لا يشعر بقيمة الأمن والأمان إلا من جرب ضدهما، الخوف وترويع المجتمع، ولا شك أن الخوف والترويع نكبة مابعدها نكبة، ولا يمكن لأي قوة في الكون ايقاف براكينهما اذا ثارت وتزلزلت أركانهما في بلد ما إلا بتحكيم العقل ونبذ الفرقة والتحزب، وجعل الوطن هو الهدف الأسمى الذي يلتف حوله الجميع في محاولة لخيره وبنائه وحفظ أمنه وأمانه كل في مكانه وكل حسب قدرته. الوطن ليس أنشودة دافئة يترنم بها المغترب عنه، وليس حقل قمح يأكله الجائع فيسد جوعه، وليس نهر ماء متدفق يجري بالخير والرخاء لكل من سكنه وأقام على أرضه، وليس هو أشياء كثيرة لا نحصي عدها تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، إنه أسمى من كل ما ذكر آنفا فهو كالآباء والأبناء نحبهم ليس لأنهم الأفضل، ولا الأجمل ولا الأنقى أو الأطيب، ولكن نحبه لأنه الوطن فقط، عمر بأكمله بكل ما فيه من خير وشر. ولا شيء يرهق الإنسان والأوطان كمثل الأوجاع المنبثقة من داخلهما كالأمراض النفسية للجسد والإرهاب لجسد الوطن والتي تنال من تماسكهم ووحدة بنائهما. قد تكون مقدمة شبه طويلة نوعا ما ولكني أجدها ضرورية ليفهم الجميع قيمة الأمن في الوطن وأن لا نركن ونصغي لأي صوت ناعق بكلام حق يراد به باطل ولا من يحاول جهده زعزعة أمن الوطن واستقراره وهدم أركانه التي لا يمكن لأن يكون وطنا إلا بها. وما حدث من تفجير متعمد مع سبق الإصرار والرصد في بيوت العبادة في المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج العربي لهو زلزال لا يمكن الصمت عنه ولا السكوت عليه وقد أوجع الوطن كثيرا بكافة أطيافه، فلا يمكن لعاقل أن ترتاح نفسه لمثل هذا الفعل الذي يكرهه ويبغضه الله ورسوله وكل عاقل سليم النفس ونقي السريرة ولكنه غول الإرهاب وما يحمله من خبث وحقد وكراهية لكل خير. الإرهاب شجرة خبيثة لا يمكن لأحد أن يسكن في ظلالها ولا أن يتفيأ سموها ولا أن ينمو وطن وجذورها الخبيثة تمتد خلاله تعيق تقدمه ونموه، الإرهاب نار تحرق كل جميل في نفس الوطن وصلبه وتهد قوته وترهق تماسكه وتغمسه في مرجل يغلي بالشر وما ينتج عنه من آلام تثير الحقد والشفقة، ولا تأتي بحلول يمكنها وقفه. على الجميع ألا يصدقوا أن الانفعالات التي نتيجتها الحرب والتفجير العشوائي وما ينتج عنها من وهم اشباع شهوة الحقد والانتقام قد تأتي بخير للوطن وانسانه ابدا. علينا جميعا بلا تحديد الوقوف سدا منيعا في وجه كل من يثير الدمار في صلب الوطن وقتل الأبرياء الذين لا ذنب لهم إلا أنهم جاءوا نتيجة حب لخالقهم ولوطنهم ولقيادتهم، وكفى بذلك شاهد عشق أزلي ممتد الروح.