الهجرات الداخلية تعد من الظواهر التي تحتاج الاهتمام والتعمق في الدراسات والأبحاث والمتابعة المستمرة من المنبع إلى المصب أو من المرسل إلى المستقبل؛ لمعرفة أسبابها ومؤثراتها وهل مدن الاستقبال قادرة على الاستيعاب؟ ويمكن أن نجد المادة الدسمة إزاء ما يحدث بكل من المدن الكبرى خاصة الرياض، جدة، الدمام ولا نغفل بالتالي الأثر على المناطق المرسلة أو بصحيح العبارة (الطاردة) في المجال الزراعي والرعوي وحتى التجاري وتنمية المناطق الريفية ككل وعلينا خلق حالة وسطية توازنية بين سكان المدن والقرى للحد من تلك الهجرات بدون سن قوانين ولكن بالتطوير، لأنها في الغالب ترجع للحالة الاقتصادية والاجتماعية بالأرياف وتطلع أهل القرى إلى حياة أفضل واقل شقاء بتحسين الوضع المادي الفردي والجماعي بالانتقال إلى المدن والحصول على مستوى معيشي أفضل يحسن تلقائيا المستوى الاجتماعي للأسرة، كما أن توافر الخدمات الأساسية يعتبر جاذبا وساهم بشكل أساس في التشجيع للهجرة ما زاد عدد المهاجرين إلى المدن التي أصبح من الصعب التخطيط والتنفيذ لتطويرها وجعلها مواكبة عالميا، وكما نرى أن تنفيذ أي مشروع له تكلفة طارئة نسبة للزحام وطول وكبر المساحات المأهولة والازدحام في الانحاء دون أمل لوجود أماكن هادئة أو سهلة العبور والتكدس العمراني والحركي، وبالتالي هذه غير التكلفة الأساسية وهي إهدار للوقت والطاقات والأموال، ولتفادي الخلل المساعد فهناك مسائل كثيرة يستشفها القارئ والمواطن العادي ساعدت كثقافة يجب أن تلغى وهي أن أي مشروع يجب أن يكون قريبا من المنفذ الحدودي البرى أو البحري أو الجوى، وأحيانا الركوض قريبا من مناطق الاستهلاك والتوزيع واختيار العاصمة كخيار أول ومن بعدها مدن معينة لا تتعدى أصابع اليد كبديل ثانٍ أو ثالث حسب الأهمية الاقتصادية والسكانية كخفض لتكلفة النقل، وهذا خطأ لأن التكلفة المحلية ليست ذات تأثير مبالغ فيه وعليه يعاد توزيع المشاريع والصناعات والخدمات وحتى المرافق الحكومية، وتراعى المسافة والزمن ونوعية الخدمات وهذه اللامركزية قد تساعد نوعا ما في استقرار الزيادة المرتفعة جدا في عدد سكان بعض المدن الكبرى وبالتالي تقليل الزحام المروري والخدمي مما يمكن من تقديم الأفضل في التعليم والصحة والطرق والمواصلات وأيضا المحافظة على البيئة. هناك أسر كاملة أصبحت جزءا من المدينة الكبيرة ومن الصعب أن تبتعد عن مشاريع أقامتها وترك الأماكن التي استقرت فيها بشكل شبه نهائي حيث تربطها بالريف مناسبات معينة وبدورها انحسرت في الواتساب والوسائل الأخرى، ولكن من السهل وضع المحسنات والمحفزات الجاذبة خارج المدن الكبرى والمناطق المكتظة وذلك بعمل بنية تحتية جديدة ملائمة وجيدة مع توزيع الأراضي السكنية والصناعية والتجارية والزراعية وإيصال الخدمات العامة وتوفير فرص عمل جديدة لسكان المناطق المعنية بالدراسة كلم شمل، ومن الملاحظ أن كثيرا من الحالات فيها تشتت للأسر حيث يعمل بعض الأشخاص آلاف الكيلومترات بعيدا عن أسرهم وأيضا الملاحظ أن المهاجرين يفضلون السكن في أطراف المدن ويتعايشون في مجموعات منغلقة تسهل عملية التكافل فيما بينهم خاصة والكثير منهم بدون عائلات وربما يعتاد ويكيف نفسه على ذلك، والمحصلة أن تصبح عملية التواصل مع مسقط الرأس مستمرة بمن سافر ومن جاء حيث الأخبار التي توثق بالمشاهدة والحضور من القادمين تكون دائما أصدق من جميع أدوات التواصل، ولان القادم يجمع كل الحقائق عما يدور في الأسرة والقرية مما يبعث الاطمئنان ويساعد في الاستقرار رغم بعد المسافات. من الملاحظ أن الهجرات الداخلية عندنا ليست ذات ملامح محددة بمعنى انها لا تقتصر على جنس دون آخر أو سن معينة وحتى المستوى التعليمي لا يميزها ولا السلوك الذي يدفع البعض للتنصل من التكافل الملزم في المناسبات والأيام العادية واتباع العادات والأعراف رغم أن البعض يحاول نقل البعض منها إلى المدينة الكبيرة وهي سلوكيات اختيارية غير ملزمة أو هي بغير القوة والالتزام المعمول به في المنبع. وكما هو معروف فان الهجرة سبب مباشر في زيادة عدد سكان المدن المكتظة ويقابلها النقصان في القرى والهجر وتصعب الخدمات في الحالتين وتزيد نسبة العاطلين عن العمل والتحضر الزائف يقود إلى بعض أنواع الانحراف كما أن المحطة غير مقيدة للمهاجر وبالتالي غير نهائية وقد تحدث هجرات من تلك المدن أو تحركات وتنقلات داخل المدن وما حولها من المناطق. ومن سلبيات الهجرة أنها تزيد نسبة عنوسة الإناث، بل يقل عددهن كإناث تدريجيا، والشباب غالبا ما يتغير تفكيرهم وابتعادهم شيئا فشيئا عن القرية لتعودهم على نمط مختلف من الحياة وبس.