قبل ثمانين عاما نشأ في اليابان علم الماكروبيوتك, على يد- الدكتور الياباني ايشيزوكا الذي دعا الى العودة للغذاء الطبيعي التقليدي كعلاج امثل للامراض ضمن نظام غذائي متوازن.. ثم انتشر هذا العلم في بداية الخمسينات بامريكا انتشارا كبيرا واصبحت له مراكز ومعاهد ومصحات متخصصة, ومازال الماكروبيوتك يخطى بشعبية واسعة من عدد لا يستهان به من الشعب الامريكي, خاصة بعد ان اثبت قدرته على علاج كثير من الامراض الخطيرة كالسرطان والقلب. اما في وطننا العربي فتعتبر الدكتورة مريم نور هي رائدة هذا العلم (الماكروبيوتك) ولعل مركز (بيت النور) الذي انشأته بلبنان هو ثمرة جهودها بهذا المجال. ومازالت مريم نور تواجه مشاقا ومصاعب عديدة في رحلة السعي لنشر الثقافة الغذائية بين ابناء الامة العربية, فكما ان هناك العديد من مؤيديها, فاننا وبالمقابل نجد عددا لا يستهان به ممن يرفضون فلسفتها لكونها تعتمد على افكار يصعب اعتناقها بسهولة, ومن هذه الافكار ان الجسم هو السكن وهو بيت النور وان الانسان يعتمد على ما هو حوله من ماء وهواء وشمس وأرض (تراب) ونار, وان هذه العناصر الخمسة ترتبط بنا ضمن فلسفة (عمتنا النخلة وامنا الارض) وهما رمز الطاقة المعروفة بالانثى والذكر (الين yin واليانج yang) الذي تقوم فكرته على ان كل ما يدور حولنا متضادات متوافقة فيما بينها ومكملة بعضها البعض ومنسجمة مع بعضها كالليل والنهار والارض والسماء والصيف والشتاء والحر والبرد واعتبروا ان النبات هو الين وان الحيوان هو اليانج اما الالوان فقسمت الى حارة (اليانج) وباردة (الين). وان اللحوم (يانج) والسكر (ين). بينما تقع الحبوب والغلال في منطقة محايدة بين الين واليانج. ولذلك فقط اعتبروا أن الغذاء المتوازن هو الذي يتكونمن حبوب خضار وبقوليات وحساء واعشاب البحر بنسب محددة. أما الاغذية الحيوانية فهي غير مرغوبة.. وتروي لنا مريم نور قصة عجيبة مفادها ان القرية التي ينتمي اليها الدكتور إيشيزوكا, تعتبر القرية الوحيدة التي لم يمت احد من سكانها ولم تتأثر بيوتها عندما فجرت امريكا القنبلة الذرية على نكازاكي.. وفسر د. ايشيزوكا ذلك بسبب اعتمادهم في القرية على نظام حياة يتناغم مع الطبيعة فالقنبلة الذرية - حسب قوله - مواد انثى وسكان القرية مشبعون بالطاقة الذكر تبعا لنظامهم الغذائي المتبع, ولذلك فان السموم التي تساقطت عليهم من القنبلة الذرية لم تصب اجسامهم بأذى. ترى ما مدى صحة هذه الرواية وغيرها من الروايات التي تعتمد عليها فلسفة الماكروبيوتك. انها فلسفة غاية في التعقيد.. ولا أزيد.