سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تراجع أسعار النفط وطلبات الغاز الأوروبي ينذران بكارثة اقتصادية روسية افتقاد موسكو تكنولوجيا استكشاف النفط واستخراجه والعقوبات الأوروبية يدقان ناقوس الخطر
مع تواصل انخفاض أسعار النفط عالمياً أصبح الدب الروسي بصدد مواجهة ازمة اقتصادية حقيقية وشيكة، حيث أشار تقرير نشرته «التليجراف» البريطانية إلى أن إنتاج شركة «غازبروم» الروسية تراجع بنسبة 19% في العام الماضي، مع هبوط الطلب الأوروبي على الغاز الروسي لمستويات متدنية لم تشهدها البلاد منذ نشأة الشركة. تآكل القاعدة الاقتصادية وحذر «سبير بنك» عبر تقرير حديث له من أن إيرادات «غازبروم» من المتوقع أن تنخفض خلال العام الجاري لنحو الثلث، لتصل إلى 106 مليارات دولار أمريكي مقابل 146 مليار دولار في عام 2014، ما سينتج عنه تآكل خطير في القاعدة الاقتصادية الروسية. وتقوم «غازبروم» وحدها بانتاج ما يوازي 10% من الناتج المحلي الإجمالي في روسيا، وحوالي خُمس إيرادات الموازنة العامة للبلاد، في حين تحتاج موسكو لعدة سنوات من أجل الاستفادة من صفقتها الجديدة مع الصين. وأكد خبراء ان روسيا تعاني بالفعل من أزمة اقتصادية كبيرة، حيث انكمش الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنحو 4.9% العام الماضي، مع اتجاه الاقتصاد لمزيد من المعاناة مع استمرار تراجع أسعار النفط بعد موجة قصيرة من التعافي. وأشار التقرير إلى أن نصف عائدات الضرائب في روسيا يكمن مصدرها في النفط والغاز الطبيعي، وسجل معدل التضخم الأساسي في روسيا حوالي 16.7%، كما تراجع الدخل الحقيقي بنحو 8.4% في العام الماضي، وهو ما يعتبر خفضًا كبيرًا لمستوى معيشة المواطنين مقارنة بما تعرض له إبان الأزمة المالية العالمية في 2008. العقوبات الغربية ويرى التقرير أنه لا مجال مرتقبا للتعافي الاقتصادي في روسيا مع استمرار العقوبات الغربية الموقعة على موسكو، والتأثير السلبي للنفط الصخري الأمريكي على أي احتمالات ممكنة لتعافي أسعار النفط العالمية. ويقول «ديمتري بيتروف» من شركة «نومورا» إن الأثر السلبي للأزمة ظهر جليًا في الربع الثاني من العام الحالي، حيث تضررت الصناعات الخفيفة وقطاع التصنيع بشكل عام في البلاد. في حين يرى «لبموير ميتوف» من «يونيكريديت» أن روسيا سوف تشهد صعوبات مالية كبيرة بحلول عام 2017، مشيرًا إلى أنه مع نهاية العام المقبل سوف تنتهي الأموال المتوافرة حاليًا في صندوق احتياطات النفط، كما سيكون هناك عجز ضخم في صندوق التقاعد في البلاد. وتعاني روسيا حاليًا من وجود عجز في الموازنة العامة بنسبة 3.7% من الناتج المحلي الإجمالي، كما أنه بدون ولوجها أسواق رأس المال لا يمكن لروسيا مواجهة أي عجز على الإطلاق. وحذر تقرير صادر عن المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو من أن ربع الولايات الروسية ال 83 تشهد عجزا واضحا في الوفاء بالتزاماتها، كما أنها تعاني من التعامل مع زيادة الرواتب، وتكاليف الرعاية الاجتماعية التي فرضها عليها الرئيس الروسي «فيلاديمير بوتين» قبل انتخابه في عام 2012. وتواجه الشركات الروسية ضرورة إعادة تمويل نحو 86 مليار دولار من الديون بالعملات الأجنبية في النصف الثاني من العام الحالي، وهو الأمر الذي يمثل صعوبة بالغة مع استمرار استبعاد البلاد من دخول أسواق رأس المال العالمية، وهو ما يجبرها على الاعتماد على التمويل من البنك المركزي الروسي. استمرار الفجوة المالية ويمكن للسلطات الروسية أن تغطي جزءًا من ديون الشركات من خلال الفائض في الحساب الجاري للبلاد، إلا أن هذا لا يمنع حقيقة استمرار وجود فجوة مالية تتراوح قيمتها بين 10 إلى 15 مليار دولار في الربع المالي الواحد، وهو ما يعني استنزافا بطيئا للاحتياطات الأجنبية لدى البنك المركزي. وتهاوى الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى روسيا من 524 مليار دولار أمريكي إلى 361 مليار دولار منذ بداية الأزمة الأوكرانية في نهاية عام 2014، في حين تشير تقارير إلى أن الاحتياطي يبلغ 340 مليار دولار فحسب في حال استثناء الالتزامات الأخرى. وتمكنت الشركات والبنوك الروسية من خفض ديونها بالعملات الأجنبية الصعبة بنحو 170 مليار دولار في تخفيض جذري للديون خلال عام ونصف مضى، وبينما يعتبر هذا الأمر تقليصًا لعبء الدين الدولاري، لكنه يأتي على حساب الاقتصاد الإنتاجي الروسي على المدى البعيد. افتقاد العناصر التكنولوجية ويعتقد «ميتوف» أن روسيا لن تتمكن من تجاوز الأزمة الحالية، مع عدم وجود استثمارات جديدة في عمليات جديدة لإنتاج النفط، باستثناء غرب «سيبيريا»، مشيرًا إلى أن موسكو ما زالت تعتمد على الآبار السوفيتية القديمة، وارتفاع معدل نضوب الحقول التقليدية العاملة في غرب «سيبريا» إلى ما يتراوح بين 8 إلى 11% سنويًا. وأضاف أنه لا يمكن الحفاظ على معدل الإنتاج بدون الحصول على واردات أجنبية وتكنولوجيا حديثة، وهو ما يشير إلى تراجع في الإنتاج يتراوح بين 5 إلى 10% بحلول عام 2018. وكان «ليونيد فيدون» نائب رئيس شركة «لوك أويل» قد صرح في شهر مارس الماضي بأن إنتاج روسيا من النفط قد يتراجع بنسبة 8% بنهاية العام المقبل، ما يعني تقليص المعروض في سوق النفط العالمي بنحو 800 ألف برميل يوميًا. ويوضح تقرير «التليجراف» أن إستراتيجية «بوتين» طويلة الأمد تعتمد على العمل في القطب الشمالي، واحتياطات الصخر الزيتي في «بازهينوف» و «فولجا– الأورال»، إلا أن العقوبات الغربية طالت تلك المناطق نتيجة تجميد مشروعات لمشتركة فيها مع الشركات الغربية. وتفتقد روسيا إلى التكنولوجيا القادرة على جعل هذه المشروعات ناجحة على الجانب الاقتصادي، حيث يتجاوز متوسط تكلفة التنقيب في روسيا ثلاثة أمثال نظيره في الولاياتالمتحدة. كما يعتبر تراجع أسعار النفط في الوقت الحالي أكثر حدة مما كان في شهر يناير الماضي، حينما كانت الأسواق تعتقد أن الهبوط مجرد «صدمة قصيرة الأجل». الرئيس الروسي فلاديمير بوتين