قال إبراهيم بصبوص، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللبناني، امس الجمعة: إن استعمال القوة أو إطلاق الرصاص تجاه المتظاهرين ممنوع "منعاً باتاً"، مشيراً الى أن من مقومات مؤسسة قوى الأمن الداخلي احترام حرية التعبير. فيما قال محللون سياسيون: ان "حزب الله" يحاول خطف "طلعت ريحتكم" لزعزعة الدولة. وقال بصبوص خلال زيارته قيادة القوى السيارة في ضبية شمال بيروت: إن "قوى الأمن الداخلي من أفضل المؤسسات العريقة في لبنان، ومن مقوماتها احترام حرية التعبير وحق التظاهر، وهي جاهزة دائما لحماية المتظاهرين حتى آخر لحظة طالما تحركهم سلمي وضمن الأطر الديمقراطية التي كفلها الدستور". وأضاف متوجهاً الى الضباط والعناصر في قوى الأمن الداخلي: "ثابروا على التحلي بالانضباط حتى أقصى الحدود، فاستعمال القوة المفرطة وإطلاق الرصاص ممنوع منعا باتا مهما كانت الأسباب، لأن المتظاهرين اخوة وأصدقاء لكم، وواجب عليكم حمايتهم مهما تعرضتم له". وأشار إلى أن قوى الأمن الداخلي "هي بحسب القانون مكلفة بحفظ الأمن والنظام وحماية الحقوق والحريات، وكذلك مكلفة بالحفاظ على الأملاك العامة والخاصة ومنع أي اعتداء عليها". وقال: "أتيت لأثني على جهودكم وتضحياتكم الدائمة في حفظ الأمن والنظام، وبخاصة خلال التظاهرات الأخيرة وما رافقها من أعمال الشغب، ولأثمن حفاظكم على ضبط النفس ورباطة الجأش على الرغم من كل المضايقات والاستفزازات والإصابات التي طالتكم من بعض المشاغبين، مع علمنا ان الأخطاء التي ارتكبها بعضكم، كان سببها الضغط الهائل الذي تعرضتم له، وأشدد على عدم تكرارها مستقبلا". يخدم "حزب الله" ورأى الكاتب والمحلل السياسي راشد فايد في حديث ل"اليوم" ان "هذه حركة محقة، ولكن من قاموا بها محامون فاشلون لقضية ناجحة؛ لأن المطالب كانت متضاربة وغير واضحة ونزلوا الى الشارع في موضوع النفايات ثم أصبح الشعار إسقاط النظام، ثم ظهر من خلال المقابلات التلفزيونية مع بعض المشاركين أن وعيهم السياسي والاجتماعي ليس في المستوى الذي يضعهم في قيادة تحرك من هذا النوع، شخص يقول أنا أريد إسقاط النظام وانتخاب رئيس جمهورية، فكيف تريد أن تسقط النظام وتنتخب رئيس جمهورية، أو آخر قال إنه جاء ليمنع المعتصمين فيما هو يقف معهم، واضح ان هناك قيادة ولكنها لا تمون على من يسير وراءها، وهؤلاء لا تربطهم مع بعضهم أي فكرة سياسية واحدة". وقال: "لا شك ان الوضع في البلد والفساد المستشري الى حدّ الوقاحة أصبح لا يحتمل، وبالتالي الناس لم تعد تحتمل، وما حرّك الموضوع ان الناس اصبحوا مهددين بسوء إدارة الشأن العام، لأن النفايات على أبواب البيوت، بينما هؤلاء الناس أنفسهم يعانون من مشكلة المياه ولكنهم لم يتحركوا، بل تحركوا لأن الموضوع أصبح مزعجاً الى حدّ كبير"، موضحاً ان "الدولة تشكو من غياب الادارة، أي ليس فيها حزب الدولة، هم موظفون مخلصون لعملهم ولشؤون دولتهم، فغياب هؤلاء واحلال السياسيين للتعاطي بشأن إداري كما موضوع النفايات خطأ وليست مهمة السياسي، وهذا ما فعلته الحكومة مؤخرا حينا أحالت الملف إلى لجنة خبراء". وأكد فايد ان "هذا الحراك لن يصل إلى مكان بدليل أن الرئيس نبيه بري أطلق طاولة الحوار في محاولة لاستيعاب الوضع من جهة، ومن جهة ثانية التقاطعات الإقليمية والدولية تتيح انتخاب رئيس، لأننا نعلم ان مشكلة انتخاب الرئيس هي نتيجة عناد إقليمي يتغطى بموقف طرف سياسي داخلي، ولكن الحقيقة ان هذا الطرف السياسي ولنوايا ذاتية وضع نواياه من دون ان يدري ربما في خدمة حالة إقليمية تقول انه لا حلحلة في وضع المنطقة قبل ان يدور النقاش ضمن الفرقاء المعنيين، وأعني بذلك تحديداً إيران". ولفت المحلل السياسي الى ان "هذا الحراك غير المؤطر تنظيمياً يسمح لكل ذي غاية ان يستغله بما يناسبه، هنالك كلام تردد ان هذا التحرك يخدم "حزب الله" في محاولة زعزعة بنية الدولة، واذا نظرنا الى هذا التحرك نرى ان هنالك معطيات توحي بذلك، كما ان هذا التحرك يخدم النظام السوري وهؤلاء بقايا مخابراته، وايضاً هذا كلام صحيح، فهذا النظام من مصلحته اشعال الوضع ومنذ البداية يريد ان يشعل الحرب في لبنان". وحول التخطيط لاحتلال مؤسسات الدولة، لا يستبعد فايد أن "الحماسة ومحاولة ابتداع وسائل ضغط وراء الدخول الى مقر وزارة البيئة، بالطبع هذا أمر مدان لأنه مقر رسمي، اضافة الى أن أغلبية اللبنانيين رفضوا هذا المشهد لأنه في عمق أعماق اللبنانيين هناك ارادة استمرار الدولة، لأنها مؤسسة بصرف النظر عن الأشخاص الذين يدينون السياسة في البلد، ولكن الحرص على الدولة يخدم هؤلاء الناس، وبالتالي الدخول الى وزارة البيئة واحتلالها او وجود المعتصمين في داخلها أوحى للناس ان هنالك خطرا ما على بنية الدولة، وبالتالي لم يلتحق كثيرون بالمعتصمين، إضافة الى ان المعتصمين ارتكبوا خطأ حينما حددوا مهلة؛ لأنه بعد المهلة ماذا حصل، لا يملكون الجواب وبالتالي اجهضوا مبادرتهم بأنفسهم". وحول مصير الحملة، رأى ان "فشلها ذاتي لأنها حددت موعدا للتصعيد وانتهى الموعد على خير، ثانياً هنالك طاولة الحوار التي دعا اليها الرئيس نبيه بري، ثالثاً هنالك التفاف سياسي حول موضوع الحوار وكأنه هنالك شعور بأن هنالك خطرا داهما قد يهز الدولة أكثر مما هي مهتزة، ولا مصلحة لأي طرف أن يسقط هذا الاستقرار الهش الذي تحرص عليه القوى الإقليمية والدولية حتى اشعار آخر، لذا انا اعتقد ان هذا التحرك وقف حيث انتهى، ولن يتمدد ويقتضي بالدولة اللبنانية والمسؤولين ان يتحلوا بالحكمة في التعاطي مع هكذا حالات؛ لأن ردة فعل تجرّ الى ردة فعل أخرى، وبالتالي احسنت وزارة الداخلية بترك المعتصمين في المكاتب وفي النهاية ماذا يفعلون، عليهم ترك المكاتب وهذا ما جرى سواء بالضغط او من دون ضغط، وبالتالي ليس على المسؤولين ان يكونوا انفعاليين بالتعاطي مع أي خطوة يقدم عليها هذا التجمع او أي تجمع آخر، على كل حال هذا التجمع خرج عن نهجه حين لم يكتف بالاعتصام في الشارع والاحتجاج على الموضوع الذي كان يحتج عليه". أهداف مشروعة واعتبر الصحافي والمحلل السياسي يوسف دياب في حديث ل"اليوم" ان "التغيير لا يحصل الا عبر الشارع وعبر الشعب، ولكن كيفية الوصول الى هذا الهدف، هنا يحصل التباين، مما لا شك فيه ان الشعارات والاهداف التي يسعى لها منظمو الحملات هي اهداف مشروعة ومحقة، وتعبر عن رأي غالبية اللبنانيين، لكن المشكلة اليوم هي في سلوك الطرق التي تؤدي الى معالجة هذه الأمور، هناك إخفاقات في طريقة المعالجة او هناك تباينات في طريقة الوصول الى هذه الأهداف"، مشدداً على ان "التحركات التي بدأت بشكل جيد ومدروس من خلال الاعتصامات التي حصلت في رياض الصلح وساحة الشهداء وعبر الشعارات التي رفعت وبعدم تطييف التحرك وتحزيبه، هذا كان مطلب كل اللبنانيين وكان محط اعجاب كثير من المراقبين لهذا التحرك". وقال: "ما حصل في وزارة البيئة وقبله في محاولة اقتحام السرايا الحكومية، وكأن هناك محاولة لخطف هذا التحرك او حرفه عن مساره الطبيعي، ما يحصل اليوم هو بداية انحراف عما يجب ان تكون عليه هذه المسيرة، احتلال مؤسسات الدولة هو خطأ فادح كبير جداً؛ لأنه لا يؤدي الى المعالجة بل الى الفوضى، وهذه الفوضى قد تخدم أطرافا داخلية وخارجية لها مصلحة اليوم أن يكون لبنان جزءا من اللهيب الدائر في المنطقة، والبلد لا يحتمل أن يدخل في أتون النار التي تشتعل في المنطقة. أتطلع الى منظمي الحملة أن يتابعوا دورهم وما يقومون به، لأن ما يقومون به بداية لتغيير ما في العقلية والذهنية السياسية بطريقة التعاطي مع المشاريع التي هي مطلب لكل اللبنانيين، والذين يأملون بتحقيقها بشكل سريع، المطلوب أن يكونوا أكثر وعياً من محاولات استدراجهم الى مكان يكونون هم سبب للفوضى، وان شاء الله لا نصل اليه". واشار دياب الى ان "الأهداف مشروعة فيما خص معالجة مسألة النفايات وتلبية المطالب الحياتية للناس، أي الماء والكهرباء وأمور ضرورية للحياة اليومية، وان يكون لدينا مؤسسات سياسية ودستورية فاعلة تهتم بشؤون المواطنين كما يجب، وهذا هو دورها سواء في التشريع وسن القوانيين وابتداع مشاريع إنمائية للشعب اللبناني ومسألة تحييد لبنان عما يحصل في المنطقة". واضاف: "هذه الشعارات يجب أن تتحقق، اما القول إنه يجب الوصول الى هذه الاهداف عبر إقالة الحكومة أو عبر اجراء انتخابات نيابية مبكرة او تغيير النظام هذه شعارات فضفاضة وأكبر من منظمي المظاهرة، ومن هنا نبدأ أن نشكل ان هذه الامور بدأت تخرج عن مسارها الصحيح". وختم المحلل السياسي: "اذا تذكرنا حالات الشغب التي حصلت في ساحة الشهداء وعمليات التخريب كان النظام السوري ينقلها على التلفزيونات مباشرة على الهواء، ومن قاموا بحالات الشغب محسوبون على فئات سياسية في لبنان مقربة من النظام السوري، لهذا يمكننا القول ان هناك استثمارا لجهات خارجية للموضوع وكأنه ثمة محاولات لإلحاق الساحة اللبنانية بالساحة السورية، وهذا أمر خطير، ولهذا نتمنى أن يطوّق الموضوع قبل أن تتطور الامور لما يريده مريدو الفتنة في لبنان".