حبا الله سبحانه وتعالى المملكة بثروة نفطية ضخمة. وقد أدرت هذه الثروة على هذه البلاد العزيزة إيرادات مالية هائلة تم إنفاقها على تنمية الموارد البشرية، والبنية الأساسية، وتطوير الخدمات العامة، وتحسين ظروف معيشة سكانها، ورفع رفاهيتهم. وبالإضافة إلى ذلك بادرت هذه البلاد إلى مد يد العون للدول الشقيقة والصديقة والمحتاجة. وقد حققت المملكة معدلات تنمية بشرية واقتصادية مرتفعة خلال العقود الماضية، كما وفرت طيفا واسعا من مختلف أنواع الدعم للمواطنين والقطاع الخاص. وتم ذلك من خلال تقديم الخدمات الحكومية، وتطوير البنية الأساسية والقانونية، والدعم المالي المباشر وغير المباشر الذي طال كافة قاطني البلاد. ويعتبر دعم أسعار الطاقة وتوفيرها من أبرز أوجه الدعم الذي استفاد منه جميع سكان المملكة من أفراد ومؤسسات. وقد مكن هذا الدعم من خفض وتثبيت أسعار المنتجات النفطية والنفط الخام المباع للقطاع الخاص المحلي والأسر والأفراد. وقد قفز الطلب المحلي على النفط ومنتجاته قفزات قوية خلال العقود الماضية بسبب معدلات النمو الاقتصادي، وزيادة معدلات الدخل، والنمو السكاني. وحفز توفر المنتجات وأسعارها المتدنية من نمو الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة ورفع الطلب الكلي على النفط ومنتجاته في المملكة خلال العقود الماضية بمعدلات تفوق النمو العالمي. تطوارات الطلب السنوي على النفط شهدت مستويات الطلب المحلي على النفط ومشتقاته ارتفاعات قوية خلال السنوات الماضية، حيث ازداد متوسط إجمالي الطلب على النفط الخام ومشتقاته من حوالي 1.17 مليون برميل يومياً في 2002م إلى حوالي 2.41 مليون برميل يومياً في 2014م، كما تفيد بيانات منتدى الطاقة العالمي. (ولا تشمل هذه البيانات استهلاك المملكة من منتجات سوائل الغاز الطبيعي والتي لا تتطرق لها بيانات المنتدى، حيث وصل متوسط استهلاك المملكة اليومي من هذه السوائل إلى حوالي 400 ألف برميل يومياً في عام 2014م). ويتكون الطلب المحلي على منتجات النفط من الاستهلاك المحلي من هذه المواد وتغيرات مخزونات هذه المواد. ويعكس تزايد الطلب المحلي على النفط ومنتجاته بشكل رئيس تزايد الاستهلاك المحلي من هذه المنتجات، حيث لا تمثل التغيرات في مخزونات هذا النفط ومنتجاته إلا جزءًا يسيراً من إجمالي حجم الطلب المحلي. وقد نما إجمالي الطلب المحلي على النفط ومشتقاته خلال فترة الإثني عشر عاماً المنتهية بعام 2014م بنسبة 107%، وتمثل هذه الزيادة معدل نمو سنوي مقداره 6.3% خلال الفترة. ويفوق معدل نمو الطلب على النفط ومنتجاته معدلات النمو السكاني، مما قد يعني زيادة معدلات الدخل أو زيادة كثافة استخدام الطاقة أو كليهما. ولم يرتفع الطلب الكلي على النفط بشكل منتظم خلال الفترة، حيث ارتفع بحدة في بعض السنوات وتراجعت معدلات النمو في سنوات أخرى. فقد ارتفع الطلب بنسبة حوالي 10.6% في 2009م، وهي السنة التي شهدت تراجعاً في أسعار النفط العالمية وركوداً اقتصادياً عالمياً، بينما تراجع النمو السنوي في الطلب النفطي المحلي إلى حوالي 2.1% في عام 2013م، وذلك على الرغم من أن تلك السنة شهدت أسعار نفط جيدة وتعافياً اقتصادياً عالمياً. وترجع التأرجحات القوية في معدلات النمو إلى التغيرات القوية في الطلب على بعض أنواع النفط. وينقسم النفط الخام ومشتقاته في هذا التقرير إلى ستة مكونات رئيسية هي غاز البترول السائل، والبنزين، والديزل، والكيروسين، وزيت الوقود، والمواد الأخرى. وقد ارتفع الطلب على هذه المكونات خلال فترة الإثني عشر عاماً المنتهية بعام 2014م، ولكن بنسب وكميات متفاوتة. ويشكل الطلب النفطي على أربعة مكونات رئيسية هي الديزل، مواد أخرى، البنزين، وزيت الوقود معظم الطلب الكلي على النفط، حيث تصل نسبة هذه المكونات إلى 95% تقريباً من إجمالي الطلب على النفط، بينما يشكل الطلب على الكيروسين وغاز البترول السائل نسبة 5% المتبقية. وقد ارتفع متوسط الطلب على غاز البترول المسال من حوالي 30 ألف برميل في اليوم في عام 2002م إلى حوالي 42 ألف برميل يومياً في عام 2014م. ويتم استهلاك نسبة كبيرة من غاز البترول المسال من قبل الأسر. ويبدو أن نمو الطلب على غاز البترول المسال نما بمعدلات قريبة من النمو السكاني، حيث ارتفع خلال الفترة 2002-2014 بنسبة 38.5%. وشهد عام 2011م ارتفاعاً حاداً في استهلاك غاز البترول المسال، ومن المرجح أن تلك السنة شهدت استخداما صناعيا متزايدا للغاز المسال. وبعد تلك السنة، تراجع الطلب على الغاز المسال في السنوات الثلاث التالية. وقد يكون لحادث تفجر شاحنة الغاز في الرياض عام 2012م دور في تزايد المخاوف حول استخدامات الغاز المسال والتسبب في تراجع الطلب عليه. ويحتل حجم الطلب على الديزل -في الوقت الحالي- رأس قائمة أحجام الطلب على المشتقات النفطية في المملكة. وقد ارتفع متوسط الطلب اليومي على الديزل من 392 ألف برميل في عام 2002م إلى 753 ألف برميل في عام 2014م، وبذلك تزايد معدل الطلب خلال فترة الإثني عشر عاماً بنسبة 92.2% (أو بمعدل سنوي يصل إلى 5.6% خلال الفترة). ويستخدم الديزل بشكل رئيس في قطاع المواصلات وخصوصاً التجارية، وفي القطاع الصناعي، وتشغيل المعدات الثقيلة، ويستخدم في قطاع توليد الكهرباء، والقطاع الزراعي ولكن بكميات قليلة. ويبدو أن معدلات نمو الطلب على الديزل تنمو بشكل مطرد مع معدلات نمو القطاع الخاص، وقد شجعت الأسعار المتدنية للديزل مقارنةً مع دول العالم على رفع معدلات استهلاك الديزل واستخداماته. وقد ارتفعت معدلات نمو الطلب على الديزل بعد خفض أسعاره في عام 2006م عن معدلاته السابقة، حيث وصلت إلى 8.8%، 7.2%، 8.2% في أعوام 2006، 2007، 2008م على التوالي.ويحتل مكون المنتجات الأخرى المركز الثاني في قائمة حجم الطلب المحلي على النفط ومشتقاته، وذلك حسب آخر البيانات المتوفرة. وقد تصاعد الطلب على المنتجات الأخرى من حوالي 196 ألف برميل يومياً في عام 2002م إلى حوالي 629 ألف برميل يومياً في عام 2014م.ولا توضح بيانات منتدى الطاقة ماهية المنتجات الأخرى، ولكن لا توجد منتجات أخرى يمكن استهلاكها بهذه الكميات الضخمة يومياً في المملكة سوى النفط الخام. ولا تورد مصادر شركة أرامكو أي معلومات عن الاستهلاك المباشر للنفط الخام، ولكنها تورد بيانات عن مبيعات الشركة السنوية من المنتجات النفطية. وتظهر بيانات الشركة عن إجمالي مبيعاتها من المشتقات النفطية في الأعوام الأخيرة تقارباً مع بيانات الطلب على المنتجات النفطية الصادر من منتدى الطاقة العالمي. ولهذا فمن شبه المؤكد أن تعريف المنتجات الأخرى الواردة هنا والمستقاة من بيانات منتدى الطاقة العالمي تتشكل بشكل رئيس من النفط الخام وكميات قليلة من الطلب على الأسفلت والمواد الأخرى في المملكة. وقد ارتفع الطلب على المنتجات الأخرى خلال فترة الإثني عشر عاماً المنتهية بعام 2014م بنسبة 221.3%، مما يعني أن معدل نمو الطلب السنوي عليها خلال الفترة بلغ حوالي 10.3%.ويعتبر معدل نمو الطلب على المنتجات الأخرى خلال الفترة هو الأعلى بين مكونات النفط. وقد جاءت الزيادة القوية في الطلب على المنتجات الأخرى نتيجةً لتصاعد الطلب على الكهرباء والمياه المحلاة، وبنسب كبيرة خلال نفس الفترة. وقد شهدت الفترة تقلبات حادة في الطلب على المنتجات الأخرى، حيث تراجع نمو الطلب عليها في بعض السنوات (2002،2011، 2013) بينما تصاعد بقوة كبيرة في سنوات أخرى وصلت إلى حوالي 74.9% في عام 2009م. ويلاحظ أن الطلب على زيت الوقود في تلك السنة تراجع بنسبة كبيرة كما تراجع معدل نمو الطلب على الديزل، وهذا يشير إلى أن هناك إحلالا كبيرا لحرق النفط الخام بدل زيت الوقود والديزل في ذلك العام. وتسبب التأرجح الكبير في معدلات نمو الطلب على المنتجات الأخرى في التأثير بقوة على معدلات نمو الطلب الكلي على النفط ومنتجاته خلال الفترة 2002-2014م. ويأتي حجم الطلب على البنزين في المركز الثالث في أحجام الطلب المحلي على النفط والمشتقات. وقد ارتفع الطلب اليومي على البنزين من 256 ألف برميل في عام 2002م إلى 528 ألف برميل في عام 2014، مرتفعاً خلال الفترة بنسبة 106%. ويمثل هذا الارتفاع معدلا نموا سنويا في حجم الطلب على البنزين خلال الإثني عشر عاماً بلغ 6.2%. ويستهلك معظم البنزين في قطاع المواصلات وخصوصاً الأسرية. وتفوق الزيادة في الطلب على البنزين معدلات النمو السكاني، مما قد يكون ناتجاً عن زيادة عدد المركبات بمعدلات تفوق الزيادة السكانية، أو زيادة معدلات نمو المسافات المقطوعة بالمركبات، وقد يشير إلى تراجع في كفاءة استخدام المركبات للوقود. ويلاحظ في معدلات النمو السنوية زيادة كبيرة في معدل استهلاك البنزين عام 2007م وهي السنة التي تلت خفض أسعار البنزين، ثم تراجع هذا النمو في العام التالي ولكنه ظل أعلى من معدلات النمو في السنوات السابقة لخفض أسعار البنزين. ويلاحظ أن عام 2012م شهد زيادة معدلي نمو الطلب على البنزين والديزل مقارنةً بأنواع النفط الأخرى، ومقارنةً بالسنوات السابقة واللاحقة. وهذا النمو يشير إلى حدوث صدمة إيجابية وارتفاع في مستويات النشاط الاقتصادي والإنفاق الحكومي والخاص. وقد انخفض بعد ذلك معدلا نمو البنزين في عامي 2013، 2014م إلى نصف معدلات نمو 2012م، بينما تراجع معدلا نمو الديزل إلى ثلث معدلات 2012م. وتستهلك المملكة كميات كبيرة من زيت الوقود، حيث وصل متوسط حجم طلبه اليومي في عام 2014م إلى 384 ألف برميل، مرتفعاً بنسبة 61.1% عن متوسط الطلب عليه في عام 2002م والبالغ 239 ألف برميل. وبذلك ارتفع الطلب السنوي على زيت الوقود بنسبة سنوية وصلت إلى 4% خلال الفترة 2002-2014م. ويستهلك معظم زيت الوقود في قطاع توليد الكهرباء وإنتاج المياه المحلاة والنقل البحري. ويبدو أن هناك تبادلا في استخدام زيت الوقود والزيت الخام، فعندما يرتفع استهلاك الزيت الخام مباشرة بدرجة قوية تتراجع معدلات الطلب على زيت الوقود والعكس صحيح، إلا في عام 2014م. أما بالنسبة للكيروسين فيستخدم بشكل رئيس في قطاع المواصلات، وتحديداً في النقل الجوي. وقد وصل حجم الطلب اليومي على الكيروسين إلى 79 ألف برميل في عام 2014م، مرتفعاً بنسبة 45.1% خلال فترة 12 سنة. وبلغ معدل نمو الطلب السنوي عليه خلال فترة الإثني عشر عاماً المنتهية بعام 2014م حوالي 3.2%. ويعكس تراجع النمو في معدلات الطلب على الكيروسين في المملكة تراجع نمو القطاعات المستهلكة مقارنةً بالقطاعات الأخرى. الطلب نصف السنوي واصل حجم الطلب على النفط ومشتقاته النمو في النصف الأول من عام 2015م. ولا تتوفر بيانات عن حجم الطلب الشهري أو الفصلي من مصادر محلية، ولكن المصادر الدولية تشير إلى ارتفاع حجم الطلب المحلي الإجمالي على النفط ومشتقاته في النصف الأول من عام 2015م، حيث وصل متوسط الطلب اليومي إلى 2.4 مليون برميل. (لا يشمل الطلب على سوائل الغاز والذي يقدر بأنه قد وصل إلى حوالي 415 ألف برميل في النصف الأول من عام 2015م، حيث لا تتوفر بيانات شهرية عن الطلب المحلي من مصادر محلية أو دولية). وقد ارتفع معدل الطلب اليومي خلال النصف الأول من عام 2015م بنسبة 5.0% مقارنةً مع حجم الطلب في النصف المقابل من عام 2014م. وتراجع معدل نمو الطلب في النصف الأول من 2015م عن معدل نمو النصف الأول في 2014م، والذي ارتفع على أساس سنوي بنسبة 10%. وجاء الارتفاع المعتدل نسبياً في طلب النصف الأول من عام 2015م نتيجةً لزيادة الطلب بقوة على زيت الوقود وتراجعه للمنتجات الأخرى. وتشير بيانات الطلب على النفط ومشتقاته للأنصاف السنوية الأولى للسنوات الخمس 2011-2015 إلى أن متوسط الطلب اليومي للنصف الأول من السنة يقل عن نظيره في النصف الثاني من العام بحوالي 10% أو أكثر. ويعود هذا إلى ارتفاع طلب الوقود من قطاع الكهرباء في الربع الثالث. ويزيد متوسط الطلب السنوي عن متوسط الطلب في النصف الأول من العام بما لا يقل عن 100 ألف برميل في اليوم، مما يعني أن معدل الطلب السنوي يقل عن معدل الطلب في النصف الثاني من العام بحوالي 100 برميل يومياً. وقد ارتفع الطلب على زيت الوقود بقوة خلال النصف الأول من عام 2015م مقارنةً مع نفس الفترة من عام 2014م، حيث وصل معدل نموه السنوي إلى 22.3%. وتقف الزيادة في حجم الطلب على زيت الوقود خلف معظم الزيادة في الطلب على النفط ومشتقاته في هذه الفترة. من جهةٍ أخرى تراجع حجم الطلب على المنتجات الأخرى خلال الستة الأشهر الأولى من عام 2015م بحوالي 3.5% مقارنةً بنفس الفترة من العام السابق. وقد يعود تراجع الطلب على المنتجات الأخرى في النصف الأول إلى عمليات إحلال في إنتاج الوقود أو ارتفاع حجم المخزونات من النفط الخام في الأشهر السابقة، ولا تتوفر أي بيانات أو معلومات حول المخزونات. أما بالنسبة للمشتقات الأخرى، فقد نما الطلب على البنزين في النصف الأول بمعدل سنوي وصل إلى 6.0%، كما نما الطلب على الكيروسين بنسبة 9.0% في نفس الفترة. ونمو الطلب على الكيروسين وإلى حدٍ أقل البنزين قد يكون مرتبطاً بالأنشطة العسكرية على حدود المملكة الجنوبية. وعلى النقيض من الأنصاف السنوية للسنوات الثلاث السابقة فقد عاد النمو للطلب على غاز البترول المسال، حيث ارتفع بنسبة 5.8% في النصف الأول من عام 2015م مقارنةً مع مستواه في النصف المقابل من العام الماضي. التغيرات الموسمية للطلب على النفط ومنتجاته تشهد معدلات الطلب الشهرية تغيرات واضحة ناتجة عن التغيرات الموسمية، حيث ترتفع معدلات الاستهلاك اليومي من إجمالي النفط الخام والمنتجات في أشهر معينة، وتتراجع في أشهر أخرى. ويؤثر المناخ بقوة على معدلات استهلاك منتجات معينة وبالتالي على إجمالي طلب النفط ومنتجاته. ويلاحظ من الرسوم البيانية المرفقة أن معدلات الطلب الشهرية ترتفع بشكل إجمالي خلال الصيف. ويبدأ تراجع الطلب في شهر أكتوبر، ثم ينخفض الإجمالي بقوة خلال الأشهر الخمسة نوفمبر، ديسمبر، يناير، فبراير، مارس. وقد يتجاوز حجم تراجع الطلب في بعض هذه الأشهر أكثر من نصف مليون برميل في اليوم. وفي المقابل يرتفع إجمالي الطلب على النفط ومشتقاته بقوة خلال أشهر الصيف، وقد يزيد الطلب في شهر يونيو ويوليو أو أغسطس بأكثر من 900 ألف برميل عن الطلب في أشهر تراجع الطلب السابقة؛ وذلك نتيجةً للتغيرات الموسمية والنمو المستمر في الطلب. ويوضح الشكل البياني (1) التغيرات الموسمية في حجم الطلب الكلي والمنتجات. ويوجد تأرجح قوي في الطلب الكلي على إجمالي النفط ومنتجاته.ويشهد الطلب على المنتجات الأخرى والتي تتضمن النفط الخام أقوى التأثيرات الموسمية بين مكونات النفط، كما هو موضح في الشكلين البيانين (1)، (3). وقد ازدادت التأثيرات الموسمية مع مرور الوقت بسبب ارتفاع الطلب على الكهرباء والمياه والتحسن الكبير في قدرات توليد وإنتاج الكهرباء والمياه في السنوات الأخيرة. ويرتفع الطلب في فصل الصيف بقوة على الحرق المباشر للنفط الخام، حيث قد يتجاوز الفرق في الطلب على حرق النفط الخام بشكل مباشر بين بعض أشهر الصيف وأشهر الشتاء 600 ألف برميل. وتتأرجح معدلات الطلب على الديزل بنفس الطريقة، حيث ترتفع في فصل الصيف وتنخفض في فصل الشتاء، ولكن تفاوت الطلب على الديزل بين الشتاء والصيف أقل من تفاوت الطلب على الزيت الخام بين الفصلين. ويسري نفس التحليل على زيت الوقود، وإن كان هناك انخفاض خلال الفترة الأخيرة في التفاوت بين استهلاك موسمي الصيف والشتاء بالنسبة لزيت الوقود. ويبدو أن النفط الخام والديزل وزيت الوقود يستخدمون في تلبية الطلب المتزايد على الوقود في قطاع الكهرباء وإنتاج المياه. وتظهر الرسوم البيانية تفاوتاً في معدلات الطلب الشهرية على البنزين يصل إلى 100 ألف برميل في اليوم، ولكن هذا التفاوت لا يبدو مرتبطاً بشهر معين في كل السنوات، ولهذا لا يظهر أن هناك تأثيرات موسمية في الطلب على البنزين، وقد يعود هذا التفاوت إلى تغيرات المخزون. وجرت العادة في كثير من الدول على أن الطلب على البنزين يزداد في فصل الصيف، وهي فترة إجازات وسفر وقطع مسافات أكثر بالسيارات. ولكن لا يبدو أن المملكة تشهد زيادات في الطلب على البنزين مرتبطة بالصيف، حيث قد ينخفض سكان المملكة في الصيف بسبب سفر الكثير من السكان السعوديين والأجانب إلى خارج المملكة لقضاء إجازاتهم. من ناحيةٍ أخرى، فلا يبدو أيضاً أن هناك تأثيرات موسمية واضحة بالنسبة للطلب على الكيروسين والغاز المسال، وإن كانت هناك زيادة في عدد من السنوات التي يرتفع فيها الطلب على الكيروسين في فصل الشتاء. وقد ترتبت على زيادة طلب النفط ومشتقاته في المملكة خلال فصل الصيف وتراجعه في فصل الشتاء آثار إيجابية حميدة ومرغوبة على إمدادات النفط العالمية. حيث يرتفع إجمالي الطلب العالمي على النفط عادة في فصل الشتاء. ويوفر تراجع استهلاك المملكة للنفط ومشتقاته طاقة إنتاجية إضافية للتصدير؛ مما يساعد في خفض الضغوط السعرية العالمية على النفط في فصل الشتاء. وترتفع عادةً صادرات المملكة من النفط الخام في الربعين الأول والأخير من العام، بينما ينخفض الطلب المحلي. من ناحيةٍ أخرى فإن جزءا كبيرا من زيادة الإنتاج في كثير من الأحيان يأتي لتلبية الزيادة الموسمية في الطلب المحلي. وقد ارتفع إنتاج المملكة اليومي في شهر يونيو 2015م إلى حوالي 10.6 مليون برميل وهو مستوى قياسي في العقود الأخيرة، ومع هذا فإن صادرات المملكة في هذا الشهر كانت أقل من صادرات شهر مارس 2015م بأكثر من نصف مليون برميل يومياً، على الرغم من أن إنتاج شهر مارس كان أقل من إنتاج شهر يونيو بحوالي 300 ألف برميل من الطاقة مؤشر قوي على استمرار النمو في القطاعات غير النفطية. ويضاف إلى التطورات الإيجابية في مستويات الإنفاق الحكومي والإنتاج النفطي المؤشرات النقدية الإيجابية، حيث تشير بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي إلى استمرار نمو عرض النقود خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2015م مع استمرار معدلات التضخم عند مستويات منخفضة، مما يوحي باستمرار معدلات النمو الاقتصادي الإيجابي في القطاع غير النفطي. كما تفيد بيانات المؤسسة باستمرار ارتفاع مستويات الائتمان المصرفي، ونمو مطلوبات المصارف من القطاع الخاص مما يدل على ثقة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني واستمرار النمو في أنشطته.