يستخدم علماء الرياضيات «أرقاما تخيلية» للتعبير عن مفاهيم مجردة مثل الجذر التربيعي للعدد سالب واحد، ويبدو أن الاتحاد الأوروبي يستخدم خدعة مماثلة في تصميمه لعملية إنقاذ لليونان. لسوء الحظ، يبدو من المرجح أن السحر الذي ينجح في الحساب سوف يحكم بالفشل على جهود الإنقاذ في أوروبا. إليكم مجموعة من الأرقام التي يمكن أن تفاقم الكارثة في اليونان. 50 مليار يورو حسب التصور، سوف تعمل خطة الإنقاذ على تسوير ما مقداره 55 مليار دولار من الأصول اليونانية، التي تتراوح ما بين الموانئ إلى المطارات إلى بيع موقع البارثينون الأثري (الواقع أني أمزح بخصوص بيع البارثينون). سيتم وضعهم في صندوق خاص وبيعهم من أجل تسديد الديون، وإعادة رسملة المصارف، والقيام باستثمارات غير محددة لتعزيز النمو في المستقبل. ولكن خذ بعين الاعتبار أن العائدات المتأتية من عمليات الخصخصة اليونانية الجارية بالفعل من المتوقع أن تجمع مبلغ 4 مليارات يورو. علاوة على ذلك، إن القيمة السوقية لأحد الأصول الأفضل في اليونان، وهو سلطة ميناء بيرايوس، هي حوالي 333 مليون يورو- منخفضة بنسبة 23 بالمائة خلال العامين الماضيين. وقال وزير الاقتصاد اليوناني جورج ستاثاكيس لتلفزيون بلومبيرج: «أنا لا أعتقد أننا سوف نشرع في عمليات خصخصة حقيقية لتلك الأصول»، مضيفا أن المقتنيات المطلوبة للوصول لذلك المجموع الإجمالي من المبيعات «من الواضح أنها غير موجودة». وإذا كان حتى وزير الاقتصاد اليوناني لا يعتقد أن هنالك 50 مليار يورو من الموارد القيمة التي يمكن بيعها بسرعة لدعم قروض جديدة، فلماذا ينبغي على أي شخص آخر الاعتقاد بذلك؟ 200 بالمائة في السنتين القادمتين، سوف تصل ديون اليونان ذروتها لتمثل 200 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب ما قال صندوق النقد الدولي في تقرير نشر في الأسبوع الماضي. قبل أقل من أسبوعين، كان توقع صندوق النقد الدولي هو مجرد 170 بالمائة. كلا الرقمين يبعدان بمقدار مليون ميل عن نسبة 60 بالمائة التي حددتها معاهدة ماستريخت الأصلية كهدف للتأهل لأي دولة تريد اعتبارها جديرة اقتصاديا لنيل عضوية اليورو. وإن قضية إعادة جدولة الديون (أو إعادة تشكيل وضع الديون، أو التجميد المؤقت، أو التمديد، أو أي عبارة تلطيفية تختارها لتعني أن «اليونان لا يمكنها أن تقوم بعمليات تسديد الديون» تحتل الصدارة ببطء. الحقيقة هي أن اقتصاد اليونان قد وصل للحضيض بشكل كبير حيث إنه لا أحد يعرف حقا كم ستصبح هذه الدولة مثقلة في الديون في النهاية. سنتان هذه هي المدة الزمنية التي دامت خلالها ضوابط رأس المال في قبرص، بعد أن أعلنت إفلاسها. لا تزال مصارف اليونان مغلقة، وشعبها لا يزال مقيدا بسحب 60 يورو في اليوم كحد أقصى من خلال أجهزة الصراف الآلي. في الوقت نفسه، ينفذ من المصارف الضمانات التي تحتاجها للاقتراض من البنك المركزي الأوروبي، وستحتاج إلى ضخ من هيئة آلية الاستقرار الأوروبية. وحسب ما تقول المفوضية الأوروبية، فإنه «نظرا لغياب الدعم المقدم من هيئة آلية الاستقرار الأوروبية، لن تكون مخاطر الاستقرار المالي لليونان قابلة للإدارة وحتما سوف ينهار القطاع المصرفي». كما أغلقت المصارف اليونانية منذ نهاية شهر يونيو، ولا يزال وقت إعادة فتحها مجرد تخمينات. لكن، كما أظهرت قبرص، بمجرد أن يتم وضع ضوابط لرأس المال، سيكون من الصعب جدا تخفيفها دون وجود آخر يورو يحاول الهروب. 3.5 مليار يورو هذا هو المبلغ الذي من المقرر أن تقوم اليونان بتسديده للبنك المركزي الأوروبي قبل شهر، لو كنتَ قد سألتَ أي شخص ما هي الآثار التي يمكن أن تترتب على فشل اليونان في الدفع، لكانت الإجابة بأن ذلك يعني خروج اليونان من منطقة اليورو. اليوم هذا المبلغ هو مجرد رقم تخيلي آخر. فقد تخلفت اليونان أصلا عن تسديد قرضين مستحقين إلى صندوق النقد الدولي، وفوَّتت كثيرا من المواعيد النهائية إلى درجة أن تفويت موعد نهائي آخر لم تعد له قيمة.