في الآونة الأخيرة ظهر في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي خبر رجل يطلِّق زوجته بسبب رومانسيتها! توقفت كثيراً عند ثقافة الرجل السعودي وتصرفه مع المرأة وأي امرأة (زوجته) وتساءلت كثيراً عن الدافع الذي أجبر الرجل على الطلاق فوراً! ماهي العوامل الاجتماعية التي دفعته إلى مثل ذلك التصرف؟! هل هي الأعراف والعادات والتقاليد؟ تربية الأسرة وتعويد الذكر بأن يكون قاسياً جلفاً لتكون له قوة السيطرة، ونشأ في محيط لا يعرف ما الحب؟! غير الجفاف العاطفي.. وفقر أخلاقي في التعامل، وتسلط في الرأي، وتجميد لعبارات الود والحب وحلاوة المنطق، خاصة بين الزوجين، وهو ما لا يجب وجوده في حياة أساسها المودة والرحمة وطيب المعشر. لقد وصف الجفاف العاطفي بين الزوجين بالتصحر، وهذا اللفظ مشتق من قسوة الصحراء وشدة غلظتها وهلاك من يدور في فلكها وهو جاهل بأسرارها وخطورة الغوص في رمالها رغم نعومة مظهرها. وما هو الأثر النفسي الذي يقع على هذه الزوجة الصغيرة؟ إن شعور الزوجة الواقعة تحت وطأة الجفاف العاطفي بالوحشة وهي بين الناس وفقد الأمان النفسي، وشيوع التشتت الفكري، وجفاف نبع العاطفة لديها، خاصة تجاه زوجها في المستقبل؛ لأنها معه جسد بلا روح جسد فرغ من المشاعر والأحاسيس الزوجية النبيلة بفعل القسوة وتجفيف منابع الشوق للطرف الآخر، يجعلها لا تملك القدرة على تنشيط محسنات العشرة الزوجية في ظل الجفاف العاطفي، بل إنها تتحوَّل إلى كائن حي يميل إلى العزلة والصمت المعطل لأفضل العبارات وأرقها حتى مع أبنائها وسائر أسرتها الذين يرون على تقاسيم وجهها الشاحب علامات الغياب العاطفي، كالحزن والهم والسرحان وكثرة الدموع وقلة الكلام وبرود المشاعر وغيره.ما ينتج عنه سلوكيات سلبية وغير مرغوبة في محيطهما الأسري الذي يعيشان فيه؛ لأنه سيحدث في شخصية الزوجة شرخ في المكون العاطفي، وضرر نفسي يمكن أن نطلق عليه الكبت المرضي، بالإضافة إلى المنغصات النفسية التي تخلف آثاراً سلبية مثل العزوف النفسي الأحادي من قبل الزوجة، أي أنها لا تشعر تجاه زوجها بأي ميول، كما قد يخلِّف للزوجين جيلاً صامتاً من الأبناء والبنات لا يحسنون التعامل المعرفي مع الآخرين، هذا غير الانحرافات السلوكية والتربوية التي قد يحدثها الجفاف العاطفي في شخصيات بعض أفراد الأسرة كجانب تعويضي بحثاً عن البديل. إننا بحاجة ماسة لتنشيط عواطفنا ومشاعرنا وأحاسيسنا تجاه أنفسنا ومن يحيط بنا وإذابة الجمود العاطفي والتخلص من الروتين الممل في التعامل بتجديد دورة الجذب العاطفي في الكيان الأسري كاملاً، حتى نحافظ على أسرة نموذجية تحرص على تنمية الشخصية الإنسانية في محيطها وهي محاطة باحتياجها المتدفق من العواطف والمشاعر والأحاسيس التي لا غنى لأي من الزوجين عنها، ولا يكتمل البناء الأسري الحقيقي إلا بتبادل تلك الصفات بفهم راق لمعنى الحياة.