لعل معرفة الناس قليلة عن الفنون الصينية برغم اقتناء أغلبهم للتحف والخزف الصيني المعروفين بجودتهم المصنوعة من الطينة البيضاء والمطلية بالمزججات، حتى أتاح في وقت قريب بحوث واتصال المفكرين بالصين لأن يصلوا إلى حقائق كثيرة عن حضارتها وثقافتها وفنونها. كما ثبت أن ثقافة الصين عريقة وقد بدأت منذ العهد الحجري، وأن الخزف الراقي ظهر خلاله في منطقة " هونان"، واسم الصين مشتق من كلمة " تيان هوا" وتعنى ما تحت السماء أو " زهاي" أي ما بين البحار الأربعة، أو الدولة الوسطى الزاهرة وهي الدولة الأولى وتعود سلالتها إلى إنسان بكين " جونج- هوا- جوو" . قد نعرف عن أغلب الفنون التي ظهرت في هذا الجزء من العالم أن معظمها مبني على الأساطير، كما تمضي بنا الأساطير الصينية لتروي أخبار الأزمان السحيقة متوسلة بالخيال الذي لا حد لخصوبته ونلمس انعكاسه على شتى أنواع الفنون الصينية من فنون تشكيلية أو مسرح أو موسيقى أو الكتابة فتعزو على سبيل المثال أحد هذه الأساطير إلى حكيم أسمه "فوشى" الذي علم الناس الكتابة والموسيقى والرسم وعاونته على هذا زوجته التي كانت أيضا حكيمة وغيره من شخصيات أسطورية وأدبية فلسفية كالفيلسوف "كونفوشيوس" أو الذي سبقه " لو- دزه" الذي عاش في غضون القرن الثالث عشر الميلادي وله كتابان أوضح بهما نهج الحياة وقوانين تتعلق بمبادئ القانون والفضيلة كما تتبلور العديد من النظريات الفلسفية بعضها قد يفوق الخيال كتلك التي تشير إلى حجر الفيلسوف كونفوشيوس الذي يحيل المعادن الخسيسة إلى ذهب وأخرى تأملية أو عقائدية أثرت وتأثرت بها الفنون الصينية ومنها النزعة الفنية المعمارية الكونفوشيوسية وهي التى شيدت مباني من الخشب في البداية ومن ثم من الآجر "طين اللبن المحروق" أو الحجر ويستوقف النظر فيها تلك السقوف الحدباء. كما يبدأ تاريخ النحت في الصين منذ أزمان بعيدة ودلت الاكتشافات الحديثة على تماثيل من البرونز تعود إلى ثلاثين قرنا قبل التاريخ الميلادي كما دلت هذه الاكتشافات على براعة الصينيين في نحت أشكال الحيوانات أكثر من الإنسان ولعل أبرعهم على الإطلاق الخزافين فأجمل هذه الآثار التي اكتشفت كانت من إنتاج الخزفيين الذين كانو ومازالوا لهم مكانة مرموقة في تاريخ الفنون الصينية منذ عهد أسرة هان "206-220 ق.م." كما يعد التصوير "اللوحة الفنية" أسمى أنواع الفنون فالفنان الصينى هو أقرب الناس في نظرة العامة منهم إلى روح الحكمة وطبيعة التجريد فهو هذا الإنسان الذى تعد عينه هى الروح التى يرى بها العالم، فيكشف عن جوهره ويتصل عن طريقها بمعناه الروحي. وهو الذي يسعى إلى التعبير الشبه تجريدي عن جوهر الإنسان وفكره ومشاعره والطبيعة في الحياة باللون المنسجم والخط المتفجر والأشكال التي تدفق بالحياة كما أن للون دلالة في الرسومات الصينية فالأزرق يرمز إلى الفردوس الأعلى، والأخضر هو لون الأرض، والأبيض لون القمر، والأحمر هو رمز الشمس. والقارئ لتاريخ الصين يجد مدى عظمة وحرص حكامه من الإمبراطورين على الفنون وعلى رأسهم الإمبراطور " هوى – ذرادانج" الذي كان هو نفسه فنانا وحكمه ارتبط بأول متحف للفنون بالصين كما كان يمنح فنانين بلده أكثر العطف والتقدير كما إن من الآثار التي تعتز بها الصين ملف لهذا الإمبراطور بمتحف "بوسطن" يعرض عملية إعداد الحرير وهي الخامة التي تجهز للرسم عليها بالأسلوب الصيني. وتتبع الفنون الصينية مدرستان أساسيتان مدرسة في الشمال يبرز فنانيها موضوعات اجتماعية تتعلق مواضيعها بالنزعة الأخلاقية الجليلة أما الثانية كانت في الجنوب وتتسم بالشاعرية ولا تعترف بالواقعية ومن أبرز فنانيها الشاعر والرسام والموسيقي "وانج واى" وهو من الرسامين المعروفين بالصين واشتهر برسم لوحات وضع بجانبها أشعاره، كما أيضا يعد الفنان "وو- دو-دزه" من عظماء الفنانين القدامى والذي يعتبره الصينيون انه الفنان الخالد. والفنان الصيني عندما تشاهده يرسم تجد يده تتراقص بالقلم برفق ومودة في صبر وأناة ليبني بذلك صور جميلة تتحول في عين المتلقي إلى قطعة موسيقية بأشكالها التعبيرية الخالية من التكوين المادي. يعد الفنان الصيني مخادعا في تكوين الصورة وينأى في تمثيل الأشياء بالتظليل لأن في نظره الأسس الأكاديمية الصارمة تحد من طلاقة التعبير الذي هو عرض روحي للانفعالات، واللوحة الصينية لا تجد إن العلم بهذه الأسس أحد وظائفها بل الانغماس بالوجدان الذي يتشكل في روح الفنان وتأملاته هو التعبير الأجمل والأقوى وصولا إلى المتلقي. واللوحات الصينية تحترم وتبرز شتى الكائنات الحية على وجه البسيطة والتي نشاهدها في لوحات اخلى بها الإنسان مكانه للأزهار والطيور التي تكمل سمة جماليات الطبيعة بسحرها وأسرارها. من هنا نستطيع أن نميز بين جميع الفنون العمل الفني الصيني الأصيل المستمد من حضارته ومعتقداته المختلفة على مر السنين. فقد استطاع هذا الفن مهما وصل من تطور أن يحتفظ بهويته وأن يقدم فنا قد يقلب موازيين النظرة الأكاديمية بثقل خياله ورهافة مشاعره وانجذاب الرؤية نحو تقدير هذا الفن الذي يعد في مضمونه "السهل الممتنع" بما يحتويه من أسرار في خامات فنية بيئية كالحرير والطين الأبيض وتوظيف هذه الخامات البيئية وتطويرها لاستخدامها في أعمال فنية تنتمي إلى ثقافة وحضارة نادرة لها خصائصها وطرازها المتميزة. عمل فني ل» نافسجوتو» تحفة لوسيلة اضاءة يعود تاريخها الى 172 قبل الميلاد عمل فني ل»جوجا كازي» عمل فني ل» هان» عمل فني ل» ونج سيمن»