بعث الاستعراض العسكري الذي أقامته الصين في الذكري السبعين لهزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، رسائل مزدوجة باتجاه الدول الغربية، وأكد عزم الرئيس زي جينبيغ على جعل الصين قوة آسيوية ضاربة. من فوق بوابة تيانانمين في العاصمة بكين دشن زي جينبيغ الاستعراض العسكري محاطاً بزعماء الصين الحاليين والسابقين وبحضور عالمي شارك فيه الرئيس الروسي والكوري الجنوبي وسكرتير عام الأممالمتحدة، ولم يستجب زعماء الدول الغربية الرئيسية للدعوة. محيياً ضيوفه، قال زي: إن "تجربة الحرب تجعل الناس يقدرون قيمة السلم، وإن الصين لن تسعى للهيمنة بغض النظر عن تطورات الأحداث، ولن تسعى للتوسع، ولن تسبب المآسي التراجيدية التي عانت منها في الماضي للآخرين.. جيش تحرير الشعب البالغ قوامه 2.3 مليون سيتم تسريح ثلاثمائة ألف من أعضائه". في بدلة من الطراز الذي درج على ارتدائه أسلافه من قادة الصين تفقد زي القوات المشاركة في الاستعراض من على عربة صينية الصنع. الاستعراض جزء من حزمة احتفالات لإظهار الحزب الشيوعي الحاكم على أنه القوة الرئيسية في إيقاع الهزيمة باليابانيين قبل سبعين عاما، وأنه حامي الأمة الصينية رغم أن مؤرخين يقولون إن منافسيه الوطنيين قاموا بالدور الرئيس في الحرب. الديمقراطيات الغربية شاركت بممثلين على مستوى منخفض عكس امتعاضها من اللهجة المعادية لليابان التي صاحبت الاستعراض ومن تحركات الصين الأخيرة لتوسيع مياهها الإقليمية. كل قيادات الدول الغربية تقريبا بما فيها الولاياتالمتحدةوبريطانيا، لم يلبوا الدعوة. أرسلت كندا سفيرها، وألمانيا مستشارها السابق جيرهارد شرويدر، وبعثت بريطانيا برئيس الوزراء السابق توني بلير. اكتفت الولاياتالمتحدة بإرسال سفيرها في بكين ليشاهد ما يجري وقال بيل ايربان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية: " إن الولاياتالمتحدة ترى أن تخليد مثل هذه الذكرى ينبغي أن يكون حول المصالحة. وأن إشراك قوة عسكرية بهذا الحجم في الاستعراض لا يعطي انطباعا بأنه يتماشى مع تلك الفكرة". فالصين تحت قيادة زي الذي تولى السلطة في 2012 كزعيم للحزب أرسلت سفنها الحربية لمطاردة حرس الحدود اليابانيين بالقرب من الجزر، مثار الخلاف في بحر الصين الشرقي، ولاحقت قوات الحراسة الفلبينية على الحدود بالقرب من سواحلهم، وبنت عدة جزر من الصخور وأقامت عليها مهابط للطائرات ومنشآت عسكرية. اعتادت الصين على تنظيم استعراضات عسكرية ضخمة كل عشر سنوات لتخليد ذكرى إنشاء جمهورية الحزب الشيوعي عام 1949 وبإقامة هذا الاستعراض الإضافي، يؤكد زي أنه سيرأس الاحتفال بهذين الحدثين الهامين خلال فترة حكمه التي تمتد عشر سنوات حتى عام 2023. جرى الاحتفال وسط موجة طاغية من الشعور الوطني بين عامة الشعب الذي يتم تذكيره بشكل مستمر بالإهانات التي تعرضت لها الصين على يد القوى الأجنبية، وبصفة خاصة من قبل اليابان التي تنتقد في بكين بلغة لاذعة وبشكل واسع، متهمة بأنها فشلت في التكفير عن غزوها الصين. لكن مثل هذه الاحتفالات التي تستقبل بالحماس في الداخل تثير مشاعر الخوف والقلق في الخارج من نوايا الصين، بشأن الغرض الذي تريد استخدام قوتها الجديدة فيه. فحسب وسائل الإعلام الرسمية فإن 84% من الأسلحة التي شاركت في الاستعراض لم يشاهدها الجمهور من قبل. وحسب روري ميدكاف رئيس كلية الأمن الوطني في الجامعة الوطنية باستراليا تريد القيادة الصينية ببساطة توصيل رسالة للعالم تقدم فيها الصين كقوة عظمى في القرن الحادي والعشرين. أما جوزف جوسيغ الأكاديمي والمحلل السياسي من هونج كونج فيرى أن "الاستعراض يعتبر إضافة بالنسبة لزي على المستوى الداخلي وهو بمقاييس السياسة الخارجية مثير للالتباس. فهو لا يعزز سياسة الصين الناعمة ولا يساعد في تقديم صورتها التي تريد كقوة من أجل السلام والاستقرار والتنمية" في طوكيو عبر كبير سكرتيري مجلس الوزراء يوشيهيدي سوغا عن أسفه من عدم ورود أي شارة في خطاب زي عن إمكانية إجراء مصالحة بين الصينواليابان. وقال: " كنا نأمل أن تخاطب الصين التحديات المشتركة التي تواجه المجتمع الدولي بدل التركيز بكثافة على مرارات الماضي المؤسفة." من الأسلحة التي أثارت الانتباهة في ميدان الاستعراض ظهور الصاروخ البالستي المضاد للسفن دي اف 21 دي الذي قيل إنه يستطيع إغراق حاملة طائرات أمريكية من طراز نيميتز وبطلقة واحدة. هناك تساؤلات متداولة عن مدى إمكانية الاعتماد عليه في ميدان المعركة، ومع ذلك أثار الاهتمام داخل البنتاجون حول مدى ما يمكن أن يسببه من مخاطر على الأصول العسكرية الأمريكية في حالة حدوث هجوم على اليابان، تايوان أو القواعد الأمريكية في آسيا.