الحضارة الصينية مليئة بالرموز، بدءاً من طريقة الكتابة الصورية، فالكتابة الصينية التقليدية غير مرتبطة بالنطق. وهو الأمر الذي سهل استخدامها لعدد من اللغات الصينية المنطوقة المختلفة في قواعدها. بل تعدت الكتابة الصينية حدود الصين لتستخدم في دول وحضارات أخرى مثل اليابان وكوريا وفيتنام، وإن كانت جميعها طورت طرق كتابة أخرى خاصة بها وبعضها يعتمد على النطق. وكتابة الكلمات بالصينية يكون أحياناً برموز بسيطة وأحياناً بأشكال مركبة من عدد من الرموز. وعلى سبيل المثال يرمز المربع إلى الفم، لكن إذا كان في وسطه خط عامودي فهو يرمز إلى الوسط. وثلاثة خطوط أفقية متوازية تعني رقم ثلاثة، لكن إذا تخللها خط أفقي فهي تعني الملك، وهو يرمز إلى أن الملك يصل بين السماء والأرض والشعب، وإذا أضيف إلى رمز الملك شكل يشبه الفاصلة ليعني حجر الجيد أو الشيب، والذي له دور مركزي في الثقافة الصينية. وإذا ما أضيف مربع حول كلمة الجيد فهو يعني مملكة. وهاتان الكلمتان «المملكة الوسطى» هما المستخدمتان لكتابة اسم الصين إلى اليوم. لا يقتصر استعمال الرموز في الحضارة الصينية على الكتابة بل حتى في أسلوب التخاطب، ومن الأمثلة الطريفة على ذلك التعبير عن رأي الشخص بشيء ما بأنه متوسط الجودة بعبارة «ما ما هو هو». التي تترجم حرفياً ب «حصان حصان نمر نمر» لتعني أن جودة الشيء هي بين الحصان والنمر، والنمر في الثقافة الصينية ثاني أفضل حيوان بعد التنين بينما يعتبر الحصان من الحيوانات العادية! ويرمز الخفاش إلى الحظ السعيد ويتفاءل الصينيون به، وهو الأمر الذي قد يثير الاستغراب لأول وهلة، لكنه يفترس القوارض وبذلك ينقذ المحاصيل الزراعية من التلف؛ وكذلك يرمز خضار الملفوف للحظ السعيد لتشابه نطق الكلمتين. والكثير من الأحجار ترمز لمعان كذلك، منها حجر الجيد واسمه في اللغة الصينية يو وهو نفس الاسم للسعادة. وأفضل أنواع الجيد هو الأخضر لكن ألوانه تتنوع بشكل كبير وهو حجر شبه كريم، فهو ليس بتلك الندرة. ويحب التجار الصينيون اقتناء تمثال البيشو المصنوع من حجر الجيد، لكونه يرمز إلى جمع المال وهو عبارة عن تنين صغير بطنه كبيرة لترمز إلى أنه يأكل ولا يخرج أي فضلات من بطنه، وحسب قوانين الفنق شوي (والتي سوف أتطرق للمزيد عنها في المقال القادم بإذن الله) يجب أن يكون فمه باتجاه الباب ليحتفظ بالمال داخل البيت أو المكتب وليس العكس! يستخدم التقويم الصيني التقليدي العديد من الرموز، فهو يمثل دورات من 12 سنة أو ما يسمى بالأبراج الصينية. وكل سنة تسمى باسم حيوان، وهي الجرذ والثور والنمر والأرنب والتنين والأفعى والحصان والعنز والقرد والديك والكلب والخنزير. وتستخدم هذه الدورات بالإضافة إلى الخمسة عناصر وهي الماء والخشب والمعدن والتراب والنار، لتشكل دورة من 60 سنة. وعن طريق معرفة الحيوان والعنصر لكل سنة، يصبح من السهل حساب الأعمار والتواريخ. تروى كذلك العديد من الأساطير والقصص الرمزية في الحضارة الصينية، منها على سبيل المثال قصة البحيرة الغربية في مدينة هانق جو، وهي التي تنتشر عنها مقولة أنها إحدى جنتين على الأرض. وهي أنها كانت لؤلؤة يتنازعها التنين والعنقاء في السماء، إلى أن سقطت منهم على الأرض وتحولت إلى البحيرة الجميلة، فتحول التنين والعنقاء إلى جبلين بجانبها لحراستها!