أشار موقع "بيزنس إنسايدر" الأميركي اليوم الأربعاء إلى أن الرئيس الروسي أمام خيارين، إما تصعيد حدة سياسته الخارجية أو التركيز على الوضع الداخلي وإعادة الاستقرار إلى الاقتصاد الروسي، في حين توقع محللون عدم استمرار حال السكون في الشارع الروسي إذا واصلت الأوضاع في التدهور. وكانت مقالات وتحليلات وسائل الإعلام الغربية ركزت اليوم على أخبار الاقتصاد الروسي بعد الانخفاض الكبير الذي شهده الروبل أمس وخسارته 60 في المئة من قيمته منذ بداية العام، ما اضطر البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة الى 17 في المئة. ونقل "بيزنس إنسايدر" عن أحد مدراء المصارف الخاصة الروسية قوله إن رفع أسعار الفائدة بهذا الشكل يعني إنهاء قطاعات الاقتصاد الحقيقي في روسيا. وبيّن الموقع أن قدوم بوتين إلى السلطة قبل 15 عاماً استند إلى "عقد اجتماعي" قبل به معظم الروس، يعد بتحسن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، في مقابل عدم تدخلهم في القضايا السياسية. وعلى رغم رفعه مستويات المعيشة خلال الفترة السابقة، إلا أن المحللين يؤكدون أن السكون في الشارع الروسي لن يستمر مع عودة الأوضاع الاقتصادية إلى مرحلة العام 1998. واعتبر موقع "إن بي أر" الإلكتروني أن "الخلاف الجوهري بين الأزمة الراهنة وأزمة العام 1998 هو تمتع روسيا خلال فترة حكم بوريس يلتسن بعلاقات جيدة مع الغرب، في حين لم تشهد فترة حكم بوتين سوى الخراب لروسيا على الأصعدة كافة". وتحدثت صحيفة "دايلي تلغراف" البريطانية عن مخاطر إعادة روسيا سيناريو انهيار الاتحاد السوفياتي، وأشارت إلى إمكان إجبار موسكو الشركات شبه الحكومية على بيع أصولها في الخارج وإعادة إيداع الأموال في المصارف الروسية. وأعلن البيت الأبيض مساء الثلثاء عدم نية الإدارة الأميركية في تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على موسكو. في حين حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من سعي الولاياتالمتحدة إلى قلب النظام الروسي، مشيراً إلى قدرة بلاده على مواجهة مثل هذه الأزمات. وصرح نائب رئيس مصرف روسيا المركزي سيرغي شفيتسوف، أن الوضح حساس وأن ما جرى كابوس لم يكن ممكناً تخيله قبل عام. وأشار إلى أن القرار الذي اتخذه المصرف أمس كان بين خيارين كلاهما سيئ، وأضاف لا يمكن للمصرف عدم التحرك. وأعلن البنك المركزي الروسي اليوم أنه أنفق 1.96 بليون دولار الإثنين لحماية الروبل، ما يرفع الحجم الإجمالي لتدخلاته منذ مطلع الشهر إلى أكثر من 10 بلايين دولار. وعلى رغم استعادة الروبل بعض خسائره في وقت سابق اليوم، إلا أن تقارير إعلامية أشارت إلى وقف عمليات بيع العملات الأجنبية أو الحد منها في المصارف الخاصة. ومن الواضح أن السلطات الروسية تتعامل بحذر في القضايا المتعلقة بالاحتياطات الأجنبية مع تراجع قدرة الدولة على تغطية الديون الخارجية وحاجتها لأموال إضافية للحفاظ على النظام المصرفي في حال انهياره. وأشارت "دايلي تلغراف" إلى خطورة التضليل الذي يتبعه الزعماء الروس وإنكارهم الأزمة الاقتصادية التي تجتاح البلاد، الأمر الذي يذكر بحقبة الاتحاد السوفياتي. ومع تراجع أسعار النفط وانخفاض قيمة العملة، تراجع الناتج المحلي الإجمالي لروسيا ليبلغ 1.1 تريليون دولار، أي أقل من ناتج ولاية تكساس ونصف الناتج المحلي لإيطاليا، في حين أدى ذلك إلى مضاعفة نسبة الدين الخارجي بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 70 في المئة، ما يعني أن خفض شركات التصنيف العالمية لقدرة روسيا على الوفاء بالتزاماتها بات مسألة وقت. وقالت صحيفة "غارديان" إن روسيا خسرت الحرب الاقتصادية التي تخوضها مع الغرب مع توجه أعداد كبيرة من سكان موسكو إلى سحب أموالهم من أجهزة الصرف الآلية، وهو المشهد الذي يدل إلى وجود أزمة اقتصادية في البلاد. واضافت أن موسكو أمضت الأشهر التسع الماضية في حرب اقتصادية مع الغرب، وأمس كان يوم هزيمتها.