تصاعدت أزمة مسلمي بورما في الفترة الأخيرة بسبب الصمت الدولي عن الجرائم الإنسانية التي ترتكب ضدهم من قبل السلطات في ذلك البلد الذي يغلب على عقائد أهله البوذية، وقد وجد المسلمون تضييقا وعسفا رهيبا ومتواصلا حصد أرواحهم وأحرق زرعهم ومسكنهم وشردهم داخل وطنهم والى الدول المجاورة. ويشكل المسلمون في بورما نسبة 20 بالمائة من نحو 50 مليونا هم إجمالي السكان، ونصف المسلمين يقطنون إقليم أراكان ذي الأغلبية المسلمة حيث تصل نسبة المسلمين فيه إلى أكثر من 75 بالمائة والباقون من البوذيين الماغ وطوائف أخرى. وقد تعرضت أراكان في عام 1784م لاحتلال الملك البوذي البورمي (بوداباي)، وضم الإقليم إلى بورما خوفًا من انتشار الإسلام في المنطقة، وعاثَ في الأرض الفساد، حيث دمَّر كثيرًا من الآثار الإسلامية من مساجد ومدارس، وقتل العلماء والدعاة، واستمرَّ البوذيون البورميون في اضطهاد المسلمين ونهب خيراتهم وتشجيع البوذيين «الماغ» على ذلك خلال فترة احتلالهم 40 سنة، لتستمر المذابح إلى يومنا هذا، تحت صمت دولي واحتجاج سلبي من العرب والمسلمين بدول العالم. وتشير وقائع القهر الذي يتعرض له مسلمو بورما الى إحراق قرى بأكملها أو تدميرها فوق رؤوس أهلها، بل لاحقوا حتى الذين تمكنوا من الهرب في الغابات أو إلى الشواطئ للهروب عبر البحر، وقتلوا العديد منهم، وكانوا يدفنون الضحايا في طين البحر. ويصف الناشط الأركاني محمد نور الله حبيب الأوضاع المأساوية لمسلمي بورما بقوله «حالة من الذعر تدب في أرجاء القرى المسلمة بعد تكرر عمليات الاعتقال الواسعة ووجود عدد معتبر من الجثث على ضفاف نهر (ناف) قتلت بآلات حادة وقد تم التعرف على بعض القتلى جرى اعتقالهم من قبل السلطات البورمية في وقت سابق». وكشف أنه تم وضع أسلاك شائكة على مداخل بعض القرى بينما تم ترك جهة النهر مفتوحة، في محاولة لدفع المسلمين إلى عبور البحر باتجاه بنغلاديش. وقال الناشط البورمي محمد نصر: «إن مسلمي إقليم أراكان في دولة بورما، يتعرضون حاليًا لأبشع حملة إبادة من قبل جماعة «الماغ» البوذية المتطرفة» مشيرًا إلى أن عدد القتلى لا يمكن إحصاؤه. وأضاف نصر أن الجماعات الراديكالية البوذية المناصرة ل «الماغ» تنتشر في أماكن وجود المسلمين في بورما بعد إعلان بعض الكهنة البوذيين الحرب المقدسة ضد المسلمين. من جهتها، أعلنت الأممالمتحدة ومنظمة أطباء بلا حدود أن عشرة من موظفيهما اعتقلوا في غرب بورما، حيث يبقى التوتر حادًّا بعد أعمال العنف الدامية ضد المسلمين. ودعا الاتحاد العالمي للمسلمين المجتمع الدولي للتحرك من أجل إيقاف الجرائم البوذية ضد الأقلية المسلمة، وقال في بيان له: «نتابع ما يتعرض له المسلمون في إقليم أراكان المسلم في بورما للقتل والتشريد والاضطهاد منذ فترة طويلة بالإضافة إلى تهجيرهم وتدمير منازلهم وممتلكاتهم ومساجدهم، على يد الجماعة البوذية الدينية المتطرفة، ومع الأسف الشديد تقف الحكومة البوذية موقف المتفرج من المذابح البشعة التي تتصاعد يومًا تلو الآخر تجاه الأقليات المسلمة في البلاد حيث لا يمكن إحصاء عدد القتلى في الهجمات التي تعتبر الأشد في تاريخ استهداف المسلمين في بورما». وأضاف: «لقد حان الوقت للقوى الغربية التي تهتم بالديمقراطية في «بورما» أن تتذكر المأساة التي يعيشها آلاف المسلمين هناك، والمتمركزين في ولاية «راخين»؛ فقد أصبح هؤلاء المسلمون ضحية التوترات العرقية التي أودت بحياة آلاف المسلمين».