هذه القوى الغربية، وذلك بتوجّه هذه الثورات إلى التطرّف، وهو أمر لا لزوم له على الإطلاق.
* باحث أميركي في جامعة جورج مايسون - ولاية فرجينيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.