حين نشعر بالضعف والعجز نعتقد أنه لا شيء لدينا نقدمه للعالم، وأن حياتنا ستكون حزينة وبائسة، لكن هيلين كيلر أثبتت العكس تماما، فهي أحد الأشخاص الذين أثبتوا للعالم وللبشرية جمعاء أنه لدى الإنسان قوة عظيمة لا تهزم، متى ما آمن بربه ووثق به ثم بنفسه وقدراته التي قد تكون تتحدى حدود الإمكانيات وتكسر قيود المستحيلات.. هيلين كيلر كانت عمياء وصماء وبكماء نتيجة لمرض أصابها في الصغر يسمى التهاب السحايا او الحمى القرمزية، لكن هذا لم يمنعها ان تثبت وجودها وتعيش بسعادة مثل الأشخاص الأصحاء وربما أكثر، ولعل من أهم الأسباب التي جعلتها بهذه القوة وجود معلمتها آن سوليفان في حياتها، فوجودها بجانبها جعلها تجد نفسها وتحقق الكثير، وإن بدا مستحيلاً تعلمت هيلين لغة برايل الخاصة بالمكفوفين ولم تستطع القراءة بالإنجليزية فقط، لكن أيضاً بالألمانية واللاتينية والفرنسية واليونانية.. حصلت على البكالوريوس في العلوم والفلسفة وبعد تخرجها عزمت على تكريس جهودها لمساعدة المكفوفين من خلال إلقاء المحاضرات والخطب، بالرغم أنها كانت تواجه صعوبة في النطق، إلا أنها استطاعت فعل ذلك وبامتياز، وفي أوقات فراغها كانت تخيط وتطرز وتقرأ كثيراً واتقنت الكتابة ايضاً، وتمكنت من الغوص والسباحة ونشرت حوالي ثمانية عشر كتاباً من أشهرها أضواء في ظلامي وقصة حياتي، ومن أشهر مقولاتها: (عندما باب للسعادة يغلق يفتح آخر، لكن في كثير من الأحيان ننظر طويلاً للأبواب المغلقة بحيث لا نرى الأبواب التي فتحت لنا). فالسعادة بالموجود وليست بالمفقود، وعلى الرغم من كل ما كانت تعانيه إلا أنها استطاعت ان تعيش بسعادة.. وفي حقيقة الأمر إن مصدر السعادة نابع من الروح والقلب وقوة الإيمان بالله والثقة بأنه يرعانا ويقف بجانبنا أمام الأزمات، فالله لم يجعل الإنسان خير مخلوقاته عبثاً، بل لأنه منحه القدرة على فعل المعجزات بإذنه، لذلك إذا كان لدينا طموح وحلم يجب أن لا نستسلم امام العراقيل التي امامنا، ونمضي قدماً في حياتنا وندرك أن من الألم يولد الأمل، ولا بد ان نرى القوة الكامنة التي بداخلنا التي لا يستطيع احد هزيمتها ما دام الله معنا، لذلك لا تقل ابداً (مستحيل) والطريق امامي (طويل)، ولنتذكر دوماً ان ننظر للأعلى ونواصل المسير وكأننا نحلق في سماء قدراتنا، فكما تقول هيلين كيلر إنه لا يجب أن نزحف عندما نشعر بشيء يدفعنا للطيران.