رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي يحب القول إن اليابان عادت إلى مجال الأعمال التجارية. حجته حصلت على دعم كبير الخميس مع الأخبار بأن أكبر طرح عام أولي في البلاد لهذا القرن - إدراج المؤسسة العملاقة للبريد الياباني بقيمة 11.6 مليار دولار - سوف تمضي قدما في نوفمبر المقبل. بيع الأسهم ليست مجرد علامة على أن التغيير على قدم وساق في الاقتصاد الياباني: وإنما ينبغي أن يساعد ذلك على دفع هذه العملية. بدأت رحلة البريد الياباني الطويلة إلى القطاع الخاص في عام 2001 عندما كان جونيشيرو كويزومي، مرشد آبي، رئيسا للوزراء. في سعيه لإنهاء المحسوبية والتهاون اللذين يعاني منهما الاقتصاد الياباني، ذهب كويزومي بشكل صحيح للمصدر: مؤسسة الادخار ضمن النظام البريدي الذي كانت توظف في ذلك الحين أكثر من 400 ألف شخص. كانت مؤسسة البريد الياباني هي حصالة التوفير التي كانت تتعرض لغزوات السياسيين أصحاب النزوات الذين يستخدمون المال لتمويل مشاريعهم المفضلة، وكثير منها كان بلا قيمة، مما ساعد على تغذية الانفجار في الدين العام. لا يمكن للخصخصة أن يأتي في لحظة مناسبة أكثر من هذه. حتى بول كروغمان الحائز على جائزة نوبل، وهو من أوائل المشجعين لبرنامج آبي الاقتصادي، قال هذا الأسبوع إنه «حقا، حقا قلق» بشأن فرص طوكيو لإنهاء الركود المستمر منذ عقدين. والأمل هو أن الإدراج، الذي سيستهدف الفردية اليابانية، سيشجع الأسر على استثمار مدخراتهم أكثر. ربما الأهم من ذلك، يمكن إحياء القطاع المصرفي الراكد في البلاد. وتعتبر اليابان من بين الدول الأكثر تملكا للبنوك في العالم المتقدم، مع وجود أكثر من 100 لاعب إقليمي خامل (84 منها هي شركات عامة) يخدم 126 مليون نسمة. بفضل سياسة سعر الفائدة الصفري في بنك اليابان، هوامش الربح تتقلص بسرعة أكبر من السكان. الحل، بالطبع، هو الاندماج وتصويب الأوضاع. فقد تزيد أقوى وأكبر البنوك الإقليمية وأكثرها ربحية من المخاطر في اليابان وتشجع الإقراض. وقد ينشر فوائد النمو اليابانية بنسبة 0.8% إلى ما بعد طوكيو وأوساكا. وقد استخدمت الجهات المنظمة استراتيجية مماثلة مع ثلاثة «بنوك عملاقة» في اليابان لتشجيعها على اتخاذ مخاطر أكبر في ميزانياتها العمومية. كان انضمام البنوك اليابانية الفخورة - التي يرجع بعضها لقرن من الزمان - إلى القنوات عملية بطيئة ومضنية. جميع الرؤساء التنفيذيين يريدون أن يكونوا الشركة التي تستحوذ، وليس الشركة التي يتم الاستحواذ عليها. وجميعهم يريدون اسمهم على الباب. هل تساءلت في أي وقت مضى كيف وصل التنفيذيوين إلى هذا الاسم المعقد بعنف؟ وهو «بنك طوكيو ميتسوبيشي يو إف جي»؟ هذا ما يحدث عندما تجمع معا حفنة من المؤسسات التي امتدت لعشرات السنين والتي ترفض أن ترى علامتها التجارية وهي تختفي. الغريب كما يبدو، هذا من بين الأسباب الرئيسية التي جعلت الرؤساء التنفيذيين اليوم يترددون في عملية الدمج. يرون وظائفهم وكأنها تحمي إرث البنك، وليس اسما يشطب من الخطابات المروسة. يأتي الآن دور البريد الياباني. سوف تطرح أسهمها للاكتتاب العام على مراحل ضمن مجموعها الذي يبلغ 11.6 مليار دولار يتضمن الشركة القابضة والبنك ووحدة التأمين. بعد الإدراج، سوف تبقى الحكومة مالكة لما يقرب من 90% من بنك بوست اليابان. ومع ذلك، كمؤسسة للربح، سيتوجب عليها البدء في التركيز أكثر على الإقراض بدلا من مجرد قبول الودائع ودفع الفوائد. وسيقدم هذا منافسة قوية للبنوك الإقليمية على وجه الخصوص: لن يكون لدى الرؤساء التنفيذيين أي خيار سوى البحث عن شركاء - أو قوارب النجاة. بالتأكيد، استجابة البنوك الأولية ستكون السعي لخفض المزيد من التكاليف، فضلا عن محاولات لتحسين الكفاءة والاستفادة بشكل أفضل من التكنولوجيا. وهذا لن يكون كافيا، كما يقول المحلل لدي موديز شانزاكو ساتو. ويقول ساتو: «الجهود الرامية إلى خفض التكاليف تعمل فقط على تعويض يبلغ فقط حوالي ربع الانخفاض في صافي إيرادات الفوائد للبنوك، ونحو ثلث التباطؤ في صافي الرسوم». تسارَعَ تقلص الهوامش منذ شن محافظ بنك اليابان المركزي هاروهيكو كورودا تجربته للتيسير الكمي في عام 2013. وهذا تبين أنه رياح عكسية غير متوقعة. الأرباح الأقل تجعل البنوك أكثر خجلا بشأن إعطاء القروض، مما يجعل اليابان تتضور جوعا من أثر المضاعِف الذي يجعل السياسة النقدية قوية جدا. الاندفاع المفاجئ في المنافسة الذي يصاحب جهود الإقراض من مؤسسة البريد الياباني يفترض فيها أن تقوي من آلية النقل من البنك المركزي.