بحسب مبادئ فلسفة "وو شينق" أو العناصر الخمسة فإن العالم مكون من عناصر الماء والخشب والمعدن والتراب والنار. وكل منها يرمز أو يرتبط بشكل هندسي وأرقام معينة ولون وحيوان سماوي (أسطوري) وفصل من فصول السنة، مع تقسيم فصل الصيف إلى قسمين لتكون خمسة فصول. فعنصر التراب أو الأرض يرمز له باللون الأصفر والشكل المربع والوسط والتنين ويرتبط بآخر فصل الصيف. وهو يمثل الإمبراطور. وتستخدم هذه الفلسفة لتفسير التغيرات الكونية، وكانت تعتبر نظرية علمية مبنية على دراسة السنن الطبيعية. بينما تعبر فلسفة "يين يانغ" أو البياض والسواد، عن التكامل بين الأضداد في الحياة. وأن المثنوية هي طبيعة الحياة التي تتوازن بها، بين السلبية والإيجابية، والرجل والمرأة، وغيرها من الصور. وهي أقدم من الفلسفات والديانات الداوية والكونفوشية وغيرها وكان لها تأثير كبير عليها في الصين وغيرها من الحضارات في شرق آسيا. أما فلسفة "فنق شوي" أو تعاليم الهواء والماء فهي مبنية على اعتقاد أن الجمادات تحتوي طاقة "تشي" التي هي مادة العالم، وترتبط كذلك بالكثير من الأساطير والخرافات. وطاقة تشي، كما يزعمون، تمر بمراحل بين يين ويانغ، وبحسب أوقات اليوم والفصول المختلفة. لكنها عملياً تعطي جمالاً للمباني الصينية وبالذات الحدائق، التي يحرص مصمموها أن تجمع جميع عناصر العالم الخارجي وكلها ترمز إلى معنى، فالماء يرمز إلى الثروة والشجر يرمز إلى العائلة والعمر الطويل، أما الحجارة فترمز إلى القوة ويحرص على اقتناء الأحجار الكبيرة المتعرضة لعوامل التعرية لتمنحها أشكالاً طبيعية جميلة ومتميزة. وتستخدم فيها الأبواب والنوافذ المتعددة الأشكال لتكون براويز للمناظر الجمالية خلفها فتقوم مقام اللوحات الفنية. وما زالت هذه الفلسفة تؤثر على طريقة البناء في الصين، فمبادئ الفنق شوي تدرس في كليات العمارة الصينية، وشاهدت العديد من ناطحات السحاب في شانغهاي المبنية بالقرب من الماء على ارتفاع تكاليف بنائها حرصاً على اتباعها! كان لهذه الفلسفات أهمية كبيرة في العهد الإمبراطوري، حيث وحدت تحت نظرية جامعة باسم "الصدى الكوني" (Cosmic Resonance)، واستخدمها الإمبراطور الأول (وهو موضوع مقال قادم بإذن الله) لتأكيد أحقيته بالحكم. واستخدم العديد من الرموز في بناء دولته التي كانت تمثل عنده الكون بأكمله، فكانت عاصمته ترمز لنجم الشمال، والنهر الأصفر يرمز عنده لمجرة درب التبانة. وهي كذلك أساس بناء الكثير من القصور والمعابد قديماً في الصين، فالمدينة المحرمة على سبيل المثال بنيت على شكل مربع في وسط مدينة بكين لترمز إلى الأرض وهي وسط العالم. وفي شمالها تلة مصنوعة من التراب الذي حفر لإقامة الخندق المائي حولها، مما يكمل عناصر فنق شوي. وباستثناء الحديقة الجميلة بداخلها فهي خالية من الزراعة لإضفاء المزيد من الهيبة عليها، أما الحديقة فهي مبنية على الطراز الصيني ومليئة بالأشجار الجميلة التي تم المحافظة عليها وتصنيفها ووضع لوحات عليها بحسب عمرها حيث ترمز اللوحة الحمراء إلى أن عمر الشجرة يزيد على 300 عام. وهي مبنية بتفاصيل مذهلة فكل الأسقف منقوشة بشكل دقيق، ومصممة بإعطاء اهتمام كبير لمضاعفات رقمي 3 و9 حسب قوانين وو شينق لتجلب الحظ. ولمدخلها الجنوبي (وهو المدخل الرئيسي) ثلاثة أبواب، الأوسط وهو مخصص للإمبراطور والأيمن للعائلة المالكة والأيسر لكبار المسؤولين. أما البقية فيدخلون من أبواب خلفية وجانبية. وأسقف المباني كلها مصبوغة باللون الأصفر الذي يرمز للإمبراطور، الذي يحكم من وسطها فوق عرش التنين، ليرمز إلى حكمه للكون!