كشفت إحصائية حديثة، أن صندوق الأوبك للتنمية «أوفيد»، ساهم بقوة في تمويل مشاريع خاصة بالطاقة نفذت في عدد من الدول العربية، بقيمة مالية بلغت أكثر من 1.2 بليون دولار، تنوعت بين مشاريع لتمويل استيراد النفط الخام والمنتجات البترولية، والطاقة التقليدية والمتجددة. وأوضح تقرير خاص حصلت عليه «اليوم»، من إعداد سمر خان باحثة الدكتوراة في أمن الطاقة، من خلال زيارتها الميدانية وتعاونها للعمل مع «أوفيد» في مقره بالعاصمة النمساوية فيينا، أن صندوق الأوبك للتنمية «أوفيد» منذ 2007 و حتى 2014 ساهم في تمويل عدة مشاريع في قطاع الطاقة في عدد من الدول العربية مثل مصر والسودان والأردن واليمن وتونس والمغرب وفلسطين وغيرها، من خلال عدة نوافذ للتمويل بأكثر من 1.2 بليون دولار، وهي كالتالي: 16 مشروعا للطاقة التقليدية و9 مشاريع للطاقة المتجددة و 16 عملية لتمويل استيراد النفط الخام والمنتجات البترولية لتلبية الطلب المحلي. وجميع المشاريع المتعلقة بمحاربة الفقر إلى مصادر الطاقة على الصعيد العالمي تأتي في إطار إستراتيجيات «أوفيد» لتفعيل المبادرة التي أطلقها الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - (الطاقة من أجل الفقراء) في أعقاب قمة أوبك الثالثة في الرياض. واستعرض التقرير بعض المشاريع التي دعمها «أوفيد» من خلال عدة نوافذ للتمويل في بعض الدول العربية، حيث بلغت قيمة العمليات التي قام بتمويلها للمغرب في قطاع الطاقة من جميع منافذ التمويل من 2008 إلى 2014 263 مليون دولار. بينما بلغت قيمة العمليات التي قام أوفيد بتمويلها لدولة تونس في قطاع الطاقة من جميع منافذ التمويل من 2008 إلى 2014: 92 مليونا و 500 ألف دولار، وقيمة العمليات التي قام أوفيد بتمويلها لليمن في قطاع الطاقة من جميع منافذ التمويل من 2008 إلى 2014: 20 مليونا و 700 ألف دولار. محطة توليد الطاقة في أسيوط تبلغ قيمة العمليات التي قام أوفيد بتمويلها لدولة مصر في قطاع الطاقة من جميع منافذ التمويل من 2008 إلى 2014، 570 مليون دولار، وحتى اليوم لا يزال قطاع الكهرباء في مصر يواجه تحديات عديدة نتيجة لوجود محطات طاقة متدنية الكفاءة، إضافة إلى زيادة الطلب على الكهرباء كون مصر من أكثر البلدان العربية سكاناً. ومن أجل التخفيف من وطأة هذه التحديات، وقع «أوفيد» اتفاقية قرض عن طريق القطاع العام تبلغ قيمته 55 مليون دولار للمشاركة في تمويل مشروع إنشاء محطة توليد كهرباء بخارية بقدرة 650 ميغاواط في محافظة أسيوط في مصر، وقد تم البدء في المشروع في شهر أكتوبر عام 2013 ويتوقع أن يتم البدء بتشغيل المحطة في عام 2020 وسيتم ربطها بالشبكة الوطنية. ووصف التقرير الذي أعدته سمر خان، أن المشروع سيساهم على تعزيز النمو الاقتصادي المستدام لمصر وبالتالي تحسين مستويات المعيشة لحوالي 3.5 مليون شخص من سكان منطقة أسيوط. الجدير بالذكر أن التعاون الوثيق بين «أوفيد» ومصر يعود إلى أكثر من 37 سنة، حيث قدم أوفيد ما يزيد عن 830 مليون دولار لدعم المشروعات الإنمائية في العديد من القطاعات منذ عام 1977 وحتى الآن. الطاقة المتجددة مستقلة عن المؤثرات الخارجية وأفرز تقرير باحثة الدكتوراة، أن قيمة العمليات التي قام «أوفيد» بتمويلها لفلسطين في قطاع الطاقة من خلال برنامج المنح بين عامي 2008 إلى 2014 بلغت مليونا و 200 ألف دولار. وبالرغم من أن قضيتي الأرض والجدار الفاصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين كانت ولا تزال من أكثر القضايا المعروفة سياسياً في العالم، إلا أن قضية توفر الطاقة تعتبر من أهم المشاكل حالياً، فدون وجود مصدر آمن للطاقة سيتعذر على الشعب الفلسطيني تحقيق مطامحه في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وكلتاهما متطلَّبٌ ضروري لإقامة دولة فلسطينية قادرة على البقاء. وتضامناً مع فلسطين بالنظر إلى خصوصية الوضع في الأراضي المحتلة، وللمساعدة في معالجة هذه الصعوبات، قام «أوفيد» بتمويل مئات المشاريع التي ساعدت العديد من الفلسطينيين على تحسين أوضاعهم المعيشية وتأمين فرص أفضل في العمل والتعليم لأبنائهم. ويتجاوز عدد منح أوفيد لفلسطين منذ إنشاء برنامج المنح حتى اليوم 530 منحة، تتجاوز قيمتها 143 مليون دولار، وتجدر الإشارة إلى أنه ثمة علاقة وثيقة بين «أوفيد» وفلسطين منذ عام 1979، وقد تعزز هذا التعاون أكثر من ذي قبل عندما تم إنشاء برنامج المنح المخصص حصراً لفلسطين في عام 2002. تركز المشاريع المتعلقة بالحد من الفقر إلى مصادر الطاقة في فلسطين على وجه العموم على تقنيات الطاقة المتجددة، ويرجع سبب ذلك إلى الخصوصية التي يتسم بها الواقع الاقتصادي والاجتماعي في فلسطين وإلى وضع البنية التحتية، وكلاهما نتيجة مباشرة لما يفرضه الاحتلال الاسرائيلي من معوقات في قطاع الانشاءات واستيراد المعدات الخاصة بتوليد الطاقة. يضاف إلى ذلك عدم موثوقية إمدادات الوقود الضرورية لتشغيل الشبكات الكهربائية ولاسيما في قطاع غزة، وهو ما يؤدي إلى انقطاعات يومية طويلة للتيار الكهربائي على الرغم من كون معظم المناطق متصلة بالشبكة الكهربائية. ولذلك فإن التوجه العام فيما يتعلق بمشاريع الطاقة في فلسطين ينحو إلى الطاقة المتجددة وبخاصة الطاقة الشمسية، وذلك لجعل أنظمة توليد الطاقة مستقلة بقدر الإمكان عن المؤثرات والمحددات الخارجية، ولرفع درجة الموثوقية ولاسيما في المؤسسات الحيوية كالمستشفيات والمدارس ومرافق ضخ المياه. وإن كان ذلك لم يعفِ بعض هذه المشاريع من التدمير والتخريب الاسرائيلي كما حدث في صيف عام 2014 أثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إذ لحقت أضرار جسيمة بأحد مرافق توليد الطاقة التي كان أوفيد قد قام بتمويل إنشائها، على أنّ أوفيد أقرَ في أعقاب ذلك منحة تكميلية لاستعادة القدرة التشغيلية الكاملة للمشروع. توليد الكهرباء بالألواح الشمسية في غزة ويعتبر مشروع توفير نُظم لتوليد الطاقة المتجددة من أجل معالجة نقص الكهرباء وخفض التكاليف التشغيلية لمستشفى القديس يوسف في القدسالشرقية، أحد المرافق الصحية الرئيسة في القدس، ويخدم أيضاً المرضى الذين تتم إحالتهم من مناطق أخرى في الضفة الغربية ومن قطاع غزة. ونفَّذ هذا المشروع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، ودعمه أوفيد بمنحة قدرها 500,000 دولار أمريكي. سيعمل مكون اخر من المشروع على الحد من استهلاك الطاقة الكهربائية والنفقات عن طريق تحسين كفاءة الطاقة واستبدال أنظمة الإضاءة وتطويرها. ومن المشاريع في فلسطين أيضا، مشروع توليد الطاقة المتجددة بواسطة الألواح الشمسية في عدد من المؤسسات التعليمية والصحية ومرافق ضخ المياه في قطاع غزة، حيث يسعى هذا المشروع إلى إيجاد حلول لمشكلات الطاقة، ولا سيما الطاقة الكهربائية في قطاع غزة عن طريق استخدام الألواح الشمسية في المؤسسات العامة التعليمية والصحية والمتعلقة بخدمات المياه في قطاع غزة، حيث بلغت قيمة هذه المنحة حوالي 580 ألف دولار. محطة صقر معان للطاقة الشمسية وأفصح التقرير، أن قيمة العمليات التي قام أوفيد بتمويلها للأردن في قطاع الطاقة من جميع منافذ التمويل من 2008 إلى 2014 بلغت 140 مليون دولار، ومنها محطة الطاقة الشمسية (جوردان سولار وَن)، ومحطة صقر معان للطاقة الشمسية. وتعتبر الطاقة المتجددة خياراً مناسباً للأردن نظراً لتوفر الرياح والشمس وافتقاره إلى موارد الطاقة التقليدية، حيث يبلغ عدد سكان الأردن حوالي ستة ملايين نسمة، وتبلغ نسبة الزيادة السنوية للسكان حوالي 8 بالمائة مما يستدعي زيادة الطاقة الكهربائية للبلاد مستقبلاً. ولمواجهة هذا النوع من التحديات وافقت الحكومة على استثمارات كبيرة في القطاع الخاص: وسيتم إنشاء هذا مشروع (جوردان سولار ون) في منطقة المفرق، وسيعمل المشروع على توليد حوالي 10 ميغا واط، كما سيتم إنشاء مشروع صقر معان في محافظة معان، التي تعاني من مشاكل في ارتفاع معدلات البطالة والفقر. ويهدف المشروعان إلى زيادة نسبة الطاقة المستمدة من الطاقة المتجددة من 1% في 2007 إلى 10% بحلول عام 2020. محطة للطاقة الكهرومائية بالسودان وتبلغ قيمة العمليات التي قام «أوفيد» بتمويلها للسودان في قطاع الطاقة من جميع منافذ التمويل من 2008 إلى 2014، 30 مليونا و 400 ألف دولار. وتمتاز أراضي السودان بوفرة مصادر المياه، أنعم الله عليها بالأنهار والوديان وبروافد مائية موسمية ودائمة، أهمها نهر النيل. ودعم «أوفيد» مشروع سد اعالي عطبرة عن طريق بناء محطة للطاقة الكهرومائية. إضافة إلى ذلك ساهم أوفيد في التقليل من استخدام الوقود التقليدي (الحطب) واستبداله بوقود أكثر كفاءة للتخفيف من الأضرار الصحية والبيئية الناتجة من حرق الوقود التقليدي، وذلك عن طريق تقديم منحة لتصنيع مواقد للطبخ ذات كفاءة عالية تعمل بغاز البترول المسال، وبلغت قيمة مساهمة أوفيد 400 ألف دولار. وفي نهاية التقرير، قالت باحثة الدكتوراة في أمن الطاقة سمر خان: «أخيراً... على الرغم من كل المشاكل السياسية التي يمر بها العالم العربي في الوقت الحالي، إلا أن مشكلة الطاقة وتوفرها تظل من أهم التحديات الإنمائية التي تواجه العديد من الدول العربية، فحتى اليوم لا يزال هناك أكثر من 50 مليون مواطن عربي يعانون من نقص الكهرباء أو انعدامها تماماً. لذلك كان ل «أوفيد» دور فعَال في مساعدة العديد من هذه الدول على تحقيق أهداف التنمية المستدامة وإنجاز التقدم الاجتماعي والاقتصادي لها. سليمان الحربش خلال توقيع اتفاقية لتمويل المغرب بأحد مشاريع الطاقة. إنتاج الطاقة بالرياح من المشاريع التي تلائم بعض الدول العربية. كثير من الدول تستفيد من مشاريع الطاقة الكهرومائية.