برحيل الأميرة نوف بنت عبدالعزيز، شقيقة الراحل الكبير ووالد الجميع عبدالله بن عبدالعزيز، يكبر غياب الكبار ويتسع، وينطفئ قنديل آخر من تلك القناديل النادرة التي سكنت وجداننا عقوداً بكرمها وعطائها وحنانها، تلك القناديل التي علّقت في خيال كلّ واحد منا ألف فكرة تشع منها الاصالة والمبادئ والقيم النادرة. غياب الأميرة الحكيمة موجع ليس فقط لأننا افتقدنا فيها رائحة والدنا عبدالله بن عبدالعزيز فقط، لكن الوجع الذي يحفره عميقاً غيابها يأتي بالذات في هذا الزمن الذي تندر فيه السنديانات الشامخات العتاق، رحيل الاميرة نوف لن يكون رحيلا عاديا والفراغ الذي سيتركه رحيلها لن يمتلئ بسهولة، رغم انني اثق بالأجيال القادمة الا ان الشخصيات الاستثنائية تترك فراغا واسعاً. رحم الله والدتها فهدة بنت العاصي بن كليب بن شريم الشمري التي توفيت مبكرا عام 1943م.. وكان كل أبنائها: الملك عبدالله والأميرة نوف والأميرة صيتة رحمهم الله صغارا. أمير وأميرتان يربون بعضهم بعضا كما كانت تقول الأميرة صيتة رحمها الله، الثلاثة يشبهون بعضهم بشكل ملفت وكأنهم توائم عز وأصالة، أخذوا عن بعضهم ملامح التربية الإنسانية البارزة والمتفردة في بيت (آل عبدالله) خادم الحرمين وحبيب المسلمين، الاشقاء الذين يتصدرون قمة هرم الشعبية المسؤولة، فالملكية عندهم هي ببساطة خيمة الشعب الذي يرفع عمادها الشعب بأمر الله عز وجل، والبساطة جواز مرورهم الملكي الى قلوب كل من يعرفهم او يلتقي بهم او حتى يسمع أخبارهم. في ذكري رحيل الكبار تمتزج في الذاكرة صور تلك الوجوه الباسمة التي عودتنا على ان تكون سببا من اسباب سعادتنا. من الطبيعي أن يأتي وقت يرحل فيه الكبار، تاركين خلفهم الكثير من الشجن في نفوس محبيهم، لكن حين ترحل الأميرة نوف، بعد رحيل الاميرة صيتة والملك عبد الله، نشعر بأننا نفقد الكثير من السعادة التي نحن بأمس الحاجة لها اليوم.. اللهم احفظ خادم الحرمين سلمان بن عبدالعزيز، سلمان الحزم والعزم والحسم، والهمة الصبر والسلوان على رحيل احبابه المؤلم، اللهم انصره بنصرك يا عظيم يا جبار. وأقول لشبيه عبدالله بن عبد العزيز الامير متعب بن عبدالله، يا شبيه ابيك حفظك الله، وطيَّبَ الله ثرى فقيدتنا بعفوه وفتحَ لها نوافذ جنته وعاملها بلطفه وكرمه وأنزلَ على قلبكَ الرضا والصبر وجبرَ مصابكَ الأليم.. وللأميرة سحاب بنت عبدالله قرينة سمو الشيخ خالد بن حمد ال خليفة التي نراقب بفخر بصماتها الواضحة في تنمية المرأة الخليجية، نقول من الصعب ان نعوضك يا صاحبة السمو عن رحيل الكبار، لكن كل نساء البحرين الاصيلات الوفيات يترحمن على فقيدتنا ويشاطرنك الحزن والأسى.. خاطرة.. عبدالله، نوف، صيتة... رحيلكم كان استثنائيا كما كان عطاؤكم، رحيلكم في وقت كنا في أمس الحاجة لوجوهكم الباسمة المستبشرة، لتخفف عنا قسوة الواقع، حيث يحاصرنا العنف من اربع جهات، هذا العنف الذي لا يمكن ان نتجاوزه بلا الحنان الذي غرسه الله في نفوسكم الكريمة.